لكن مصدراً حكومياً كشف لـ"العربي الجديد" أن السيسي يخطط لإزاحة الحكومة الحالية منذ شهرين، وأنه ينتظر فقط حسم مسألة إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة دستورياً خلال النصف الأول من العام المقبل، ليعلن هوية رئيس الوزراء المقبل، الذي سيدير الانتخابات إذا أجريت من الأصل.
وبحسب المصدر، فإن السيسي ينتظر أيضاً تنفيذ الحكومة بقية خطوات برنامج التقشف المقررة للعام الحالي، وعلى رأسها الإعلان عن زيادة أسعار الكهرباء والمتوقع إقرارها في أغسطس/ آب المقبل، حتى يكون تغيير الحكومة بمثابة "مسكنات لغضب المواطنين". وتتبع الدائرة الإعلامية الخاصة بالسيسي خطة مشابهة لما كان يؤديه الإعلام الرسمي والموالي في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، بقصر الهجوم والانتقاد على الحكومة بدون التعرض لشخص رئيس الجمهورية، والتركيز على أمور شكلية من دون النفاذ للمشاكل الحقيقية المؤرقة للمواطنين البسطاء.
وأكد المصدر أن السيسي أبلغ عدداً من المقربين منه مطلع يونيو/ حزيران الماضي بأن مهمة حكومة شريف إسماعيل تقارب على الانتهاء، على الرغم من أنه أشاد بأدائها في حواره المطول الأخير في مايو/ أيار الماضي مع رؤساء تحرير الصحف القومية. كما أوضح السيسي للمقربين منه أن "الفترة المقبلة تتطلب رئيس وزراء أكثر حزماً ويمكنه إدارة بعض الملفات الفنية بنفسه". ووفقاً للمصدر، يعتقد السيسي، أن شريف إسماعيل لا يصلح لمتابعة الجوانب الفنية من ملفات الإسكان والإنشاءات الجديدة والتنسيق مع الجيش، وهي الملفات التي يتدخل فيها السيسي بشكل مباشر منذ إقالة حكومة إبراهيم محلب في خريف 2015.
وأوضح المصدر أن مآخذ السيسي على رئيس حكومته لا تتعلق بسوء أدائه أو جودته، لأنه بطبيعته لا يتدخل إلاّ في ملف البترول وتقتصر علاقته بالوزراء الآخرين على إدارة ملفات عامة، لكنه يريد رئيس وزراء أكثر قوة، وأكثر إقناعاً للرأي العام بأنه يشارك بالفعل في إدارة السلطة التنفيذية، وليس مجرد مسؤول يجنح للصمت معظم الوقت كشريف إسماعيل.
وشدد المصدر على أن "السيسي لم يستبعد خلال حديثه مع المقربين منه خيار الاستعانة بشخصيات عسكرية أو سبق لها العمل بالجيش"، كاشفاً أن وزير الإنتاج الحربي حالياً، اللواء محمد العصار، بدأ يتردد اسمه من جديد في كواليس الدوائر القريبة من السيسي، كمرشح فوق العادة لرئاسة الحكومة التي ستُجري الانتخابات الرئاسية –إذا استقر الأمر على إجرائها فعلاً - خصوصاً أن العصار سيحمل عن كاهل السيسي – بحسب اعتقاد الأخير - مسؤولية التنسيق مع الجيش في عمليات الإنشاء والمقاولات والمشروعات الكبرى التي تديرها الهيئة الهندسية للجيش، والتي لم يكن شريف إسماعيل يتدخل فيها على الإطلاق.
كذلك كشف المصدر أن العصار حالياً يعتبر من المسؤولين الحكوميين المعدودين المسموح لهم بمتابعة مستجدات العمل في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، الذي يسيطر عليه الجيش ودائرة السيسي الخاصة برئاسة مدير مكتبه عباس كامل، وهو المشروع الجاري العمل فيه على قدم وساق بعيداً عن عيون المتابعين، وتم بالفعل إنهاء 40 في المائة من الإنشاءات الأساسية للمقار الحكومية الرئيسية كقصر الرئاسة والبرلمان ودار جديدة للقضاء ومبنى ضخم لوزارة الدفاع ومبان أصغر لبعض الوزارات وعلى رأسها الإنتاج الحربي، التي يتولاها العصار.
وبحسب المصدر، فإنه عند طرح اسم العصار، منذ أشهر عدة، كبديل محتمل لشريف إسماعيل، كانت دائرة السيسي تتحرج من فكرة رئيس الحكومة العسكري، وكانت هناك ترشيحات أقوى كالوزير السابق أشرف العربي ووزير الشباب خالد عبدالعزيز، لكن نجاح السيسي في تمرير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية من دون رد فعل شعبي قوي أكسبه شعوراً بالقوة أكثر من أي وقت مضى، كما أن وجود الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في السلطة يمثل له عامل اطمئنان ويخفف عنه الحرج الدولي.
وأشار المصدر نفسه إلى أن بعض المقربين من السيسي يروجون لوزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الحالية، سحر نصر، كرئيسة مقبلة للوزراء، بحجة استغلال علاقاتها الجيدة بحكومات خليجية ومستثمرين، وإدارتها –التي يعتبرونها أنجح من سابقيها- لملف جذب الاستثمارات. كما أن هذا الاختيار سيكون له مردود إيجابي في الخارج إزاء نظام السيسي، باعتبارها المرة الأولى التي قد تتولى فيها امرأة مصرية هذا المنصب.
لكن ما يعرقل هذه الجهود الترويجية أن السيسي لا يرى ضرورة حالياً لإسناد الحكومة لشخصية اقتصادية، وأن برنامج التقشف تم وضعه بالتنسيق بين صندوق النقد الدولي وحكومة لا يرأسها خبير اقتصادي. كما يعتبر السيسي أن الأهم حالياً وجود رئيس وزراء صاحب شخصية قوية في الداخل، وعلاقات جيدة خارجية، وهو ما يتوافر في العصار، الذي كان مسؤول التواصل مع الولايات المتحدة والسفارات الأوروبية في عهد حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقب ثورة 2011، حيث كان زميلاً للسيسي.
وذكر المصدر، أن السيسي ليس مهموماً بتغيير معظم الوزراء، لأنه راضٍ عن الأداء العام لهم، لكن على الأقل لن يحدث تغيير في الحقائب السيادية المهمة، وعلى رأسها المالية والخارجية والعدل والداخلية.