انقضت صلاة الجمعة في جامع البرج بعكا القديمة الملاصق لبيت الحاجة سلوى زيدان (أم أحمد) التي باتت رمزاً للصمود، رغم محاولات ما يسمى "شركة تطوير عكا" الإسرائيلية، تهجيرها من بيتها، الذي تسكنه منذ أكثر من خمسة عقود وأنجبت فيه عشرة من الأبناء والبنات.
قضية أم أحمد أعادت للمسجد مكانته، ففتح للصلاة من جديد في عام 2014. ومن فوق أسوار بناها ظاهر العمر الزيداني، انطلقت فعاليات "شهر مناهضة الأبرتهايد الإسرائيلي" في عكا القديمة، نظمتها جمعية "فلسطينيات"، لتعريف المشاركين بطرق تهجير إسرائيل لأهالي عكا منذ النكبة وحتى اليوم.
أبرز ما قالته الحاجة أم أحمد في الافتتاح "من عكا مش طالعين"، مستدركة "بدأت محاولات تهجيرنا من البيت منذ 25 عاما. نحن صامدون ولن نتزحزح من هذا المكان. باعوا البيت ونحن فيه، واشتريناه سابقاً من الأوقاف".
وسام عبد الحميد، ابن عكا قال لـ "العربي الجديد" إن "هذا المسجد (البرج) أقيم للمجاهدين والمرابطين الذين كانوا تاريخياً يعملون فوق أسوار عكا. كان مهملاً، وحاولنا إعادة استغلاله كمسجد منذ عام 2014. قضية الحاجة سلوى زيدان والمسجد فتحتا أعيننا على ملفات ومخططات كثيرة متعلقة بمعالم أخرى في عكا القديمة، منها مخطط يستهدف خان العمدان".
بناء فوق الخان
محطات كثيرة توقفت عندها الجولة. إحداها كانت عند "خان الشواردة"، الذي حذرت هزار حجازي، مرشدة الجولة من مخطط يستهدفه، وقالت: "الفترة المزدهرة من تاريخ عكا بدأت في حقبة حاكمها ظاهر العمر الزيداني، الذي بنى خان الشواردة، الذي كان أشبه بمركز تجاري وملاحي. والجزء السفلي منه بات معداً للمقاهي ولأهداف سياحية".
اقرأ أيضاً: 800 اسم تهويدي جديد لشوارع عربية في القدس المحتلة
وأوضحت أن" المشروع السياحي أزال الأدلة عن تاريخ الخان، الذي يحتاج إلى من يكتب قصته من جديد. كما أن ما يسمى شركة تطوير عكا، تنوي بناء فندق فوق الخان من 76 غرفة، وهنا يكمن دورنا في التصدي لهم، كيلا يبنوا فوق تاريخنا ويطمسوه".
الصعود فوق خانات عكا، يكشف حاراتها ومساجدها ومعالم أخرى، وكذلك مبنى حديثاً وضخماً يستخدم كفندق، تعمدت الجهات الإسرائيلية تشييده عند مدخل البلدة القديمة، جعلته أكبر من المساجد، للتأكيد على هوية المسيطر وتهميش تاريخ المدينة.
إخلاء في حارة القلعة
في حارة القلعة، أكد كايد أبو حمام لـ "العربي الجديد" محاولات ترحيله من بيته، الذي "تسكنه عائلتي منذ ما قبل الاحتلال الإسرائيلي. في عام 2009 فوجئنا باعتبارنا محتلين للبيت وحضرنا جلسات محاكم عدة، آخرها مطلع الشهر الجاري، خلصت إلى أن أستأجر بيتي من شركة عميدار الإسرائيلية. ليس هنالك ما يثير السخرية أكثر من هذا. قبلت بالحل مضطراً لأن غير ذلك يعني إخراجي من البيت بالقوة".
وفي حي القلعة أيضاّ يلاحق شبح التهجير عائلة طنطوري، التي تسكن في ثلاث وحدات سكنية. محمود طنطوري أوضح لـ "العربي الجديد" أنها كانت لأبيه ومن قبله لجده، مضيفاً "القضية في المحاكم منذ سنوات، وهناك اعتراف غير مباشر بأن المبنى الذي نسكنه كان لجدي ووالد جدي أيضاً. الحل المطروح اليوم أن ندفع مبلغاً مالياً لمحامي الشركة الإسرائيلية، وأن ندفع إيجاراً عن سبع سنوات مضت. القرار ظالم، وعدم الدفع يعني خسارتنا لبيوتنا. القضية لا تتوقف هنا، فهناك عائلات كثيرة في عكا وضعها الاقتصادي الصعب يعرّضها للتهجير، كما أن الديون الناجمة عن هذا الخيار قد تستمر لأجيال".
المحامي جهاد أبو ريا من جمعية "فلسطينيات" المنظمة للجولة، قال معقباً "الفاشية والعنصرية الموجودة في إسرائيل ليست موجودة في أي مكان آخر في العالم. العائلات هنا موجودة في بيوتها قبل النكبة، ولكن الجهات الإسرائيلية لا تعتبر ذلك دليلاً. إنه حصار وتهجير وتطهير عرقي واضح للعيان".
استهداف التاريخ فتح باب الهجرة
علاء الحاج من "الحراك الشعبي الموحد في جديدة – المكر"، ينشط ضد مخطط إقامة بلدة على أراضي الطنطور المهجرة. أوضح أن " المخطط يهدف أصلاً إقامة مبان من عدة طبقات، هدفها الأساسي استقطاب أهالي عكا العرب لتلك المنطقة"، مضيفاً "في تسعينات القرن الماضي اقنعوا الإسرائيليون عدداً من الأهالي بالهجرة إلى مبان أقيمت خصيصاً لأهالي عكا في قرية المكر المجاورة، وهي اليوم أشبه بمخيمات، كما أنها مستنقع للسلاح والمخدرات والعنف. نُقلوا إليها وأهملوا. ساهم الجهل في إنجاح ذلك المخطط، لكن اليوم هنالك وعي أكبر وعمل على التصدي للمخططات الإسرائيلية".
اقرأ أيضاً: 29 ألف توقيع لعريضة منع إخلاء منزل عائلة مقدسية