"مرايا العتمة": الذات كما عكستها الكولونيالية

24 يوليو 2020
ساحة فرنسا في الدار البيضاء، 1917، تصوير: غيو فرانس
+ الخط -

كيف تدخلت أربعة عقود ونصف من التدخل الاستعماري الأوروبي في الهوية المغربية؟ فكما هو الحال في أماكن أخرى في أفريقيا، أنشأت الفترة الاستعمارية في المغرب (1912-1956) نوعًا جديدًا من المجال السياسي الذي تحولت فيه الأفكار والعلاقات بين السياسة وتكوين الهوية بشكل أساسي، وتركت أثراً كبيراً  شغل الدراسات والأبحاث السوسيولوجية. 

وخلال فترة الحماية وعبر التفاعلات بين مجموعة واسعة من اللاعبين الأوروبيين والمحليين، تم تسييس أبعاد رئيسية للهوية المغربية بشكل لا يُمحى: الدين والعرق والأرض. 

وينعكس هذا الميراث الاستعماري اليوم في المناقشات حول الثقافة الاجتماعية وحضور الدين والتعددية والإصلاحات، وأوضاع المرأة والاعتراف بالثقافات الأخرى غير العربية مثل حضور اللغة الأمازيغية كلغة قومية إلى جانب اللغة العربية؛ دون إغفال مسألة الصحراء الغربية؛ والهيمنة على المجال السياسي المغربي.

غلاف الكتاب

في هذا السياق، يأتي كتاب الباحث المغربي محمد ناجي بن عمر الذي يصدر قريباً عن جامعة أكادير، تحت عنوان "مرايا العتمة: مدخل إلى السوسيولوجيا الاستعمارية 1864 ـ 1925". 

يأتي الكتاب في سياق الدراسات التي سبق لبنعمر وأن قدمها إما كاتباً أو مترجماً، ومن أبرزها كتاب "رائحة البارود" للنقيب كورني الذي يستطلع ملامحَ الاحتال الفرنسي للجنوب المغربي، ضمن مشروع أكبر يسعى فيه الباحث إلى إعادة قراءة الكتابات الكولونيالية: الإثنوغرافية والأنثربولوجية والسوسيولوجية والعسكرية والديبلوماسية، من منطلق إعادة التحديق في ملامح الذات المنعكسة في مرآة الآخر. 

يرى بن عمر أن إعادة قراءة هذه الصورة تسدي الكثير من المعرفة للمغرب المعاصر بمُدُنه وقُراه وصحاريه وقبائله وحياته الاجتماعية والسياسية والدينية.

قراءة هذه الصورة تسدي الكثير من المعرفة للمغرب المعاصر

لفهم الصورة المغربية في مرايا الكولونيالية اهتم بنعمر بأعمال لويس أرنو، وإدموند دوتي، ورينولد دو لاشارير، وروبرت مونتاني، والمركيز دو سي سيغونزاك، فهؤلاء كتبوا عن المغرب من منطلقات استعمارية، فدرسوا ووثقوا للمكان وأهله من الجغرافيا إلى العادات والطقوس والشعائر والطوائف الدينية، ووصفت الزوايا والحصون والقصور والقصبات والأضرحة. 

من هنا سبق للباحث وأن ترجم "زمن لمحات السلطانية: الجيش المغربي وأحداث قبائل المغرب ما بن 1860 – 1912"، للويس أرنو، ولإدموند مونتاني ترجم كتابيه "مراكش، قبائل الشاوية ودكالة والرحامنة سَنَتيَ 1901 – 1902"، و"الصلحاء، مدوّنات عن الإسلام المغاربي خلال القرن التاسع عشر". كما ترجم "رحلة إلى المغرب 1910 - 1911 خال مسالك الشاوية وسوس والحوز وفاس" لدو لاشارير، و"الحياة الاجتماعية والسياسية للبربر" لمونتاني.

المساهمون