وتحرص العائلات الفلسطينية على الولائم وطبخ أكلات مفضلة بالنسبة إليهم، لتوفر اللحم بشكل جيد، فبعض الناس يسمون هذا العيد بـ"عيد اللحوم" كون الجميع ينشغل بلحوم الأضاحي وتوزيعها وطبخها، ويفضل غالبية الناس توزيع اللحم بحصص متساوية على الأقارب، إلا أن بعضهم يرى أن جمع العائلة في بيت واحد يضفي صورة جميلة على العيد، وتكون غالبا الوليمة المناسبة على مائدتهم من إحدى الأكلات الدسمة، كالمنسف والقدرة وغيرها.
وكانت لدى الفلسطينيين عادة قديمة، إذ تصنع الأمهات طبخة اللبنية، وهي أكلة شعبية تسمى في فلسطين "الكرناسة"، تصنع من اللبن والرز، وتكون غنية باللحم والدهون، وما زال هناك من يتمسك بهذه العادة حتى اليوم.
يقول أحمد عوض (65 عاما)، لـ"العربي الجديد": "كان الناس قديما يطبخون الكرناسة، وأذكر جدتي فضّة التي كانت تعدّها لنا في العيد، وما زلت أستطيع تذكر طعم اللحم الشهي فيها. لقد ورثنا هذه العادة عن جدتنا لفترة من الزمن لكن عزفنا عنها بعد ذلك".
بينما ما زالت خلود شفيق، وهي ربة منزل من مدينة نابلس، إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة، تتمسك بهذه العادة، إذ تُعِدّ في عيد الأضحى أكلة الكرناسة، وقد اعتاد أبناؤها عليها، فهي تعدها أيضا في الأيام العادية، لكن هذه الأكلة أصبحت في بيتها تقترن بالعيد، وفق ما تقوله لـ"العربي الجديد"، مشيرة إلى أن هذه الأكلة تكون وجبة غداء، بينما فطور صبيحة العيد يتكون من صواني اللحم ومعلاق الخروف وتوابع أخرى تزين مائدة الإفطار.
في قرية رأس كركر، غربي مدينة رام الله، وسط الضفة المحتلة، يختلف الأمر قليلا، إذ تعد الأمهات أكلة تسمى "يخني"، وهي عبارة عن لحم مطبوخ بالبندورة والبصل، بحسب ما يصفها أبو خالد، من القرية، ويقول لـ"العربي الجديد": "هذه الأكلة الأكثر شهرة في قريتنا يوم العيد، ورائحتها الشهية تكون صباح يوم العيد تفوح من المنازل، ويفطر الناس عليها ومن ثم ينطلقون إلى منازل الأقارب لمعايدتهم وإتمام واجباتهم الاجتماعية".
على عكس الأكلات التقليدية، فإن البعض يفضل أن يتناول طعام الغداء في حفل شواء تجتمع فيه كل العائلة، إذ يقول مجاهد العصا، من بلدة العبيدية، شمال مدينة بيت لحم، جنوب الضفة، لـ"العربي الجديد"، إن عائلته وأعمامه "يجتمعون بعد صلاة العيد في منزل العائلة، ويحضرون ذبائحهم معهم، وبعد عملية الذبح يؤخذ قليل من اللحم للنساء اللاتي يقطعنه بشكل جيد، في حين يقوم الأطفال بإشعال الفحم، ليبدأوا بشي اللحم في أجواء عائلية جميلة".
كذلك، مساء أيام العيد، تفوح رائحة شواء اللحم من المنازل، إذ تجتمع العائلات في منزل واحد ويقيمون حفل شواء ضمن أجواء اجتماعية يحيون فيها صلة الرحم، بينما يفضل آخرون أن يخرجوا مع أطفالهم وأقاربهم إلى الحدائق العامة ومتنزهات الملاهي لكي يخلقوا جوا جميلا للأطفال.
في السياق ذاته، تتجهز المطاعم في مدن فلسطين لأجواء يوم العيد، إذ تكتظ المطاعم مساء بالزبائن من مختلف أنحاء الضفة ومدن فلسطين في الداخل المحتل، وهذا ما يدفع القائمين على المطاعم إلى تحضير كميات أكبر من الطعام والولائم، والتجهيز مسبقا لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الزبائن.
ويقول ماهر عبد المنعم، وهو أحد المشرفين في مطعم "كان يا مكان"، بمدينة نابلس: "نستعد مسبقا لإجازة العيد، ونقوم بشراء كافة المتطلبات وقائمة الأكلات التي يقدمها المطعم، حيث نشتري اللحوم والخضروات والفواكه والحلويات. وبسبب الضغط في العمل على المطاعم، نقدم قائمة طعام مختصرة ومتنوعة، وذلك لاستيعاب الأعداد وعدم التأخير في تلبية طلبات الزبائن".
وتقدم غالبية المطاعم أطباقا متنوعة لذيذة يعدها طباخون، كما أنهم يقدمون الحلويات والعصائر الطبيعية والأراجيل، كما يوفر بعضها مكانا خاصا للأطفال توجد فيه ألعاب مسلية تسعد الأطفال وتفرحهم، كذلك، تتنافس المطاعم في الضفة الغربية على تقديم العروض وتوفير الأجواء المريحة للزبائن، وذلك عن طريق عرضها على مواقع التواصل الاجتماعي وطرق الإعلان التقليدية، من أجل جلب أكبر عدد من الزبائن، وفق ما يقوله عبد المنعم لـ"العربي الجديد".