"يلا عقبالكن" من جديد

لا تريد الكاتبة نبال عرقجي الاعتراف بأن فيلم "يلا عقبالكن شباب"، الذي بدأ عرضه، أمس، في الصالات اللبنانية، هو النسخة الثانية من فيلم حمل العنوان نفسه قبل عام، "يلا عقبالكن" (2015)، والذي لاقى نجاحاً كبيراً في الصالات اللبنانية. تقول عرقجي، لـ"العربي الجديد": "لا أريد ان أحصر هذا الفيلم بعنوان واحد، على العكس، كل من شاهده ولم يشاهد يلا عقبالكن، من قبل، يستطيع فهم القصة من البداية، وسيعجب، كما سمعت في العرض الأول المخصص للإعلام، بالنص والسيناريو وطريقة الطرح، التي نقلت ما يخبئ الناس في قلوبهم، أو يعترفون به لأصحابهم". وتضيف: "تناولت العلاقات العاطفية بِكذبها وخياناتها... مِن منظورِالرجال، وأعتقد أن الفيلم قريب على قلوب الناس، وتفادَيتُ الأحكام المسبقة على أي شخصية، في النهاية، الجمهور هو مصدر الفكرة. أما النقطة المشتركة بين الفيلمين أنهما يعالجان العلاقة بين الرجل والمرأة، بما فيها أحياناً من كذب وخيانة، ولكن هذه المرة من وجهة نظر الرجال". وبحسب عرقجي، والتي تؤدي كذلك شخصية نينا، زوجة الممثل طلال الجردي، "يبدو هذا الثنائي مثالياً أمام الناس، لكن في البيت نكتشف أنهما عكس ذلك".


يضمّ "يلا عقبالكن شباب"، مجموعة من الممثلين، هم بديع أبو شقرا، وطلال الجردي وفؤاد يمّين، ودوري السمراني، وندى أبو فرحات، ودارين حمزة، وجوليا قصّار، وعرقجي نفسها ومروي خليل، مع إطلالة خاصة لكلّ من غسّان الرحباني، صاحب موسيقى الفيلم، ومي سحّاب وسينتيا خليفة وبولين حدّاد.

قبل عام قدمت عرقجي الفكرة نفسها لأربع فتيات يبحثن عن الاستقرار الزوجي، أمام يوميات نعيشها جميعاً وسط مجتمع متناقض، لكن يصح القول إن هذه النسخة "رجالية" لفيلم "يلّا عقبالكن".
القصة تدور حول أربعة شبّان، اثنان منهما متزوجان والآخران عازبان، وطرح كيفية تعامل كل منهم مع زوجته أو حبيبته، ويُبيّن لمدة ساعة و49 دقيقة، مدى صعوبة إقامة علاقة زوجية وعاطفية متينة في هذا العصر، مبنيّة على الحب والمبادئ والقيم.
يقول المخرج شادي حنّا: "عملت مع الممثّلين على تظهير موضوع الفيلم بشكل صريح، وأضفت إلى الفيلم نظرتي إلى المسألة التي يعالجها". ويضيف: "حرصت على ألّا يكون ثمّة حكم مسبق وشخصي على أي من الشخصيات التي طرحتها نيبال عرقجي.. هذا الفيلم، مشهد جميل ومرح". ويُظهر أن المعالجة "ليس كوميدية بالكامل، ولا هي تراجيديا كذلك، إنّما مزيج من الحياة اليوميّة بكل حالاتها"، ويرى أن "الضحكة تساهم في إيصال رسالة الفيلم"، لافتاً إلى أن "الصعوبة تكمن في إضحاك الناس بذكاء لأنه من السهل الضحك على الناس بسذاجة".
يقدم الممثل بديع أبو شقرا في الفيلم "شخصية شاب يرغب في أن يعيش حياة طبيعية مع امرأة عادية، ويبحث عن امرأة حقيقيّة ومرتاحة، وحرّة غير مأخوذة بالموضة ولا بالمظاهر، الشاب مرتاح مادياً وهو ما يجعله عرضة للاستغلال، ولذلك كان يصعب عليه أن يجد الفتاة المناسبة له". أبو شقرا يظهر في دور غير تقليدي، باحث عن امرأة تشاركه مبادئه، وهو يدور في دائرة الأصدقاء وسط تناقضات اجتماعية واضحة، قريبة جداً من لغة اللبنانيين اليومية.
أما الممثل طلال الجردي فيقدم دوراً متحدياً ذاته، شخصية شاب يعاني مشاكل صحيّة، وهذه المشاكل أثّرت عليه وعلى علاقته بزوجته. وقد تخطى الجردي في بعض الأوقات النصّ المكتوب على الورق. الممثل فؤاد يمّين يؤدي في الفيلم دور الشاب المتزوج الذي ضاق ذرعاً بزوجته وليس سعيداً في حياته الزوجية ضمن أجواء منزلية ضاغطة تؤثر سلباً على حياته العامة. أما الممثل دوري السمراني فهو الشخصية الرابعة المرتبط بعلاقة مع نور (ندى أبو فرحات).
في الجانب النسائي، تُجسد دارين حمزة دور زينة، زوجة فؤاد يمّين. دور امرأة متزوجة ومتسلطة على زوجها، وهي من النساء اللواتي يتبنَّين مبادئ قاسية ومتطرفة، ولكنّها شخصية مضحكة لشدّة ما تتمادى في تصرفاتها. وهي تشبه بطريقة تفكيرها المتحجّرة الكثير من الناس في لبنان الذين لا يحبذون التغيير الذي يطرأ على يومياتهم منذ نهاية الحرب، وهذا ما حاولت عرقجي أن تظلله في الفيلم لمدة تقل عن ساعتين.
بينما تؤدي ندى أبو فرحات في الفيلم دور نور، التي تُواعِد شاباً منذ مدّة على أمل أن يتزوّجا، وخصوصاً أنّ ثلاث سنوات مضت على علاقتهما، ولكنّ هذا الشاب الذي يؤدّي دوره الممثل دوري السمراني، لا يطلب يدها، ويتهرب بشكل دائم منها، إسقاط آخر على ظاهرة يعيشها الشاب العربي الذي يرى في الزواج خطوة صعبة جداً.
تأتي هذه التناقضات لتحمل إلى السينما اللبنانية واقعاً آخر، بعيداً عن الموسم الاستهلاكي للأفلام اللبنانية التي تكثر في مثل هذا الموسم كل عام، ومحاولة ثالثة لعرقجي بعد بدايتها العام 2012 في فيلم درامي حمل عنوان " قصة ثواني"، يختلف في اطاره العام عن فيلمي "يلا عقبالكن" الذي قرّب المخرجة والكاتبة من الناس بشكل أكبر.

وفي موازاة عروضه في لبنان، من المقرر أن يبدأ عرض "يلّا عقبالكن شباب" في الأردن وفي الإمارات العربية المتحدة في 8 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.