08 ديسمبر 2015
أبو تريكة وجيب صديقي
محمد عادل (مصر)
أبو تريكة يُسقِط النظام، أزعم أن توافقاً كهذا بين أبناء الشعب المصري لم يحدث منذ فترة كبيرة جداً، لم تمر دقائق على إعلان الأخبار المتحدثة عن التحفظ على أموال أبو تريكة إلا وانقلبت مواقع التواصل الاجتماعي رأساً على عقب مساندةً لأمير القلوب الذي ملأت صوره الفضاء الإلكتروني، واستعاد المصريون ذكرياته ومواقفه الرجولية طوال السنوات الماضية. يختلف المصريون على النخبة والقوى السياسية، ويُجمع الكل على أبو تريكة، حتى صديقي المؤيد للسيسي بعدما سمع بالخبر لم يقف على الحياد، ولم يغض البصر ويدعي العمى والصمم كما يفعل كل مرة يُقتَل ويُعتَقَل ويُظلَم المصريون فيها. صديقي الذي لم يرَ مشكلةً أو عيباً في قتل المئات في فض الاعتصامات والتظاهرات، أو حتى عَبَّرَ عن امتعاضه لاعتقال الآلاف بدون ذنب والزج بهم في السجون ينتفض من أجل أبو تريكة. لم يعترض صديقي منذ 3 يوليو، ولم يرَ مشكلةً في النظام الحاكم من حينها سوى مرتين، والمرتان في يوم واحد، المرة الأولي صباح الخميس عندما استيقظ ليكتشف تضاعف أسعارالخضروات عدة أضعاف، وعجزه عن تجهيز طبق السلطة المعتاد في وجبة الغداء، رأى صديقي أن الطبق سيكلفه قسماً كبيراً من ميزانيته لا يستطيع تحمله. أما المرة الثانية فكانت مساء الخميس عندما سَمِع بالتحفظ على أموال أبو تريكة لاتهامه بالانتماء لجماعة إرهابية، ثار صديقي وأخذ يتحدث عن ظلمٍ بين وخلل بمنظومة عدالة كان في قمة حماسه وهو يدافع عنها ويصفق لها بالأمس. سألت صديقي متعجباً عن سبب انتفاضته من أجل شخص قامت الدولة بالتحفظ على أمواله، رغم أنه ليس الأول وسبقه العشرات، كَشَّرَ صديقي ونظر إلي نظرةً مستهجنةً لسؤالي، ليرد: "هو في عاقل يصدق أن أبو تريكة إرهابي؟" صديقي كان يرى بالأمس أن كل من تُجَمَّد أمواله لا بد أنه استخدمها لشراء السلاح وتمويل الإرهاب، كل من تعتقله أجهزة الأمن لا بد أنه فعل جُرماً ما، وكل من يقتله السلاح الميري لا بد أنه أطلق النار أولاً، وكما يردد دائماً "الحكومة مش هتعمل حاجة لحد من الباب للطاء". صديقي كَسَرَ قاعدتَه بنفسه وهو يرى أبو تريكة شخص خلوق لا يمكن عقلياً تقبل اتهامه بالإرهاب ونحوه من التهم التي كان يُطَوِّع عقله جَبْراً لتَقَبُّلها ضد كل من يُظلَم. يبدو أن صديقي لم يُوقظه إلا عجز جيبه عن توفير مكونات السلطة وعجز عقله عن استيعاب اتهام أبو تريكة بالإرهاب، صدقوني لن يُسقِط هذا النظام إلا جيب صديقي وعقله الذي أيقظه أبو تريكة.
مقالات أخرى
21 أكتوبر 2015
16 سبتمبر 2015
23 اغسطس 2015