وإن كان النطاق الجغرافي لعمل "الموساد" خارج فلسطين و"الشاباك" داخلها، فإن "وحدة 504"، التي تشكلت عام 1949، تعمل خارج وداخل فلسطين. وحسب النبذة التعريفية التي يقدمها موقع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن الوحدة، يتبين أنها متخصصة بتأمين المعلومات الاستخبارية عن دول عربية لها حدود مشتركة مع فلسطين من خلال تجنيد العملاء، وهذه الدول: سورية، لبنان، الأردن، مصر. كما تنشط الوحدة أيضاً داخل الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتركز "وحدة 504" خلال عملها داخل الدول العربية على مناطق تكون قريبة من الحدود. وما يدلل على النطاق الجغرافي لعملها، فإن شعار الوحدة، التي يقودها ضابط برتبة عقيد، يتضمن صورة لصخرة يُقال إنها موجودة على أحد الجبال في سورية.
أما المجال الثاني من عمل "وحدة 504"، فيتمثل في مهمة التحقيق مع الأسرى العرب. وقد أتاح لها هذا الأمر الفرصة لارتكاب فظائع ضد هؤلاء الأسرى من دون أي مستوى من الرقابة القانونية.
وإن كانت منظمات حقوقية فلسطينية ودولية وإسرائيلية قد وثقت بالأدلة اعتماد "الشاباك" وسائل تعذيب قاسية جداً لدى تحقيقه مع المعتقلين الفلسطينيين، إلا أن أماكن حبس هؤلاء المعتقلين تكون معروفة، ويحظون بزيارات المحامين وبعد ذلك يحق لذويهم أيضاً زيارتهم، أما من يقع في قبضة "وحدة 504"، من العرب، فإنه لا يحظى بأي حق إنساني.
فالأسرى العرب الذين يعتقلون أثناء الحروب أو في العمليات الخاصة للجيش أو بعد إلقاء القبض عليهم أثناء عمليات تسلل فاشلة، يتم إيداعهم سجوناً سرية تابعة للشرطة العسكرية و"أمان". وعلى الرغم من أن "وحدة 504" قد احتكرت التحقيق مع الأسرى العرب منذ عام 1949، إلا أنه لم يتسن الكشف عن الجرائم البشعة التي ترتكبها ضد الأسرى إلا قبل سنوات عدة، عندما رفع محام لمصطفى الديراني، الذي كان قيادياً في حركة "أمل" اللبنانية ويشغل حالياً منصب عضو المجلس المركزي في حزب الله، دعوى ضد أحد محققي الوحدة ويطلق عليه "الكابتن جورج"، والذي قاد فريق التحقيق معه بعد أن قامت وحدة "سييرت متكال" باختطافه عام 1994، من أجل إجباره على تقديم معلومات حول مكان تواجد مساعد الطيار الإسرائيلي رون أراد، الذي أسر من قبل "أمل" بعد أن سقطت طائرته خلال حرب لبنان الأولى 1982. ويظهر من الدعوى التي رفعها الديراني عام 2009 ضد "الكابتن جورج"، والذي تبين لاحقاً أن اسمه الحقيقي دورون زهافي، أن عمليات التعذيب التي تعرض لها تضمنت الاغتصاب وانتهاكات جسدية أخرى. وقد عرضت قناة التلفزة الثانية قبل عامين فيلماً تضمن ما جرى في إحدى جلسات التحقيق مع الديراني، إذ ظهر الأخير عارياً تماماً بينما كان زهافي وفريقه يعتدون عليه ويوجهون له الإهانات. وقد عرضت صحيفة "هآرتس" بتاريخ 3 تموز/ يوليو 2012، تحقيقاً تضمن شهادات لأشخاص عملوا كمحققين في "وحدة 504" أكدت أن عمليات التعذيب الوحشي التي تتم في أقبية التحقيق السرية ضد الأسرى تتم برضا وقبول قادة الجيش والدولة. وقد أجرت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية مقابلة مع زهافي ضمن برنامج "عوفداه"، حيث دافع عن كل ما قام به، مشدداً على أنه كان يحصل على إذن مسبق من مسؤوليه في قيادة "أمان".