وعمت السخرية في الشارع العراقي، بعد أن أثبت الجهاز بشكل قاطع فشله منذ استيراده في 2008، حيث تكشفت الحقائق عن أن صفقة فساد كبرى كانت وراء شراء هذه الأجهزة، وفقاً لتقارير بريطانية وأميركية.
وكانت الحكومة العراقية اشترت ستة آلاف جهاز لكشف المتفجرات من نوع (آي دي) خلال الفترة ما بين 2008 و2010، بهدف وقف سيل السيارات المفخخة والعبوات الناسفة. واستخدمت منذ تاريخ استيرادها عند نقاط التفتيش في جميع أنحاء البلاد، لكنها لم تنجح في إيقاف السيارات المفخخة، وهو الغرض الذي استوردت لأجله.
القوات الأميركية كشفت، مطلع العام الماضي، أن معظم أجهزة فحص المتفجرات التي استوردتها الحكومة العراقية غير صالحة للاستخدام، كما أن سعر الجهاز الواحد وصل إلى 60 ألف دولار، فيما يباع في أسواق بريطانيا بـ 40 دولاراً فقط.
من جهتها، اعتبرت بريطانيا أن الصفقة المشبوهة تمس بسمعتها، رغم عدم ارتباطها رسمياً بالصفقة، عدا أن من باع الأجهزة بريطاني الجنسية. وأكدت تقارير بريطانية أن النصاب البريطاني هو رجل الأعمال "جيمس ماكورمك" الذي سجن في العام 2013، عقد صفقة بيع أجهزة للحكومة العراقية في العام 2007، مقنعاً المسؤولين العراقيين أنها تكشف عن المتفجرات والمخدرات أيضاً، فيما تؤكد تقارير عراقية أن الجهات الرسمية التي أبرمت الصفقة، تعلم جيداً أنها لا تصلح للكشف عن المتفجرات، وأنها صفقة حكومية فاسدة لجني أرباح طائلة.
اقرأ أيضاً: لا مهرب من دفع "المقسوم" في العراق
السفير البريطاني في العراق فرانك بيتر، بدا مستغرباً من أن الجهاز "البريطاني" ما زال معتمداً في العراق، وقال، الإثنين الماضي، خلال زيارته لمدينة كربلاء: "جميع المتورطين بتجهيز وزارة الداخلية (العراقية) بالجهاز تم سجنهم"، مبيناً أن "بريطانيا تتعامل مع هكذا أمور تتعلق بالفساد بصرامة".
الفضيحة بعد أن دوت أصداؤها عالمياً، وتكشفت حقيقتها وأغضبت الشارع العراقي والمنظمات المدنية والناشطين ووسائل الإعلام، استدعت فتح تحقيق نيابي بالقضية، وتوصلت في العام 2013 إلى ضلوع مجموعة من كبار المسؤولين الأمنيين والحكوميين فيها، ولم يسلم مكتب نوري المالكي رئيس الوزراء من الاتهام أيضاً، وهو ما أكده حينها جواد الشهيلي الذي كان يشغل منصب عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي.
منذر صالح من بغداد، قال لـ"العربي الجديد" إن الجهاز " لا عمل له سوى خلق ازدحام مروري عند نقاط التفتيش، والطامة الكبرى أن تلك النقاط تنتشر في جميع أحياء وشوارع بغداد".
اقرأ أيضاً: نائبة تتهم حكومة العبادي بالفساد في ملف النازحين
ويسخر حمزة عبد النبي من الجهاز قائلاً: "أشار ذات يوم لوجود متفجرات في سيارتي، لكن بعد تفتيشها تبين أن الجهاز "أبو الآريل" تأثر برائحة البخور الهندي الأصلي الذي كنت اشتريته للتو".
من فوائد الجهاز بحسب قول حسين التميمي، وهو شرطي عمل فترة على الجهاز "كان ينبهني لوجود التوابل والمخللات في السيارات، حين يؤشر كنت أبادر إلى سؤال صاحب السيارة إن كان يحمل معه الطرشي (مخللات)، فيجيبني بنعم، فأتناول شيئاً منه".
محمد العقابي ضابط في وزارة الداخلية العراقية أكد أن "الجميع من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء حتى أدنى رتبة بالجيش العراقي يعلمون جيداً أن لا فائدة ترجى من هذا الجهاز الذي صار مصدر سخرية"، مضيفاً "رغم ذلك تمنعنا التعليمات العليا من الاستغناء عنه، ولا نستطيع سوى إطاعة الأوامر".
اقرأ أيضاً: العراق: ضياع نصف أموال النازحين بسبب الفساد