يُعدّ أستاذ تاريخ الفلسفة التونسي محمد محجوب من أبرز الباحثين في الفينومينولوجيا من خلال جملة دراسات، منها "المدينة والخيال: دراسات فارابية"، و"فهم الذات"، و"مقدمة لدراسة المجتمعات البدوية - منهج وتطبيق"، إلى جانب ترجمات عديدة أنجزها مثل: "تحقيق في الذهن البشري" لديفيد هيوم، و"مقالات ومحاضرات في التأويلية" لبول ريكور.
يقدّم صاحب "هيدغر ومشكل الميتافيزيقا" عند الرابعة من مساء غدٍ الخميس في "المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون" (بيت الحكمة) بتونس العاصمة محاضرة بعنوان "وضعيّة الفلسفة العربيّة المعاصرة" يتناول فيها عدّة قضايا فكرية راهنة.
يشير محجوب، في مقابلة صحافية سابقة، إلى أن الفلسفة هي الحياة، المجتمع، أو التاريخ، والتي يعج بها الوجود الإنساني، وأنها في تفاعل وكأن هناك جذر تستطيع أن تنفصل عنه وهو الجذر الوجداني للوجود الذي ينجب كل أشكال توحيد العقنلانية، وهذا الوجود ينجب من جهة الوجدان، والفلسفة ليست فن إيجاد النهايات السعيدة، بل فن الاضطلاع".
ويرى أن "الفلسفة كانت دائماً ما يساعد الإنسان على الفهم، وأن إضافتها تتمثل في أنها حولت حدوث الواقع من عزلة الحدوث الموضوعي البسيط إلى أنس الحدوث المفهوم، يمكن أن يكون الإنسان متفرجاً أمام أحداث تقع، فيتأثر ويتألم حين وقوعها انفعالياً، والفلسفة فن المصاحبة الفهمية لما يقع، تقيم علاقة فهم بيننا والعالم، أسئلتها تتصل بالغاية والمعنى والقيمة والحقيقة، أسئلة تطرحها بمقادير متفاوتة".
ويعتقد صاحب كتاب "الأساس الأنطولوجي لهايدغر" أن راهنية الفلسفة العربية هي في إعادة قراءتها. كل الفلسفات كذلك، عندما ننظر إلى النهضة التي عاشتها أوروبا نهاية العصر الوسيط نجد أنها تمت بموجب عودة إلى المثل اليوناني القديم، وعندما ننظر إلى فلسفة الأنوار نرى أنها وظفت قراءة جديدة للفكر القديم، وعندما ننظر إلى حركة الرومنطيقية الألمانية فهي مماثلة".
يضيف: "ليس من راهنية إلا إعادة القراءة، الفلسفة تنتمي إلى التاريخ ولها سياقها وظروفها، ولا يمكن أن تقفز فوق الفترة التاريخية التي تنتمي إليها. لا بد من جعلها ذات راهنية وحياة، ويجب أن نغادر التاريخ العبء، ونحول الفلسفة إلى علاقة تاريح محفز إلى الأمام".