أبو مازن يتوعّد "بلفور"

29 يوليو 2016
عباس يريد مقاضاة بريطانيا (جيوفروس فان در هاسلت/الأناضول)
+ الخط -
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يَتوعَّد بلفور، فهل سيكسب الأول دعواه القضائية ضد الثاني، وهل سيفي الأول بـ"دعواه" كما أوفى الثاني بـ"وعده"؟ وهل الرئيس الفلسطيني جاد حقاً عندما يقول إنه سيقاضي بريطانيا بسبب "وعد بلفور"، وهل حقاً سيدعم من حضروا "قمة نواكشوط" قبل أيام الدعوى القضائية ضد بريطانيا بسبب مسؤوليتها التاريخية عن النكبة الفلسطينية.

لم تعقب بريطانيا، كما لم يُعقب أي من العرب على دعوى أبو مازن، ربما لأن الرئيس الفلسطيني لم يتحدث، لا سابقاً ولا لاحقاً، عن هذا الإعلان المفاجئ. وحول ماذا بالضبط سيقاضي بريطانيا؟ وعن أي فلسطين سيتحدث في الدعوى القضائية؟
هل سيقاضي بريطانيا على التبرع بـ"فلسطين" التي جاء ذكرها في نص الرسالة التي وجهها وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس، في الثاني من نوفمير/ تشرين الثاني عام 1917، إلى الزعيم الصهيوني اللورد روتشيلد؟ أم أن الدعوى القضائية ستقتصر على "فلسطين" التي وقع التنازل عن 78 في المائة منها في "وعد أوسلو" الأكثر شُؤماً من "وعد بلفور"؟

الرئيس الفلسطيني، وقبل أربع سنوات، وفي حديث تزامن مع الذكرى 95 لوعد بلفور، قال في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي ردا على سؤال ما إذا كان يريد أن يعيش في صفد؟ "أريد أن أرى صفد، من حقي أن أراها.. لا أن أعيش فيها". وأضاف يومها "فلسطين الآن في نظري هي حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها... والأجزاء الأخرى هي إسرائيل".

يظهر الرئيس الفلسطيني في دعوته الغريبة كمن "يدعو الى أندلس إن حُوصرت حلب"، كما قال الشاعر الراحل محمود درويش، في قصيدة "مديح الظل العالي"، فهو يدعو إلى مقاضاة بريطانيا، وقد أخفق في محاكمة إسرائيل عن أي من جرائمها التي ما انفكت ترتكبها في فلسطين المحتلة على مدار الساعة منذ 67 سنة وحتى ليلة أمس عندما اقتحم جيش الاحتلال بلدة صوريف وقت ما شاء، وقتل من شاء، واعتقل من شاء. شاء رئيس السلطة الفلسطينية وأجهزته الأمنية أم لم يشأ!
وبغض النظر عن جدية "دعوى" الرئيس الفلسطيني أو عدمها، فلا يجب أن تسقط مسؤولية بريطانيا عن "النكبة الفلسطينية" وارتداداتها، ولا بد من مقاضاة حكومة صاحبة الجلالة بعد "منحها ما لا تملك لمن لا يستحق".

المساهمون