يجمع المعرض اللوحات والرسومات والشعر والمطبوعات والصور وكتب الفنان التي أُنتجت في مرسمه في مدينة مانهاتن الأميركية ما بين عامي 1974 و 2012، لكنها تحيل في أغلب مضامينها إلى مدينته الإسكندرية التي غادرها منذ أربعة عقود.
تعدّدت اهتمامات مرسي الذي ابتدأ تجربته منذ الخمسينيات في سياق الحركة السوريالية المصرية، بين الترجمة والصحافة والمسرح والشعر والتشكيل، غير أن القصيدة واللوحة أثّثتا غربته بالحنين إلى مرحلة اعتبر أحد رموزها الذين لا تفوّت دراسة، أو تأريخ لها، إلاّ وذكّرت بدوره فيها.
يضمّ المعرض أعمالاً تمثّل المرحلة الأخيرة من تجربة صاحب "أغاني المحاريب"، وفيها يعيد إنتاج مجموعة من العناصر والأيقونات التي ظهرت خلال تجربته كاملة، والتي تبدو متناقضة مع مكان إقامته في نيويورك، حيث لا تزال تظهر الجماجم والحصان والشخصيات التي تمتزج فيها تكوينات أنثوية وذكورية وإشارات تدلّ على انهيار الزمن، وفي معظمها يأتي البحر خلفية ثابتة.
تشكّل الذاكرة ومسار الزمن والتأمّل والعزلة والغنائية عناصر أساسية في لوحات الفنان خلال رحلة إبداعه التي قاربت سبعين عاماً، وتحضر فيها مدينتان أساسيتان هما: الإسكندرية التي شهدت بداياته وأهم سجالاته الأدبية والفنية، وكذلك بغداد حيث عاش فيها فترة وأقام مشاريع مشتركة مع أدباء وفنانين فيها.
تحتشد تجربة مرسي بالرمزيات والتمثيل لأحداث وأمكنة بتأثيرات أسطورية وفانتازية، فهناك الأسماك التي بحسب الميثولوجيا الفرعونية التهمت جزءاً من جسد أوزريس، فلم تستطع زوجته إيزيس جمع كامل جسمه بعد قتله على يد ست، وكذلك تظهر أنسجة زرقاء شفافة حيث يشير لونها إلى زرقة السماء التي تسبح فيها الشمس (رمز الإله رع عند المصريين القدماء) وتعيش فيها الآلهة وتحمي الإنسان وتباركه.