"كلّ يوم يُحتفَل فيه بذكرى كريمة أو حبيبة، والجمع: أعياد". بهذا يُعرّف معجم الوسيط اللغوي تلك الكلمة التي وبمجّرد نطقها تتولّد لدينا - أكثرنا - بهجة، كأنها شبه فطريّة. "عيد".
"الأوّل من شوّال، وهو اليوم الأوّل الذي يبدأ به الإفطار للصائمين، ويُحرَّم الصوم فيه". بهذا يُعرّف معجم المصطلحات الفقهيّة ذلك اليوم الذي يعقب صوم شهر رمضان، ذلك الذي ننتظره - أكثرنا - بحماسة تختلف باختلاف تصوّراتنا له. "عيد الفطر".
هذان مجرّد تعريفَين لغويّ وفقهيّ لتلك المناسبة المنتظَرة. أما "العيد"، وبعيداً عن جذره "عَود" وعن تأويلاته التاريخيّة - الدينيّة، فما هو سوى لحظات خاصة حميمة يختبرها كلّ منّا.. ما هو سوى "أعياد" صغيرة. هو...
حماسة فتاة صغيرة لارتداء فستانها الجديد. يطول الانتظار، كأن بعد غد لن يحلّ أبداً. وتلقي عليه نظرات خاطفة بين حين وآخر، من شقّ في تلك الخزانة العتيقة. كأنها تريد التأكد من أنه ما زال هنا، وتزداد حماستها.
ترقّب صبيّ صغير، يعدّ الأيام التي تفصله عن الصباح الكبير.. صباح العيديّة. تُرى كم يجمع من جدَّيه وأعمامه وخالاته؟ هل يكفيه المبلغ لشراء ما يخطّط له منذ بداية شهر رمضان؟
أنوثة مستجدّة تشعر بها فتاة في سنيّ مراهقتها الأولى. والداها سمحا لها بعد مفاوضات طويلة، بوضع أحمر الشفاه - الزهريّ - في يوم العيد.. للمرّة الأولى.
أزهار لافندر يقطفها رجل أربعينيّ ويرتّبها في باقات صغيرة. خالته التي ربّته، كانت تحبّها. بعد غد، عندما يزورها هناك عند مثواها الأخير قبل صلاة العيد، لن يزيّن قبرها إلا بأزهارها.
أرجوحة تعلو في تلك الحديقة. وتدفع الأمّ الشابة ابنها بسرعة أكبر. كم من مرّة رجت والدتها أن تفعل، إلا أنها كانت تخشى عليها وتدفع أرجوحتها بهدوء. أما هي، فكانت تراقب الأطفال الآخرين بحسرة. لن تدع صغيرها يشعر بالمثل. تدفعه إلى الأعلى، ويضحكان.
دواليب هواء ملوّنة يحملها أطفال الحيّ ويركضون في أزقّته الضيّقة. لعلّها تدور، مع انقطاع كلّ نسمة هواء وسط هذا الحرّ الشديد. ويعيدون الكرّة، جذلين.
نهم بريء لأنسباء صغار، يتناولون ما يشاؤون من أقراص العيد في دار الجدَّين. أحد لن يحاسبهم في هذا اليوم على شراهتهم تلك، ولا على لعبهم حتى ساعة متأخرة من الليل ولا على شقاوتهم.
فرحة عامرة تجتاح الجدّة. العائلة كلّها على مائدتها، حتى وإن فاتها من حين إلى آخر التعرّف إلى بعض أسماء ووجوه. وتصرّ على تحضير طبق العيد بيدَيها، حتى وإن غاب عنها بعض المقادير.
رجاء امرأة ثلاثينيّة، تأمل أن يستجيب الله لدعائها، فيفرّج الهمّ عن عزيز ويزيل غمّه. وتدعو. يُقال إن أبواب السماوات تُفتَح أيضاً في مثل هذه الأيام.
كلّ عام وأعيادنا سعيدة.
اقرأ أيضاً: سعادات صغيرة