حول كتاب "في نفي المنفى.. حوار مع عزمي بشارة" الصادر عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" للكاتب صقر أبو فخر، نظّم مركّز "مدى الكرمل" ندوة عند السادسة من مساء أمس الأربعاء في "مقهى المها الثقافي" في مدينة الناصرة المحتلة شارك فيها الكاتب أنطوان شلحت، والأكاديمي مهند مصطفى مدير عام المركز، وأدارتها المحامية في "مركز عدالة القانوني" سوسن زهر.
أشارت زهر في تقديمها إلى أن "الكتاب أن يتناول زاوية مثيرة وجديدة في سيرة صاحب "المثقف والثورة" وتحليل فكره وأعماله، وتستحضر كذلك بشارة الإنسان في رحلته التي سارها في دروب شائكة منذ أكثر من ثلث قرن".
ويستند مصطفى إلى مقولة بشارة "لست سياسياً بالمعنى السائد لمصطلح رجل السياسة، بل مناضل، بمعنى أني قمت بعمل سياسي ضد الظلم ومن أجل العدل" التي يوردها الكتاب، بوصفها "عبارة تلخصّ تجربة عزمي بشارة السياسية ضدّ الاحتلال"، موضحاً "هو لم يمتهن السياسة، بمعنى أنه لم يكن موظفاً في العمل السياسي تنتهي مدة خدمته مع انتهاء منصبه الرسمي".
يضيف "كُتبت الكثير من الدراسات الجامعية والأبحاث العلمية والكتب عن صاحب "أن تكون عربياً في أيامنا" في السنوات الأخيرة، تناولت دوره في الفكر القومي العربي، وتنظيراته حول الثورات العربية، لا سيما مقاربته القومية للديمقراطية، ومقاربة القومية ديمقراطياً، ولا تزال مؤلّفاته تمدّ الباحثين بمقولات تنظيرية لفهم التحولات السياسية والفكرية والاجتماعية للفلسطينيين بمواجهة المحتل، إلا أن أهمية الحوارات التي تضمّنها كتاب أبو صقر، تنبع من تقديمها أجزاءً من التجربة الشخصية".
ويرى أن "الفرق بين هذه الحوارات وحوارات أخرى أجريت مع بشارة سواء في الصحف ووسائل الإعلام أو في المجلات العلمية، بأن الأولى تمثّل شهادة لأحد أهم القيادات السياسية والفكرية حول دوره في مسيرة الفلسطينيين ضد "إسرائيل"، وفهم شخصية ساهمت في التأثير وصياغة هذا الواقع، بمعنى أنها حول بشارة ودوره بينما ركّزت المقابلات الأخرى على رؤيته".
أما شلحت فأوضح في ورقته إلى أن "الكتاب يتطرّق إلى مسألتين ترتبطان بواقعنا هنا، هما القضية الفلسطينية ومستقبلها، وقضية الفلسطينيين في المناطق التي احتلتها إسرائيل 1948، ويميّز أحكام بشارة حيالهما، كما حيال سائر القضايا التي يتناولها بالدرس والتحليل والاستشراف؛ هو وعي ما ينطوي عليه الماضي من مدلولات، إلى جانب عُمق المواكبة، وما تتطلّب من تغيّر وتطوّر في فهم الحاضر وامتلاك المستقبل".
ولفت إلى "تقديم رؤية بشارة حيال جوهر القضية الفلسطينية وأفق حلّها، ولا سيما تركيزه على ارتباطها مع ما أسماه "المسألة اليهودية" و"المسألة العربية"؛ الأولى من حيث مكانتها في العالم وخصوصاً في الغرب، والثانية من حيث ما تتضمنه من بُعد أداتي في التعامل مع قضية فلسطين".
كما نبّه إلى أن "بشارة يعتبر اتفاق أوسلو، من الناحية السياسية الواقعية، خطيئة، وليس خطأ فحسب. فلم يحصل الفلسطينيون على أي شيء لقاء "السلام المنفرد مع إسرائيل". وكل ما حصلوا عليه هو الاعتراف بـ"منظمة التحرير الفلسطينية"، لا الاعتراف بدولة، وهذا هو الإنجاز الرئيس في أوسلو. وهو ليس إنجازاً فعلاً، ففي النهاية ضُحِّي بالمنظمة على مذبح السلطة الفلسطينية. ومع أن الاتفاق أدى إلى عودة جهاز "منظمة التحرير الفلسطينية"، التي كان محرماً عليها العودة إلى أي جزء من فلسطين، إلا إنها عودة القلة المشروطة بعدم عودة الكثيرين؛ عودة جزء من جهاز منظمة التحرير من دون اللاجئين، أي عودة تنفي حق العودة".
واختتم شلحت "في ما يخصّ قضية فلسطين مهّد بشارة الطريق لاستراتيجية فلسطينية تواجه الحال التي آلت إليها هذه القضية اليوم، وذلك عن طريق نهجه الذي يقوم على الأركان التالية: تشخيص الواقع؛ هيكلة المصلحة الوطنية الفلسطينية؛ تحديد الأهداف المرحلية والبعيدة المدى".