لا يزال حاضراً السجال المقتضب، القائم بين الإسباني بيدرو ألمودوفار والأميركي ويل سميث، في المؤتمر الصحافي، الذي عقدته لجنة التحكيم الخاصّة بالمسابقة الرسمية، في الدورة الـ 70 (17 ـ 28 مايو/ أيار 2017) لمهرجان "كانّ" السينمائي، قبل ساعات قليلة على حفلة الافتتاح. فرئيس اللجنة، ألمودوفار، اغتنم فرصة طرح سؤال عليه بخصوص الحضور السينمائي لـ"نيتفليكس"، كي يقرأ بياناً ندَّد فيه بالمنصّة الأميركية، وبالأسلوب الجديد الذي تُغري كثيرين في العالم باعتماده، في علاقتهم بالمُشاهدة السينمائية. بينما عضو اللجنة، سميث (الذي له عملٌ سينمائي من إنتاج المنصّة، بعنوان Bright)، يرى إيجابياتٍ عديدة، تمسّك بها كردّ، غير مباشر، على ألمودوفار.
الإسبانيّ أعلن، يومها، أنه لا يستطيع تصوّر أن تُمنح "السعفة الذهبية" لفيلمٍ "لن يُشاهده الجمهور في الصالة"، مشيراً إلى أنه يناضل في حياته كلّها ضد حالة "السُبات" (في إشارة منه إلى "حفلة المُشاهدة" المستمرة بشكل دائم، والتي تجعل الناس يتابعون، من دون توقف، عرض حلقات وأفلام، في أوضاع تقترب من حالة السُبات، أو النوم): "يجب على حجم الشاشة ألاّ يكون أصغر من المقعد الذي نجلس عليه".
أما الأميركي، فقال إن "نيتفليكس" تُسهِّل الوصول إلى الأفلام الروائية الطويلة، مُقدِّماً حجة على ذلك، تتمثّل بالاستهلاك السينمائيّ لأولاده: "مشاهدة "نيتفليكس" لا تمنعهم من الذهاب إلى الصالات المعتمة، بانتظام. المنصّة لا تمنع الشباب من مشاهدة الأفلام في الصالات، لكن شباباً عديدين يُفضّلون مشاهدة بعض الأفلام في المنزل".
في المقابل، ينتبه معلّقون عديدون إلى أن الصحافة السينمائية تُقدِّم الأفلام المعروضة في الصالات التجارية، لا تلك الموزّعة عبر خدمة "الفيديو على الطلب" أو عبر شبكة "إنترنت"، أو المبثوثة على شاشات المنصّات. بينما يُشير ديفيد آتلان ـ جاكسن (الجمعية الفرنسية للإنتاج الدولي) إلى أن "نيتفليكس" نفسها "لا تروِّج للأفلام، بل تروِّج لـ "نيتفليكس". فالمنصّة تريد أن يشترك الناس في خدماتها، من دون أن تهتمّ بما إذا شاهد هؤلاء أفلامها، أو لا".
عاملون شباب في صناعة السينما يعكسون "حذراً" في التعاطي مع المنصّة، وأسلوب عملها. فالمخرج الأميركي داريل واين يقول إن "المنصّات تشتري أفلاماً"، قبل أن يتساءل: "كم هو عدد مشاهدي هذه الأفلام على شاشاتها؟ هل هناك جمهور حقيقيّ (لهذه المنصّات)؟ لديّ فضول في معرفة هذا الأمر. هل المنصّات تلك مجرّد "فقاعة" ستنفجر قريباً؟ لا أعرف". رغم هذا، يُضيف: "بصفتي مخرجاً شاباً، إذا التفتت "نيتفليكس" إليّ، لن أرفض. فالحصول على تمويل صعبٌ للغاية. حتى مع استديوهات كبيرة، الميزانية محدودة. لذا، أعتقد أني سأنتقل إلى أوروبا، حيث الاحتمالات أكبر".
أما المنتجة الفرنسية إيميلي جورج (مومينتو الدولي للأفلام)، فتعتبر أن منصّات عديدة، كـ "نيتفليكس"، تمنح فرصاً حقيقية للمخرجين، على مستويات التمويل والاستثمار والإنتاج، متوقّفةً عند بحث مسؤوليها عن المواهب الجديدة: "لكن، على المستوى الفني، لستُ متأكّدة. لأن هذه المنصّات لا تُشير، غالباً، إلى أسماء المخرجين". بينما يرى مانويل شيش (The Jockers Films) أن "غالبية المخرجين الذين توزّع "نيتفليكس" أفلامهم فشلوا في الحصول على تمويل بالطريقة التقليدية"، في مقابل آخرين "يحصلون على تمويلٍ لمشاريعهم الأكثر طموحاً، على المستوى المالي، كمارتن سكورسيزي".