ولم يقتصر الأمر على أربيل، فعلى الجانب الآخر من الحدود التركية ـ السورية مع عين العرب، تجمّع المئات من أكراد تركيا قرب المعبر الحدودي مع المدينة، وهم يرتدون زي مقاتلي حزب "العمال" الكردستاني، معلنين نيّتهم الدخول إلى المدينة والمشاركة في قتال "داعش". وحشدت القوات التركية مزيداً من عناصر الجيش والأمن على المعبر، مع اقتراب "داعش" إلى مسافة 7 كيلومترات من المدينة من الجهة الغربية.
ومنعت القوات التركية عبور السوريين الراغبين في العودة منها إلى عين العرب، صباح اليوم الاثنين، عدا المتقدمين في السنّ، في حين لا يزال العديد من أهالي المدينة عالقين على الحدود في الطرف السوري، يحاولون الدخول إلى تركيا، إثر قصف التنظيم المدينة، بعد ظهر أمس، بتسعة صواريخ.
وأشار مسؤول كردي مقرّب من حزب "الاتحاد الديمقراطي"، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "وحدات حماية الشعب تشتبك مع التنظيم على مقربة من المدينة، التي أصبحت تحت نيران قذائفه". وأشار إلى أن "المعارك تمتد على مسافات قريبة تصل إلى 7 كيلومترات من المدينة"، موضحاً أن "طائرات التحالف لم تخفف حدّة هجمات التنظيم على المدينة حتى الآن".
وأضاف المسؤول أن "عناصر غرفة عمليات بركان الفرات التي تشكّلت أخيراً، وتضمّ وحدات حماية الشعب وعدداً من فصائل الجيش الحرّ، دمّرت حتى الآن أكثر من خمسة دبابات للتنظيم، واستولت على مدفع 57 أثناء اشتباكات أمس في قرية ايدوقلي (11 كيلومتراً جنوب عين العرب)".
ولفت إلى أن "الاشتباكات في الجهة الشرقية تبعد عن المدينة 9 كيلومترات، في قرية عليشار، فيما تبعد 7 كيلومترات من الجهة الغربية بالقرب من مبنى الإذاعة".
في السياق، أكد "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن "عدد المقاتلين الأكراد الذين دخلوا إلى عين العرب، منذ يوم الأربعاء الماضي، ارتفع إلى 1500 مقاتل". ونشرت وسائل إعلام محلية كردية تقارير عدة، تفيد بعودة شباب الأكراد من أبناء عين العرب في الخارج إلى المدينة، وانضمامهم إلى وحدات "حماية الشعب"، بالإضافة إلى مئات من أكراد تركيا، عبروا الحدود إلى المدينة منذ 16 سبتمبر/أيلول الحالي لمحاربة التنظيم.
وفي الجهة العراقية، أفاد مسؤول في قوات "البشمركة" الكردية، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنّ "نحو 700 مقاتل وصلوا من تركيا وإيران لينضموا إلى أعداد مماثلة من المتطوعين الأكراد العراقيين، قبل توجههم إلى عين العرب".
ويوضح المسؤول، الذي يشغل رتبة عقيد، في اللواء الأول في قوات "البشمركة"، أن "توافد هذا العدد من المتطوعين يأتي تلبية لدعوات وجهها رجال دين وشخصيات قومية كردية لنصرة أكراد سورية". ولفت إلى أنّ "حكومة إقليم كردستان، ومن باب نصرة أشقائهم الأكراد في سورية، لن تقف ضدّ وصول المجاهدين الأكراد".
من جهته، يعتبر القيادي الكردي في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني"، حمة أمين، أنّ "كردستان العراق تجد نفسها أمام مهمّة أخلاقيّة في الانتصار للأكراد السوريين". ويشير إلى أنّ "الانتقادات الموجّهة ضد القيادة الكردية، بشأن تشجيعها ظاهرة الجهاديين الأكراد ضد داعش، أو خلقها حالة عسكرة غير نظامية في الإقليم، غير صحيح". ويشدّد على أنّ "سقوط المدن الكردية السورية المجاورة لنا، يعني تهديداً إضافياً على أمننا القومي"، لافتاً إلى "أننا أبلغنا الأميركيين بأننا سنعمل بكل طاقتنا، من أجل دحر التنظيم الإرهابي في المحور الكردي السوري".
في السياق ذاته، شنت طائرات التحالف في وقت مبكر اليوم، غارتين على مدينة تل أبيض الحدودية بمحافظة الرقة ونواحيها، استهدفت مبنى المحكمة في المدينة، إضافة إلى مدرسة عين العروس، كما نفذت غارات عدة، أمس، على مقرّات أخرى للتنظيم، بالإضافة إلى أكثر من ثماني مصاف للنفط، التي تؤكد مصادر محلية أن التنظيم يستخدمها لتصفية النفط الخام، وبيعه عبر طرق غير شرعية إلى تركيا.
وقال الناشط المدني المكنّى أبو جميلي، من مدينة تل أبيض لـ"العربي الجديد"، إن "الغارة استهدفت مدرسة الزراعة في قرية عباطين (10 كيلومترات شرق المدينة)، والتي استخدمها التنظيم معسكراً للتدريب، وقتل أكثر من 15 عنصراً كانوا يحرسونها"، موضحاً أن "التنظيم قد أخلى جميع مقراته قبل أيام عدة".
وأضاف أبو جميلي أن "النيران كانت مشتعلة بتلك المصافي حتى وقت متأخر". ولفت إلى أن "الغارات هي الأولى لطائرات التحالف على التنظيم في المدينة منذ استهدافها لمقرات التنظيم في سورية".