لم تكد تنتهي أزمة أجور الفنانين في الدراما الرمضانية، حتى عادت إلى الواجهة قضية أجور المغنين في المهرجانات الفنية العربية. رغم التراجع الكبير على صعيد المهرجانات الغنائية في العالم العربي، واختصارها، يبدو أن أزمة الأجور تعود عند كل موسم، وتطرح مزيداً من التساؤلات، في ظل أوضاع اقتصادية غير مُستقرة تخيم على معظم الدول.
لا يبتعد المغرب كثيراً عن تونس، الواقع المعيشي يفرض نفسه على الحياة هناك. انتقادات كثيرة تواجه الشارعين التونسي والمغربي، بسبب المهرجانات الفنية التاريخية التي تعود كل سنة. أسئلة كثيرة يطرحها المواطن العادي على الدولة التي تُشارك في تنظيم وطرح أسماء الفرق والفنانين المشاركين في هذه الفعاليات، وما الذي يحمل المنظمين على دفع هذه الأجور الباهظة للفنانين، في حين أن البلد يعاني من مشاكل كثيرة. المشكلة لا تقف عند هذا الحد، بل تصل إلى تجنيد الفنانين المغاربة ضد هذه الفعاليات، مقابل سؤال: لماذا لا يُشجع الفنان المغربي ويحظى بالدعم والأجر الذي يناله الفنان الأجنبي؟
تنبهت إدارة مهرجان "موازين" قبل خمس سنوات إلى مستوى أجور الفنانين الأجانب، وحاولت أن توفق بين ذلك عن طريق رفع أجور الفنانين المغاربة التي أصبحت تتراوح ما بين 30 و280 ألف درهم، لكن ذلك، لم يمنع من انتقادات حول الأجور تحديداً، وبالتالي البحث عن متنفس للفنان المغربي في مثل هذه المناسبات التي تحظى برعاية وتغطية إعلامية كبيرة، ما يساعد معظم الفنانين المغاربة على سعة الانتشار.
في الخامس من يوليو/تموز الحالي، أغضب أجر الفنان اللبناني راغب علامة، في مهرجان "إفران"، نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، والذين انتقدوا حصوله على مبلغ 80 مليون سنتيم. ورأى المتابعون أن مدينة إفران هي بحاجة إلى المبلغ، الذي حصل عليه علامة مقابل ساعة من الغناء في افتتاح مهرجان المدينة التاريخية، في وقت لم توفر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي هجومها على المسؤولين، والمنتخبين في مدينة إفران بسبب ما تسميه "سخاء" يتعلق بأجور الفنانين الأجانب، الذين يشاركون في هذه التظاهرة الفنية.
أجر أصالة
أما الفنانة أصالة نصري، فكان لها مشكلة في الأجر من نوع آخر، وهي مع الوسيط، أو المتعهد، الذي طلبها للغناء في "موازين" هذه السنة. تحدث بداية زوج أصالة، طارق العريان، حول الاستغلال، وقال العريان إن الوسيط طلب منه عمولة أو "كومشن" لمشاركة زوجته الفنانة أصالة في فعاليات موازين، وأكثر من ذلك، قررت أصالة في فيديو نشرته قبل ثلاثة أيام على محرك "إنستغرام" الاعتذار من الشعب والجمهور المغربي لأنها لن تزور المغرب أو تغني على مسارحه إلا بعد خمس سنوات.
قرطاج
في الخامس عشر من آب/أغسطس المقبل، تُحيي الفنانة ماجدة الرومي حفلاً ضخماً ضمن حفلات مهرجان قرطاج الدولي على مسرح قرطاج الأثري، الذي يتسع لأكثر من 10 آلاف شخص، في ظل تسريبات عن أن إدارة المهرجان، ستقاطع هذه السنة معظم الفنانين الذين يتقاضون الأجور العالية، أو التي لا تتناسب مع الميزانية المنخفضة لقرطاج، وأشارت المعلومات إلى أنّ إدارة المهرجان اختلفت مع المغنية التونسية أمينة الفاخت بعدما رفعت أجرها إلى ما فوق الـ 100 ألف دولار أميركي؛ الأمر الذي أثار استياءً واسعاً وسط الجمهور والناس والمتابعين. على صعيد متصّل عُلم أنّ أجر الفنانين اللبنانيين لن يتجاوز الخمسين ألف دولار، وقد راعى معظم الفنانين اللبنانيين الأمر بعدما حاول البعض فتح سيرة الأتعاب التي تصل أحياناً إلى 100 ألف دولار.
تردد أن أجر ماجدة الرومي، في مهرجان قرطاج 2018 سيصل إلى 400 ألف دينار تونسي، أي قرابة 150 ألف دولار أميركي، وهو الأمر الذي أغضب الشارع التونسي، واعتبر المتابعون أن هذا الرقم مرتفع، في ظل حالة الغلاء والركود الاقتصادي في تونس.
وطالب الكثير من المواطنين، عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، بمقاطعة الحفل، رغم ما تتمتع به ماجدة الرومي من حضور، وشعبية كبيرة في المهرجان الذي يستضيف في دورته الخامسة والأربعين مجموعة من الفنانين العرب، إضافة إلى الرومي، ومنهم كاظم الساهر ومارسيل خليفة وملحم زين وهبة طوجي، إضافة إلى كانجي جبراك. لا إجابة ولا ردّ من مكتب الفنانة ماجدة الرومي حول هذا الأمر، لكن الرومي وضعت نفسها اليوم في موقف مُحرج جداً، ربما صادفها في المغرب أيضاً بعد سلسلة من الانتقادات حول أجور الفنانين الذين مروا هذه السنة في مهرجان "موازين" وما حصل من لغط كبير حول أجورهم والأزمة الاقتصادية التي يعيشها المغرب. الفنانة أحلام فجرت مفاجأة قبل أيام من وقوفها على مسرح "موازين" بالإعلان عن تنازلها عن أجرها بالكامل لصالح الشعب، بحسب تصريحات متقاطعة، الأمر الذي تسبب بإحراج باقي الفنانين المشاركين في المهرجان ومنهم نانسي عجرم، التي لم يكن أمامها الوقت لمراجعة الأزمة في المغرب، وكل ما فعلته هي أنها تجاهلت الموضوع.