كثيرة هي المناشدات التي وُجّهت إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية، للعمل على إنقاذ عشرات آلاف اللاجئين السوريين المحاصرين في مخيم الركبان بالصحراء القاحلة. كارثة إنسانية تتهددهم، كباراً وصغاراً
يعيش أكثر من 70 ألف سوري، من بينهم نحو 40 ألف طفل دون الخامسة عشرة، في مخيم الركبان للاجئين السوريين الواقع عند شريط الحدود الأردنية السورية. هم وفدوا من مختلف المناطق السورية، ولا يملكون أياً من مقومات الحياة الكريمة. ويبدون اليوم محرومين من المواد الغذائية وكذلك الطبية والتعليم، في تلك البقعة القاحلة من الصحراء التي فاقمت معاناتهم، لا سيّما معاناة الأطفال.
أبو محمود ناشط في المجال الصحي في مخيم الركبان، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "أطفال المخيم بمعظمهم محرومون من مختلف الحقوق التي يحظى بها الصغار على وجه هذه الأرض، فلا غذاء ولا رعاية صحية ولا تعليم ولا مساحة للعب. بالنسبة إليّ، أولادي الثلاثة من دون دراسة، لكنني أرسلهم إلى مدرسة مأجورة ليتعلموا القرآن الكريم، في حين أعمد أنا إلى تزويدهم ببعض المعلومات، وإن من دون منهاج. ففي العام الماضي على سبيل المثال، كان ثمة دعم من قبل الأمم المتحدة للقرطاسية، في ظلّ غياب الكتب ورواتب المدرّسين. وفي المدرسة التابعة لمنظمة جسور الأمل، لم يتقاضَ المدرّسون رواتبهم منذ ستة أشهر".
اقــرأ أيضاً
وعن صحة الأطفال في مخيم الركبان، يقول أبو محمود إنّهم "يعانون من نقص المناعة بصورة عامة، بالإضافة إلى تعرّضهم إلى الأمراض الموسمية. في الشتاء الأمراض التنفسية وفي الصيف الإسهال والتهاب الأمعاء. وفي حين تتوفّر نقطة طبية مجانية، فإنّها لا تضمّ عيادة طبية خاصة بالأطفال ولا توفّر أدوية للأطفال. أمّا النقطة الطبية المدعومة من يونيسف، فهي داخل الأراضي الأردنية وتستقبل يومياً نحو 80 طفلاً، غير أنّها تعاني نقصاً في الأدوية، في حين تعالج سوء التغذية المنتشرة بين الأطفال بعلب الفستق السوداني". ويؤكد أبو محمود أنّ "الوضع المعيشي بصورة عامة سيئ جداً، في ظل عدم توفّر دخل ثابت لعائلات المخيم التي تعجز أحياناً عن تأمين دواء لأبنائها في حال أصيبوا بمرض".
ويتحدث أبو محمود عن "عمالة للأطفال محصورة بنقل الأغراض من السوق إلى المنازل، في حين ينتشر التسوّل وكذلك السرقة بين هؤلاء الصغار. وثمّة آخرون يقومون بنقل المياه كذلك، فالاعتماد يكون غالباً على الأطفال في هذا المجال، ويستطيع المراقب أن يرى عشرات الأطفال مصطفين في انتظار دورهم".
وإذ يلفت إلى عدم وجود منظمات دولية تعمل في المخيم أو تقدّم المساعدات، يؤكد أبو محمود أنّ "الأطفال لا يملكون ألعاباً في المخيم، وهم بمعظمهم يقضون وقتهم مع الحمام. لكن ثمّة عدداً قليلاً يملك كرة قدم، فقد وصلت قبل مدّة كمية من الكرات بيعت الواحدة بأربعة آلاف ليرة سورية (نحو سبعة دولارات أميركية) أو خمسة آلاف ليرة (نحو تسعة دولارات)، وهذا مبلغ ليس في متناول الجميع. وأنا مثلاً أحاول قدر المستطاع منع أطفالي من الخروج إلى الشارع، فهو ليس آمناً على الأطفال، إن كان بسبب إطلاق النار العشوائي، أو العنف السائد حتى بين الأطفال. فالعراك يكثر بينهم".
من جهته، يقول الإعلامي في المجلس المدني لمخيم الركبان، أبو عمر الحمصي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "سكان المخيم يعيشون بمعظمهم حياة شاقة، خصوصاً الصغار الذين نراهم يشتغلون في أعمال مجهدة، بينما يعيش كثيرون منهم على التسوّل، إلى جانب المهام اليومية التي يوكّلون بها من قبيل جلب المياه وجمع ما هو قابل للاشتعال من قمامة للخبز والطبخ".
ويؤكد الحمصي أنّ "الأطفال محرومون من الترفيه بصورة كلية، فالواقع القاسي حرمهم من طفولتهم، ويمكن رصد ذلك في السوق. على الرغم من درجات الحرارة المرتفعة، تجد أطفالاً يجلسون على بسطة تحت الشمس ليبيعوا قليلاً من الخبز ويجمعوا بضع مئات من الليرات لعلّها تساعد أسرهم في تأمين قوتها اليومي. أمّا من يلعب، فتجده في أغلب الأحيان يحمل عصا كأنّها بندقية".
يضيف الحمصي أنّه "في ظل الواقع السيئ، نجد أطفالاً كثيرين يشعرون بالحسرة والألم لأنّهم يعجزون عن متابعة دراستهم، ويمكن الحديث عن أميّة في بعض الأحيان. وفي حين يعجز أطفال عن إجراء عمليات حسابية بسيطة، ثمّة آخرون لا يعلمون كيفية كتابة أسمائهم". ويتابع: "أظنّ أنّه لا توجد منطقة على وجه الأرض أسوأ من مخيم الركبان على الأطفال والبالغين على حدّ سواء، في حين يكتفي العالم بالتباكي علينا ونحن نموت كلّ يوم ألف ميتة ونخسر مستقبل أطفالنا".
يعيش أكثر من 70 ألف سوري، من بينهم نحو 40 ألف طفل دون الخامسة عشرة، في مخيم الركبان للاجئين السوريين الواقع عند شريط الحدود الأردنية السورية. هم وفدوا من مختلف المناطق السورية، ولا يملكون أياً من مقومات الحياة الكريمة. ويبدون اليوم محرومين من المواد الغذائية وكذلك الطبية والتعليم، في تلك البقعة القاحلة من الصحراء التي فاقمت معاناتهم، لا سيّما معاناة الأطفال.
أبو محمود ناشط في المجال الصحي في مخيم الركبان، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "أطفال المخيم بمعظمهم محرومون من مختلف الحقوق التي يحظى بها الصغار على وجه هذه الأرض، فلا غذاء ولا رعاية صحية ولا تعليم ولا مساحة للعب. بالنسبة إليّ، أولادي الثلاثة من دون دراسة، لكنني أرسلهم إلى مدرسة مأجورة ليتعلموا القرآن الكريم، في حين أعمد أنا إلى تزويدهم ببعض المعلومات، وإن من دون منهاج. ففي العام الماضي على سبيل المثال، كان ثمة دعم من قبل الأمم المتحدة للقرطاسية، في ظلّ غياب الكتب ورواتب المدرّسين. وفي المدرسة التابعة لمنظمة جسور الأمل، لم يتقاضَ المدرّسون رواتبهم منذ ستة أشهر".
يضيف أبو محمود أنّ "ثمّة احتمالات دعم من قبل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، لا سيّما أن مدّرساً من هنا يجمع دفاتر العائلات في هذا السياق، لإنشاء مدرسة تكون بالتأكيد في خيمة. إلى ذلك، نحن نتمنى أن يعود الدعم إلى مدرسة جسور الأمل التي تتألف من غرفتَين اثنتَين. الوضع سوف يكون أفضل إذا عاد". ويشير إلى أنّ ذلك "لن يغطي بالتأكيد سوى عدد قليل جداً من أطفال المخيم، حتى لو أضفنا إليها المدارس الأهلية. في تلك المدارس، يستقبل مدرّس أو مدرّسة عدداً من الأطفال لا يتجاوز عددهم العشرة في مقابل بدل مالي يدفعه أهل الأطفال. عموماً، لا يمكننا القول إنّ ما يجري في المخيّم عملية تعليمية".
وعن صحة الأطفال في مخيم الركبان، يقول أبو محمود إنّهم "يعانون من نقص المناعة بصورة عامة، بالإضافة إلى تعرّضهم إلى الأمراض الموسمية. في الشتاء الأمراض التنفسية وفي الصيف الإسهال والتهاب الأمعاء. وفي حين تتوفّر نقطة طبية مجانية، فإنّها لا تضمّ عيادة طبية خاصة بالأطفال ولا توفّر أدوية للأطفال. أمّا النقطة الطبية المدعومة من يونيسف، فهي داخل الأراضي الأردنية وتستقبل يومياً نحو 80 طفلاً، غير أنّها تعاني نقصاً في الأدوية، في حين تعالج سوء التغذية المنتشرة بين الأطفال بعلب الفستق السوداني". ويؤكد أبو محمود أنّ "الوضع المعيشي بصورة عامة سيئ جداً، في ظل عدم توفّر دخل ثابت لعائلات المخيم التي تعجز أحياناً عن تأمين دواء لأبنائها في حال أصيبوا بمرض".
ويتحدث أبو محمود عن "عمالة للأطفال محصورة بنقل الأغراض من السوق إلى المنازل، في حين ينتشر التسوّل وكذلك السرقة بين هؤلاء الصغار. وثمّة آخرون يقومون بنقل المياه كذلك، فالاعتماد يكون غالباً على الأطفال في هذا المجال، ويستطيع المراقب أن يرى عشرات الأطفال مصطفين في انتظار دورهم".
وإذ يلفت إلى عدم وجود منظمات دولية تعمل في المخيم أو تقدّم المساعدات، يؤكد أبو محمود أنّ "الأطفال لا يملكون ألعاباً في المخيم، وهم بمعظمهم يقضون وقتهم مع الحمام. لكن ثمّة عدداً قليلاً يملك كرة قدم، فقد وصلت قبل مدّة كمية من الكرات بيعت الواحدة بأربعة آلاف ليرة سورية (نحو سبعة دولارات أميركية) أو خمسة آلاف ليرة (نحو تسعة دولارات)، وهذا مبلغ ليس في متناول الجميع. وأنا مثلاً أحاول قدر المستطاع منع أطفالي من الخروج إلى الشارع، فهو ليس آمناً على الأطفال، إن كان بسبب إطلاق النار العشوائي، أو العنف السائد حتى بين الأطفال. فالعراك يكثر بينهم".
من جهته، يقول الإعلامي في المجلس المدني لمخيم الركبان، أبو عمر الحمصي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "سكان المخيم يعيشون بمعظمهم حياة شاقة، خصوصاً الصغار الذين نراهم يشتغلون في أعمال مجهدة، بينما يعيش كثيرون منهم على التسوّل، إلى جانب المهام اليومية التي يوكّلون بها من قبيل جلب المياه وجمع ما هو قابل للاشتعال من قمامة للخبز والطبخ".
ويؤكد الحمصي أنّ "الأطفال محرومون من الترفيه بصورة كلية، فالواقع القاسي حرمهم من طفولتهم، ويمكن رصد ذلك في السوق. على الرغم من درجات الحرارة المرتفعة، تجد أطفالاً يجلسون على بسطة تحت الشمس ليبيعوا قليلاً من الخبز ويجمعوا بضع مئات من الليرات لعلّها تساعد أسرهم في تأمين قوتها اليومي. أمّا من يلعب، فتجده في أغلب الأحيان يحمل عصا كأنّها بندقية".
يضيف الحمصي أنّه "في ظل الواقع السيئ، نجد أطفالاً كثيرين يشعرون بالحسرة والألم لأنّهم يعجزون عن متابعة دراستهم، ويمكن الحديث عن أميّة في بعض الأحيان. وفي حين يعجز أطفال عن إجراء عمليات حسابية بسيطة، ثمّة آخرون لا يعلمون كيفية كتابة أسمائهم". ويتابع: "أظنّ أنّه لا توجد منطقة على وجه الأرض أسوأ من مخيم الركبان على الأطفال والبالغين على حدّ سواء، في حين يكتفي العالم بالتباكي علينا ونحن نموت كلّ يوم ألف ميتة ونخسر مستقبل أطفالنا".