هبطت العملة السعودية الريال إلى أدنى مستوياتها في عامين، بينما تراجعت أسعار السندات الدولية للمملكة اليوم الإثنين، بفعل مخاوف من تقلص تدفقات الاستثمار الأجنبي، إذ تواجه الرياض ضغوطاً بشأن اختفاء الكاتب والصحافي جمال خاشقجي.
وتشير التعاملات في سوق العقود الآجلة للعملة، التي تستخدمها البنوك للتحوط في الاستثمارات، إلى أن بعض المؤسسات تحمي نفسها من مخاطر تدفقات الأموال، أو عقوبات أميركية على الرياض بعد اختفاء خاشقجي الناقد البارز للسلطات السعودية في إسطنبول.
لكن تحركات السوق كانت محدودة قياساً إلى بعض فترات عدم الاستقرار خلال السنوات الماضية، وهو ما يشير إلى أن المستثمرين لم يصبهم الرعب من قضية اختفاء خاشقجي مثلما كان الحال وقت انهيار أسعار النفط، الذي بدأ في 2014.
وهدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب "بعقاب شديد" للرياض، إذا ثبت تورطها في قتل خاشقجي في قنصليتها بإسطنبول، كما يقول مسؤولون أتراك. وتنفي المملكة ذلك، وحذرت أمس الأحد من أنها ستعارض أي عقوبات وترد عليها بإجراءات أشد.
وشهدت أسعار النفط تحركات محدودة للغاية اليوم الإثنين، فيما قال محللون إنهم يشكون في أن السعودية، أكبر بلد مصدر للنفط في العالم، ستخاطر بعزلة دولية وبتضرر ماليتها العامة بخفض صادراتها، فيما تمضي قدماً في إصلاحات تهدف إلى خلق وظائف وتنويع اقتصادها.
لكن مدير فريق الشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، كريسجانيس كروستينز، قال إن المسألة ربما تضر ببعض مكونات برنامج الإصلاح، متابعاً: "إذا كان هناك أي تغيير مستدام في رغبة المستثمرين في الاستثمار في السعودية، فربما يؤدي ذلك إلى تباطؤ في تنفيذ بعض مبادرات رؤية 2030، وزيادة حاجة المملكة لاستخدام الدين وموارد دولية لتمويلها".
قطاع خاص ضعيف
بلغ السعر المعروض للريال السعودي 3.7524 ريالات مقابل الدولار الأميركي في السوق الفورية خلال المعاملات المبكرة اليوم الإثنين، وهو أضعف مستوى له منذ سبتمبر/ أيلول 2016، حسبما أظهرته بيانات رفينيتيف.
وما زال البنك المركزي السعودي يربط العملة عند 3.75 ريالات، وغالباً ما تتحرك العملة في نطاق بين 3.7498 و3.7503. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 حينما هوت أسعار النفط، تراجع الريال إلى نحو 3.7598 ريالات مقابل الدولار.
وفي سوق العقود الآجلة للعملة، ارتفع الدولار اليوم الإثنين، إلى نحو 100 نقطة مقابل الريال، مسجلاً أعلى مستوياته في 9 أشهر، من 54 نقطة يوم الجمعة. وعام 2016، صعد الدولار لفترة قصيرة فوق 1000 نقطة. وفي 2016، ارتفع الدولار لفترة قصيرة فوق 1000 نقطة.
وارتفعت عائدات السندات السعودية الدولارية، معظمها في الاستحقاقات الطويلة الأجل، إذ زاد عائد سندات تستحق في 2046 بواقع 15 نقطة أساس.
وأشار كروستينز ومحللون آخرون، إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى المملكة بلغت بالفعل مستويات منخفضة جداً، نظراً لضعف القطاع الخاص والغموض الذي يكتنف القواعد التنظيمية، وهو ما قد يحدّ من تأثير أي هبوط في التدفقات.
وانسحبت منظمات إعلامية وعدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين، من بينهم جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لـ"جيه.بي مورغان تشيس"، من مؤتمر استثمار كبير في الرياض من المنتظر عقده الأسبوع القادم تحت اسم "دافوس في الصحراء".
وهبطت سوق الأسهم السعودية 7.2% على مدى الجلستين السابقتين بفعل قضية خاشقجي، لكنها ارتفعت 4% اليوم الإثنين.
وقال متعاملون إن بعض المستثمرين من المؤسسات، ومن بينهم مؤسسات أجنبية، اشتروا أسهماً عند مستويات سعرية متدنية، إذ يعتقدون أن من المستبعد حدوث تغير كبير في الموقف الاقتصادي الأساسي في المملكة.
لكن مصرفيين ومحللين كثيرين قالوا إن قضية خاشقجي حفزت تصورات بمخاطر سياسية في السعودية، لأنها كانت أحدث حلقة في سلسلة من الأحداث غير المتوقعة على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وخلال تلك الفترة، أطلقت السعودية حربها في اليمن، وشاركت في حصار قطر، واحتجزت عشرات من كبار المسؤولين ورجال الأعمال في حملة على الفساد، واعتقلت ناشطات حقوقيات، وتزايدت التوترات مع كندا وألمانيا.
وقال كبير خبراء الأسواق الناشئة لدى "كابيتال إيكونومكس" في لندن، جيسون توفي، إن التطورات السياسية في السعودية أصبحت تشكل مخاطر اقتصادية متزايدة.
(رويترز)