طالما كان ينبهر العالم بأموال وشبكات المصالح التي تديرها شركات النفط الخاصة العملاقة، ولكن في ظل أزمة تهاوي الأسعار التي تعصف بالأسواق، تركز هذه الشركات على محاولة الصمود أمام هذه الموجة العاتية.
مثلاً، اتخذت "إكسون موبايل" التي تُعدّ من أكبر شركات الطاقة في العالم، إجراءات تقشفية وتحجيم الاستثمارات، ورغم ذلك يتوقع أن تُسجّل عجزاً في العام المقبل يراوح بين 7 و8 مليارات دولار، وهو مبلغٌ يعادل ميزانيات كاملة لبعض الدول الصغيرة.
لقد شهد العالم ضربات متزايدة للعمالقة في قطاع النفط، سواء بلدان أو شركات ربحيّة. وقد تنوّعت الأزمات بين بيئية، وتكنولوجية وسياسيّة، غير أن هذه المرحلة تُشكّل منعطفاً جدياً، وإذا لم يتخذ اللاعبون المعنيون الخيارات الصائبة لدى المغامرة فيه لن يكون لديهم الزخم الكافي للمتابعة بعد تخطيه، حسب محللين.
وفي حالة الشركات فإن الخيارات الوحيدة المتاحة خلال هذه المرحلة هي عمليات الاندماج والاستحواذ التي تتمكن بموجبها الشركات الصغيرة من الاحتماء تحت جناح العمالقة، متجنّبة عدم قدرتها على توليد الإيرادات، فيما تستفيد الشركات الكبيرة من الخبرات والتكنولوجيا النوعية التي طوّرها اللاعبون الصغار، كما تتمكّن من توزيع مخاطرها وتعويض انكفائها عن الاستثمار عبر السيطرة مكامن جديدة.
الوضع خطير للجميع من دون شكّ. المحلّلون يملؤون الشاشات والصحف المتخصّصة بعجزهم عن صوغ توقعات للنفط في المدى المتوسط، وحديثهم عن انتهاء صلاحية النماذج الاقتصادية التقليدية لآليات الأسعار.
وفي هذا السياق تحدث مصرف "غولدمان ساكس" في ورقة بحثية صدرت عقب اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) منذ أسبوعين، عن استمرار وتيرة الهبوط، قائلاً إنّ ضعف الطلب في السوق حالياً نتيجة الشتاء المعتدل والمتأخر، تحديداً في أميركا الشمالية، معطوفاً على تراكم المخزون، وتحديداً المخزون الأميركي، جميعها عوامل قد توصل النفط في العام المقبل، إلى نصف المستوى الذي يسجله حالياً.
وأضاف المصرف الأميركي أنه "عندما يتخطّى المخزون مستوياته القصوى، وما يولده ذلك من احتمال أن تعمد السوق إلى الإنتاج عند مراحل التأزم، تزداد المخاطر في ما يخص التوقعات ويُمكن الحديث عن إنتاج تكلفة معادل لعشرين دولارا للبرميل".
وستعمد البلدان المنتجة للنفط، وعلى رأسها أوبك إلى الإنتاج عند المستويات الحالية دون تخفيض الكميات المباعة من أجل البقاء في السوق. هذا السلوك مع اتجاه كبار المنتجين لضخ مزيد من الإنتاج سيضغط أكثر على الأسعار، وبالتالي سيؤدي إلى تحجيم الشركات العملاقة لاستثماراتها في هذا القطاع بل والدول أيضاً، حسب محللين.
وأكدت العديد من التقارير الدولية أن أسعار النفط تواجه دورة انهيار جديدة في العام المقبل، ربما تكون أكثر قسوة من الانهيار الذي شهدته حتى الآن.
ويتجه الجميع نحو طرح المزيد من النفط الرخيص؛ وهو ما فعله العراق مؤخراً على سبيل المثال، حيث باعت حكومة بغداد بعض نوعيات من خام البصرة في أوروبا بحوالى 30 دولاراً للبرميل، في ظل ازدياد وتيرة الحسومات في صراع كسب الزبائن في الأسواق الرئيسية المستهلكة للطاقة.
اقرأ أيضاً:
الطلب الأميركي على النفط السعودي بأدنى مستوياته منذ 2009
خطة سعودية للتعايش مع النفط الرخيص وعجز الموازنة