تفوح رائحة الدهانات ويتطاير غبار الأسمنت وتتناثر قطع من الأقدام والأذرع في كل مكان، إنه المشهد في إحدى ورش صناعة دُمى "المانيكان" في حي عمرو بن العاص بمحافظة القاهرة.
أطفال دون الخامسة عشرة يعملون بهمة عالية، وتحدد لكل منهم مهمة في صناعة المانيكان، لا تمنعهم رائحة المواد البترولية ولا إرهاق العمل، من استكمال عمل يحبّونه ويعتبرونه جهدا مهما يساعدهم في إعالة أسرهم وتحسين أحوالها المعيشية.
يشرف على هؤلاء ويوجههم الثلاثيني المصري، إسلام نجاح عبدالهادي، الذي بدأت رحلته عندما كان في الخامسة عشرة، حيث كان يعمل في إحدى الورش واستمر فيها حتى أتقن المهنة، إلى أن قرّر في النهاية فتح ورشته الخاصة.
ويؤكد أنه لو تتوافر المواد الخام، يمكن حينها التصنيع في مصر بأسعار أقل بكثير، بسبب تدهور قيمة الجنيه أمام الدولار، حيث إن مخاطر المهنة تنتهي بمجرد توفير المادة المستخدمة، بما يمثل مصدر دخل لكثير من الأفراد والعائلات.
وعن الأدوات المستخدمة، يقول عبدالهادي إن "الفايبر غلاس" هي المادة الأساسية التي تُصنع منها دُمى "المانيكان"، في حين أن الصين صنّعت مادة أقل جودة من البلاستيك، لكنها تتميز بأنها عملية ولا تنكسر بسهولة، كما أنها لا تحتاج إلى صيانة.
أما مراحل صناعة المانيكان، فتبدأ، بحسب عبدالهادي، من تجهيز القالب الخشبي، وبداخله طبقة خفيفة من الكاوتشوك على شكل المانيكان، ثم تصب مادة "الفايبر غلاس"، وتُضاف إليها مواد صلبة أخرى، وعندما تتماسك المكوّنات يُنزع القالب عنها، ويتم تشكيل كافة أجزاء الجسم بالطريقة ذاتها، وبعد ذلك يتم دمج الأجزاء ليظهر المانيكان في شكله النهائي، ثم ينتقل إلى مرحلة "الصنفرة" (الحفّ والتنعيم) والطلاء بالمعجون، لينتهي إلى الدهان بالألوان.
وتختلف أسعار المانيكان، بحسب كثاقة المادة المستخدمة، وفقا لعبدالهادي، إضافة إلى جودة تقفيل المانيكان وشكل الأصابع ومحيط الصدر والوجه والقاعدة، أكانت من الزجاج أو الاستنلس، باعتبار أن كل هذه العوامل تؤثر في السعر كثيرا.
يبقى أن أنواع المانيكان عديدة، منها بلا وجه وآخر "مطموس"، ويعتبرهما البعض ماكينات شرعية، كما أن ثمة أنواعاً أخرى لا تُصنع في مصر، وهي مانيكان العمالقة والأقزام والحوامل.