"قوات سورية الديمقراطية" يد موسكو وواشنطن لضرب المعارضة

21 فبراير 2016
قوات سورية الديمقراطية تسيطر على الشدادي (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
لم يمضِ سوى أربعة أشهر على إعلان تأسيس "قوات سورية الديمقراطية"، التي تُشكّل قوات "حماية الشعب" الكردية السواد الأعظم من وحداتها المقاتلة، حتى باتت هذه القوات مسيطرة على معظم محافظة الحسكة (آخرها مدينة الشدادي، مساء الجمعة)، أقصى شمال شرقي سورية، وكامل ريف الرقة الشمالي، وأجزاء واسعة من أرياف حلب الشمالية والشرقية، شمال سورية.

طرح التمدد السريع للتشكيل الجديد، الذي يضمّ تحت لوائه ائتلافاً لمليشيات تحالفت في وقت سابق لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، شرق وشمال سورية، تساؤلات حول أسباب نجاحه بالسيطرة على مناطق واسعة من الأراضي السورية، التي كَثُرَت فيها الأطراف المسلحة، المتنازعة السيطرة.

تمكنت "قوات سورية الديمقراطية" من القضاء بشكل فعلي على وجود "داعش" في معظم مناطق محافظة الحسكة، وخصوصاً في الريفين الشرقي والغربي، اللذين كانا تحت سيطرة التنظيم بشكل شبه كامل، وذلك بالاستفادة من الغطاء الجوي الذي يؤمنه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. بعدها، نجحت "قوات سورية الديمقراطية" في الحفاظ على المناطق التي طردت "داعش" منها، تحديداً منطقتي تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، وعين العرب، بريف حلب الشرقي، اللتين سيطرت عليهما قوات "حماية الشعب" العام الماضي.

وكانت "قوات سورية الديمقراطية" قد تأسست في البداية في محافظة الحسكة في النصف الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من ائتلاف يضم قوات "حماية الشعب" وقوات "حماية المرأة" الكردية وقوات "جيش الصناديد" المكون من مقاتلين من أبناء عشيرة شمر، وقوات "ألوية الجزيرة" المكون من مقاتلين عرب من عشائر متحالفة مع القوات الكردية، وقوات مجلس الحماية السرياني (سوتورو) المكون من مقاتلين مسيحيين من أبناء منطقة وادي الخابور بريف الحسكة الغربي، ومن مقاتلين تابعين للفصائل المنضوية في غرفة عمليات "بركان الفرات" كـ"لواء ثوار الرقة" وتشكيل "جيش الثوار". بعدها، ضمّ تشكيل "قوات سورية الديمقراطية" مزيداً من المقاتلين مع اتساع مناطق سيطرته، تحديداً في مناطق سيطرته في ريف حلب الشمالي أخيراً على حساب قوات المعارضة السورية.

جاءت التطورات الأخيرة في ريف حلب، لتكشف اللثام عن الخطر الكبير الذي يشكله وجود "قوات سورية الديمقراطية" على وجود فصائل المعارضة المسلحة. ذلك أن هذه القوات ممثلة بقوات "حماية الشعب الكردية" و"جيش الثوار"، المكوّن من مقاتلين عرب منشقين عن المعارضة المسلحة، لم تتردد بالانقضاض على مناطق سيطرة المعارضة بريف حلب الشمالي.

اقرأ أيضاً: "سورية الديمقراطية" تعلن إطباقها الحصار على معقل "داعش" بالحسكة 

تزامنت هذه الهجمات مع هجمات قوات النظام والمليشيات الموالية لها بغطاء جوي روسي منذ مطلع الشهر الحالي على المعارضة السورية، لتنهكها وتُكبّدها خسائر فادحة. الأمر الذي سمح فيما بعد لـ"قوات سورية الديمقراطية" بالسيطرة على مطار منغ العسكري وبلدة منغ ومدينة تل رفعت وبلدات وقرى كفرناصح وكفرنايا ودير جمال وعين دقنة ومرعناز والزيارة ومريمين والمالكية وغيرها، التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية المسلحة في ريف حلب الشمالي. انحسر بالتالي وجود المعارضة أخيراً في منطقتي أعزاز ومارع والمعبر الحدودي القريب مع تركيا ونحو عشرين قرية فقط في المنطقة.

على الرغم من أن المصادر الميدانية أكدت مراراً أن الغارات الجوية التي دعمت "قوات سورية الديمقراطية" ضد قوات المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي، كانت من الطيران الروسي، إلا أن ذلك لا يلغي حقيقية دعم الولايات المتحدة لهذه القوات.

تجلّى الدعم الأميركي بمطالبة تركيا مراراً بـ"التوقف عن قصف مواقع قوات حماية الشعب الكردية (التابعة لقوات سورية الديمقراطية) في ريف حلب بقذائف المدفعية"، إلا أن تركيا ما زالت تواصل القصف من دون الاكتراث للطلبات الأميركية".

وقد حصلت "قوات سورية الديمقراطية" على ما يبدو على الثقة الأميركية، بفضل إثبات مكوناتها الكفاءة العالية والالتزام العالي بمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي يشكل القضاء عليه، الهدف الأول لسياسة الولايات المتحدة حالياً. ذلك لأن قوات "حماية الشعب" الكردية وحلفاءها في "بركان الفرات": "جيش الصناديد" وقوات "سوتورو" وغيرهم، وجّهوا بنادقهم فقط نحو تنظيم "داعش"، ولم ينشغلوا أبدا بمحاربة قوات النظام، التي ما زالت تسيطر على مدينة الحسكة وعلى نصف مدينة القامشلي في الشمال، وعلى مطار القامشلي، وعدة أفواج وقطع عسكرية بريف الحسكة، بل إن قوات "حماية الشعب" الكردية، قاتلت كتفاً إلى كتف مع قوات النظام إبان هجوم "داعش" على مدينة الحسكة في شهر أغسطس/آب الماضي.

كما توّج تشكيل "قوات سورية الديمقراطية" حسم الموقف الأميركي المتردد تجاه تسليح المعارضة السورية لمواجهة "داعش"، وذلك بلفت النظر عن هذا المشروع والالتفات لتقديم الدعم العسكري اللوجستي والدعم السياسي لتلك القوات بدلاً من المعارضة السورية.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت الولايات المتحدة بإرسال عشرات المستشارين العسكريين إلى مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" في ريف الحسكة وفي عين العرب بعد الانتصارات التي حققتها على حساب "داعش" والتي تمثلت أخيراً بسيطرتها على بلدة الهول الاستراتيجية بريف الحسكة الشرقي نهاية العام الماضي، وعلى سدّ تشرين على نهر الفرات، بريف حلب الشرقي الشهر الماضي، لتعبر نهر الفرات نحو ضفته الغربية، كاسرةً الخط الأحمر التركي الرافض لهذا العبور.

الآن، تنتظر "قوات سورية الديمقراطية"، على ما يبدو ضوءاً أخضر للقضاء على آخر معاقل المعارضة السورية، في ريف حلب الشمالي بعد تراجع وتيرة هجماتها إثر تصعيد تركيا قصفها لقوات "حماية الشعب" الكردية بريف حلب، وحشدها المزيد من القوات البرية على الحدود القريبة مع سورية.

اقرأ أيضاً: دي ميستورا يلمّح لتأجيل المفاوضات والمعارضة تعتبرها..خدمة للنظام السوري

المساهمون