"مصر الروسية": منذ نهاية القرن الرابع عشر

26 اغسطس 2020
(لوحة القاهرة للفنان الروسي إيفان إيفازوفسكي نهاية القرن الـ 19)
+ الخط -

تعتبر المصادر التاريخية رحلة الأسقف الروسي أغريفيني عام 1370 إلى مصر، أولى الرحلات الروسية التي تمّ تدوينها بما سجّله من ملاحظات ومعلومات حول المدن التي زارها، وتحضر بعد قرابة قرن رحلة فاراسانوفي التي وثّقها على نحو أكثر تفصيلاً وغنى في مشاهداته، لتتوالى بعدها رحلات عدد من رجال الدين والأمراء والتجار الروس حتى القرن التاسع عشر.

أدّت تلك الزيارات إلى جملة تأثيرات لدى الروس الذين تعرّفوا على العديد من الأدوية المصنّعة من الأعشاب والنباتات المصرية وأصبحت رائجة في الأسواق، كما تأثّر العديد من الفنانين الروس على الحضارة الفرعونية التي تسّربت العديد من رموزها وأساطيرها في أعمالهم.

"مصر الروسية" عنوان كتاب أستاذ التاريخ المعاصر فلاديمير بيلياكوف الذي صدرت نسخته العربية حديثاً عن "المؤسسة المصرية الروسية للثقافة والعلوم" بالتعاون مع "معهد الاستشراق" بموسكو، بترجمة سامية توفيق ومراجعة منى الدسوقي.

يضيء الكتاب قصة كتّاب وفنانين روس أقاموا في مصر

يعود المؤلّف إلى الرحلات الروسية الموثّقة إلى العديد من الكنائس المصرية والمواقع التاريخية والمدن على طول نهر النيل، ومنها رحلة أ. ف. إليسييف إلى سيناء عام 1881، والتي تختلف عن سابقاتها من الزيارات التي اهتمّت بالمراكز الدينية القبطية، حيث دوّن فيها انطباعاته وآراءه الشخصية حول عادات المصريين وتقاليدهم، وطبيعة النظام السياسي للدولة المصرية.

يتطّرق الكتاب ايضاً إلى صلات الروس بالحركة الوطنية المصرية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مسجّلاً اجتماع شخصيات روسية في فندق الكونتيننتال لتدارس اعتقال عدد من الثوريين في الإسكندرية عام 1907، كما ناقش أوضاع المهاجرين الروس الذين عاشوا في مصر بعد الحرب الأهلية في موسكو منذ بدايات 1920، وإنشاء معسكر للمهاجرين الروس في ثكنات خشبية في سيدي بشر بالإسكندرية.

غلاف الكتاب

 

ويتناول الكتاب أيضاً قصة حياة الفنان الروسي إيفان بيليبين (1876-1942) الذي أقام فترة في مصر وترك ذلك أثراً ملموساً في تجربته، وكذلك سيرة عالم الآثار الروسي فلاديمير غولينيشف، والذي افتتح قسم الآثار المصرية في جامعة القاهرة عام 1924، وظلً يعمل فيه حتى عام 1929، كما أنشأ مجموعة التحف المصرية القديمة في "متحف الأرميتاج" و"متحف بوشكين للفنون التشكيلية"، ويكشف رحلة راقصة الباليه الروسية آنا بافلوفا إلى مصر، وانتقالها بين القاهرة والإسكندرية خلال عام 1921، وغيرها.

كما يضيء على مشاركة الجنود الروس في العمليات العسكرية في شمال أفريقيا في سنوات الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، وحضور العديد من الشخصيات السياسية والاقتصادية والثقافية الروسية في تاريخ مصر المعاصرة.

يشير بيلياكوف في تقديم للكتاب إلى أنه كان يجهل تفاصيل حياه الروس في مصر، حتى سافر إليها عام 1986 للعمل مراسلاً لصحيفة "برافدا"، مضيفاً: "بدأت البحث عن آثار الروس في هذه الدولة، وبعد عودتي إلى موسكو في نهاية عام 2000، لم تتوقف عمليات البحث، بل انتقلت إلى الأرشيفات والمكتبات الروسية، ويروي هذا الكتاب نتائج أعمال بحثي التي استمرت قرابة عشرين عاماً عن "مصر الروسية".

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون