09 نوفمبر 2024
أردوغان ـ ترامب وبرانسون
طوى الأميركيون والأتراك قضية القس أندرو برانسون. بات الأخير في الولايات المتحدة، وأصبح في وسع الرئيس ترامب الاستفادة من أصوات الكتلة الإنجيلية المحافظة في الانتخابات النصفية للكونغرس في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. أنهى البلدان ملفاً شائكاً استمرّ طيلة الصيف، وأدّى إلى تدهور العملة التركية، وتضعضع الاقتصاد التركي بعض الشيء. الآن لم يعد أمام واشنطن وأنقرة سوى متابعة الملفات من مكان توقفها.
بداية، ستُرفع العقوبات الأميركية المفروضة على تركيا، بحجة برانسون، قريباً، وفق تطمينات ترامب، ما يعني أن الليرة التركية ستستعيد عافيتها، وأن أنقرة ستستمرّ في نهجها الاقتصادي في الطريق نحو "جمهورية عام 2023". كذلك سينعكس ذلك على صفقات الأسلحة الأميركية لتركيا، خصوصاً صفقة طائرات "أف 35". سينعكس الاتفاق طبعاً على ملف منبج السورية، التي تشهد تشاركاً ميدانياً بين القوات الأميركية والقوات التركية، في سياق العمل على إبعاد "قوات سورية الديمقراطية" إلى خارج المنطقة. وقد اعتبر اتفاق منبج، في الأساس، "ممهّداً لحلّ المسألة الكردية في الشمال السوري بمشاركة الأميركيين والأتراك". بالتالي، فإن تعثّره يعني تعثّر المسار برمّته.
سيسمح الاتفاق الأميركي ـ التركي لأنقرة بالتمسّك بهامش مناورة واسع في العلاقات مع السعودية، على خلفية قضية الصحافي الكاتب جمال خاشقجي. وبظهرٍ محميّ من واشنطن، في وسع الأتراك رفع الصوت أكثر تجاه الرياض، سواء في ما يتعلّق بتشكيل وفد مشترك للتفتيش في القنصلية السعودية ومنزل القنصل السعودي في إسطنبول، أو في سياق الوصول إلى التهديد بعمل دبلوماسي في حال لم تُكشف حقائق القضية. وسيسمح الاتفاق الأميركي ـ التركي لتركيا بترك الأبواب مفتوحة مع الغرب، في ظلّ اتفاقها شبه الكامل مع روسيا وإيران في الشأن السوري، تحديداً في اتفاق إدلب أخيراً، على الرغم من أنه سيُشكّل اختباراً للقدرات التركية في ملف المسلّحين في المحافظة.
في الشق الأميركي، في وسع ترامب، عدا استغلال القضية لصالحه في الانتخابات، القول إن "أميركا لا تترك أحداً بعيداً عن الديار"، ففي وقتٍ سابق من العام الحالي، تمكّن ترامب، عبر وزير خارجيته، مايك بومبيو، من إطلاق سراح ثلاثة أميركيين في كوريا الشمالية، في مايو/ أيار الماضي، تدشيناً لمرحلة جديدة من العلاقات بين واشنطن وبيونغ يانغ.
أما برانسون بالذات الذي اتُهم تركياً بأنه متعاون مع حركة الخدمة التي يقودها الداعية فتح الله غولن، وبالتعاطف مع حزب العمال الكردستاني، المصنّف إرهابياً في تركيا، فإنه نموذج للشخص الذي يُطرح ألف سؤال حول نواياه الحقيقية في زيارة بلد ما وفتح رعاية دينية فيه، باسم الحرية، ثم التورّط مع منظوماتٍ متعارضةٍ مع سياسة هذه الدولة. تتشارك في هذا النموذج الإرساليات الدينية المسيحية الوافدة من أوروبا تجاه الشرق وأميركا الجنوبية، والدعاة المسلمون، المتوافدون من الشرق باتجاه الغرب. هنا الإشكالية الكبرى: "التبشير الديني". ولا يُمكن باسم الحرية ترك هذا التبشير من دون ضوابط، لأن التعارض بين التبشير والحرية الإنسانية حتمي في مكان ما، وفي حال أن التبشير لم يتطوّر باتجاه تطور التاريخ، ستتفاقم المشكلة، وصولاً إلى الصدام. بالنسبة إلى المبشّرين، فإنهم "الحلّ لكل مشكلات عالمنا الحالي". وهذا خطأ. فقد كان هؤلاء موجودين في القرون الماضية، وكانوا أساس الصدام بدورهم. ما يطرح إشكالية أن مشكلات العالم لا يمكن حلّها ببنود دينية، أو العودة إلى الوراء في سياق التاريخ، تحت عنوان "العودة إلى الجذور". لا شيء يعود إلى الوراء تاريخياً. يبقى الحلّ دائماً في تطوير الفكر، دينياً كان أم غيره. اختار برانسون تركيا منذ 24 عاماً، واختار السكن والتبشير، في وسطٍ إسلامي واسع. هذا وحده يستحق سؤالاً بشأن جدوى ما فعل طوال الـ24 عاماً، خصوصاً أنه لم ينجح سوى في جذب أتراكٍ قليلين إلى حملته الدينية.
بداية، ستُرفع العقوبات الأميركية المفروضة على تركيا، بحجة برانسون، قريباً، وفق تطمينات ترامب، ما يعني أن الليرة التركية ستستعيد عافيتها، وأن أنقرة ستستمرّ في نهجها الاقتصادي في الطريق نحو "جمهورية عام 2023". كذلك سينعكس ذلك على صفقات الأسلحة الأميركية لتركيا، خصوصاً صفقة طائرات "أف 35". سينعكس الاتفاق طبعاً على ملف منبج السورية، التي تشهد تشاركاً ميدانياً بين القوات الأميركية والقوات التركية، في سياق العمل على إبعاد "قوات سورية الديمقراطية" إلى خارج المنطقة. وقد اعتبر اتفاق منبج، في الأساس، "ممهّداً لحلّ المسألة الكردية في الشمال السوري بمشاركة الأميركيين والأتراك". بالتالي، فإن تعثّره يعني تعثّر المسار برمّته.
سيسمح الاتفاق الأميركي ـ التركي لأنقرة بالتمسّك بهامش مناورة واسع في العلاقات مع السعودية، على خلفية قضية الصحافي الكاتب جمال خاشقجي. وبظهرٍ محميّ من واشنطن، في وسع الأتراك رفع الصوت أكثر تجاه الرياض، سواء في ما يتعلّق بتشكيل وفد مشترك للتفتيش في القنصلية السعودية ومنزل القنصل السعودي في إسطنبول، أو في سياق الوصول إلى التهديد بعمل دبلوماسي في حال لم تُكشف حقائق القضية. وسيسمح الاتفاق الأميركي ـ التركي لتركيا بترك الأبواب مفتوحة مع الغرب، في ظلّ اتفاقها شبه الكامل مع روسيا وإيران في الشأن السوري، تحديداً في اتفاق إدلب أخيراً، على الرغم من أنه سيُشكّل اختباراً للقدرات التركية في ملف المسلّحين في المحافظة.
في الشق الأميركي، في وسع ترامب، عدا استغلال القضية لصالحه في الانتخابات، القول إن "أميركا لا تترك أحداً بعيداً عن الديار"، ففي وقتٍ سابق من العام الحالي، تمكّن ترامب، عبر وزير خارجيته، مايك بومبيو، من إطلاق سراح ثلاثة أميركيين في كوريا الشمالية، في مايو/ أيار الماضي، تدشيناً لمرحلة جديدة من العلاقات بين واشنطن وبيونغ يانغ.
أما برانسون بالذات الذي اتُهم تركياً بأنه متعاون مع حركة الخدمة التي يقودها الداعية فتح الله غولن، وبالتعاطف مع حزب العمال الكردستاني، المصنّف إرهابياً في تركيا، فإنه نموذج للشخص الذي يُطرح ألف سؤال حول نواياه الحقيقية في زيارة بلد ما وفتح رعاية دينية فيه، باسم الحرية، ثم التورّط مع منظوماتٍ متعارضةٍ مع سياسة هذه الدولة. تتشارك في هذا النموذج الإرساليات الدينية المسيحية الوافدة من أوروبا تجاه الشرق وأميركا الجنوبية، والدعاة المسلمون، المتوافدون من الشرق باتجاه الغرب. هنا الإشكالية الكبرى: "التبشير الديني". ولا يُمكن باسم الحرية ترك هذا التبشير من دون ضوابط، لأن التعارض بين التبشير والحرية الإنسانية حتمي في مكان ما، وفي حال أن التبشير لم يتطوّر باتجاه تطور التاريخ، ستتفاقم المشكلة، وصولاً إلى الصدام. بالنسبة إلى المبشّرين، فإنهم "الحلّ لكل مشكلات عالمنا الحالي". وهذا خطأ. فقد كان هؤلاء موجودين في القرون الماضية، وكانوا أساس الصدام بدورهم. ما يطرح إشكالية أن مشكلات العالم لا يمكن حلّها ببنود دينية، أو العودة إلى الوراء في سياق التاريخ، تحت عنوان "العودة إلى الجذور". لا شيء يعود إلى الوراء تاريخياً. يبقى الحلّ دائماً في تطوير الفكر، دينياً كان أم غيره. اختار برانسون تركيا منذ 24 عاماً، واختار السكن والتبشير، في وسطٍ إسلامي واسع. هذا وحده يستحق سؤالاً بشأن جدوى ما فعل طوال الـ24 عاماً، خصوصاً أنه لم ينجح سوى في جذب أتراكٍ قليلين إلى حملته الدينية.