بياضٌ رعدي

20 سبتمبر 2024
قادر عطية/ الجزائر
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نسيتُ كلمة السرّ، وتسلّل لصوص إلى الطابق السفلي، لكنّي ما زلتُ صامداً. حلمتُ بلؤلؤة دفينة، لكنّني غفوتُ واندكّت أضلعي تحت الموج.
- بعد ثلاثة أيام، طفا هيكلي العظمي على الورقة، أكثر بياضاً وأقلّ ثرثرة. أنا غريب، لا أحتاج جناحاً أو تعويذة، فقط الريح.
- أجلس وحيداً، أرى ثقباً أسود بين الظُّهر والعصر. العمر كان حرباً قذرة، والآن يُشعشع عليَّ القنابل. ديبلوماسيو القيامة لملموا أوراقهم وانصرفوا.

كلمة السرّ

نسيتُ كلمة السرّ، هذا كلُّ ما في الأمر.
تسعة وأربعون لصّاً تسلّلوا إلى الطابق
السفلي؛ ظنّوا أنّهم صلبوني، لكن هيهات:
ما زالت إصبع قدمي تهتزُّ فوق الرمال.

غفوتُ وحلمت طويلاً بلؤلؤة دفينة في 
قاع البحر، ولكن، لأنّي قليل الحيلة كثير
النسيان، اندكّت أضلعي القديمة تحت
الموج، وامتصّت غَيْدَقةٌ منمقَّة دمي.

ثلاثة أيام بلياليها، كانت كافية ليطفو
هيكلي العظمي على سطح هذه الورقة،
أكثر بياضاً وأقلّ ثرثرةً، مثل بَلَشُون
نائم في حقلٍ منذور سَلفاً للنفايات.

هكذا أنا: غريب، لستُ بحاجة إلى جناح
أو تعويذة نجاة؛ بحاجة فقط إلى الريح.
سوف لن أكون حزيناً، إذا تبدَّد ريشُ
قبري كلُّه مع ما تبقّى من غبار الطفولة.


■ ■ ■


دبلوماسية القيامة

أجلس وحيداً، بعد زوال الاثنين. أنظر إلى العالم ولا أراه.
ينفتح ثقبٌ أسود بين الظُّهر والعصر، لم أتخيّل وجوده
من قبل. بالتأكيد، ليس هذا هو الوقت المناسب لتجربة 
الأمل، أو تصديقِ خرافة "الإنسان مقياس كلّ شيء".

نافذتي تطلُّ على ساحة الفنون، ومع ذلك، لا أرى أحداً
يرقص أو يغنِّي. لا أرى يداً في المقلب الآخر من الشارع
تمسح الغبار عن شرفات الفندق الكبير؛ وحدهُ القِرميد،
الأخشنُ من جلد تمساح، يلمعُ ضجراً تحت الشمس.

لم يكن العمر فسحة، كان حرباً قذرة. ليس لي عذر
إلّا أنفاسي التي تدرّجت مع الهزائم، ليس لي درع إلّا هذه
الخوذة التي حزّزتها العصافير. ثم كيف أرجو الخير كلَّ
صباح، وأنا أغادر بيتي قسراً كالمطرود من مشيمة؟

لطالما حدّقتُ في عين اللاشيء دون خوف. والآن، ها هو
يُشعشع عليَّ القنابل. بياض رعديٌّ يسطع من المستقبل،
يا لها من مأساة! قبل قليل، لملم ديبلوماسيو القيامة
أوراقهم وانصرفوا. لا وقت يكفي حتى لإملاء وصية.


* شاعر من المغرب

المساهمون