صعبةٌ حياةُ الموظفين في المؤسسات الحكومية السورية. يوماً بعد يوم، تزدادُ معاناة هؤلاء نتيجة الضغوط الأمنية عليهم، والتدّخل في كل صغيرة وكبيرة في هذه المؤسسات. وأكثر ما يُرهق الموظفين هو تأمين المال، فالرواتب الشهرية تراوح ما بين 80 و140 دولاراً، وتشكّل مصدر الدخل الرئيسي والوحيد لآلاف العائلات السورية، علماً أن المؤشرات الاقتصادية تشير إلى أن كلفة المعيشة للشخص الواحد في دمشق تصل إلى مائة دولار شهرياً في حدها الأدنى.
وترجعُ أم أحمد (38 عاماً)، تمسّكها بالوظيفة الحكومية إلى عدم وجود أي فرص عمل بديلة في الوقت الحاضر. تقول ساخرة: "يستحيلُ على الخريج الجامعي المتفوّق إيجاد عمل اليوم. كيف لي أن أجده وقد أمضيت أكثر من عشر سنوت أعمل في ترتيب المصنّفات ووضع الأختام؟ الراتب القليل أفضل من لا شيء".
من جهة أخرى، فإن الحصول على الراتب في نهاية الشهر ليس أمراً مضموناً. وعادةً ما تُصرف الرواتب الحكومية من خلال صرافات آلية. إلا أن قليلاً منها يعمل اليوم. ويوضح إياد خربة، وهو موظّف في المصرف التجاري في حلب، أن عدداً محدوداً جداً من الصرّافات يوضع فيه المال في الوقت الحالي، علماً أن هذه هي الطريقة الوحيدة بالنسبة لمئات آلاف الموظفين لاستلام رواتبهم في بداية كل شهر. يعمد المصرف إلى وضع المال في صراف أو اثنين في كل محافظة، بسبب الظروف الأمنية التي تمنع الأمر وخصوصاً في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. يتحدث أيضاً عن مشاكل أخرى تتمثل في انقطاع الشبكة التي تؤدي إلى التوقف عن العمل لساعات أو أيام.
وكثيراً ما يضطرّ الموظفون في سورية إلى السفر وقطع مسافات طويلة وأحياناً مواجهة مخاطر عدة لاستلام رواتبهم من مدن أخرى. وقد تمتد رحلة استلام الراتب أياماً عدة، ويتوجب على موظفي كل من إدلب والرقة اليوم استلام رواتبهم من مدينة حماه. في السياق، يقول أحمد عكار، وهو موظف من إدلب: "انتظرت أمام الصراف يومين كاملين حتى استطعت الحصول على راتبي عن الأشهر الثلاثة الماضية. كان الازدحام كبيراً جداً، ولا يمكن وصف الذل التي شعرت به وأنا أقف كل هذه المدّة للحصول على بعض المال".
ابتزاز
إلى ذلك، يشكو موظفون من الابتزاز الذي يتعرضون له قبل الحصول على رواتبهم. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة تفرض على الموظفين في درعا تقديم وثيقة تتضمن ساعات العمل، على أن تكون موقعة من قبل مدرائهم. أيضاً، يجب أن تكون فواتير المياه والكهرباء مدفوعة كشرط لاستلام الرواتب. في حين يطلب من مدراء المؤسسات في حلب رفع قوائم شهرية بأسماء الموظفين الملتزمين بالعمل، كشرط لصرف رواتبهم، ما يُعطي المدير السلطة الكاملة لحرمان موظفيه من رواتبهم الشهرية. ويؤكد آخرون محاولة السلطات الأمنية شراء ولاءات العديد من الموظفين للتعامل معهم في مقابل ضمان تسيير صرف رواتبهم مع مكافآت إضافية.
أما أحمد (اسم مستعار)، وهو موظف في حلب، فلديه معاناة أخرى. يقول: "يُفرض علينا العمل في مؤسسات تقع في مناطق خطرة، أي ضمن خطوط تماس بين مناطق النظام والمعارضة. وغالباً ما تشهدُ تواجداً عسكرياً مكثفاً لقوات النظام يجعلها تحت مرمى قذائف المعارضة. ويواجه الموظفون هذا الخطر يومياً وخصوصاً أن الحكومة لا تعمد إلى توقيف العمل في أي مؤسسة بسبب وجودها في منطقة خطرة. يضيف: "سقطت على القصر البلدي، حيث ما زلت أعمل حتى اليوم، قذائف بسبب تمركز قناص على سطحه، ما يعني أن الحكومة السورية لا تشعر بأي مسؤولية حيال موظفيه".
من جهة أخرى، تعرّض موظّفون حكوميون للفصل التعسفي من قبل الحكومة السورية خلال السنتين الماضيتين. في حماه وحدها، فصل ما لا يقل عن 1200 موظف خلال عامين، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان. قرارُ الفصل شمَل موظفين من قطاعات مختلفة خدماتية وصحية وتعليمية ومجالس محلية. وأدت هذه القرارات إلى حرمانهم من مستحقاتهم المالية وحقوقهم في التأمين الصحي والتعويض عن سنوات عملهم في القطاع الحكومي.
في السياق، يوضح مركز توثيق الانتهاكات في سورية أن أسباب فصل الموظفين تشمل "جميع أشكال النشاط الثوري السابق، والانتماء إلى طائفة أو منطقة معينة، ورفض الانصياع لابتزاز الأجهزة الأمنية وأوامرها كالمسيرات والانتخاب، بالإضافة إلى رفض التغطية على خسائر الدولة في المؤسسة التي يعملون فيها".
اقــرأ أيضاً
من جهته، يوضح سالم عيد، وهو محامٍ، أن قسماً كبيراً من المفصولين كانوا معتقلين سابقين، وقضى معظمهم أشهراً طويلة قبل أن يفرج عنهم أو يحالون إلى المحاكمة، منهم من حصل على البراءة، ومنهم من نال أحكاماً لا تحرمهم أياً من حقوقهم المدنية. ومع هذا فصلوا. يضيف أنه ليس هناك أي مستند قانوني لقرارات الفصل، مضيفاً أنها تخالف القانون الأساسي للعاملين في الدول التي تعد مرجعاً قانونياً يحكم عمل الموظفين فـي الدولة. ويلفت إلى أن معظم الموظفين والمتعاقدين الجدد هم من المقرّبين والموالين للنظام. أمرٌ يؤكده مركز التوثيق الذي يقول إن الحكومة لا توظف إلا أشخاصاً معروفين بولائهم المطلق للنظام، حتى أنها تعمد إلى استبدالهم بالموظفين المشكوك بولائهم له.
التقاعد المبكر
في المقابل، يختارُ عدد من الموظفين في سورية التقاعد المبكر والتخلّص من أعباء الوظيفة، مستندين إلى القانون السوري الذي ينص على أحقيّة الموظف بالحصول على تقاعد مبكر بعد خدمة 25 عاماً، وبراتب تقاعدي (حوالي 60 في المائة من الراتب الأساسي)، فيما يحق له الحصول على تقاعد نظامي بعد مضي 30 عاماً من الخدمة، أو وصوله لعمر الستين براتب تقاعدي أيضاً (75 في المائة من راتبه الأساسي). وفي الحالتين، يحق للمتقاعدين الحصول على تعويض نهاية الخدمة الذي يحتسب تبعاً لعدد سنوات الخدمة والراتب.
ويشيرُ أحمد عبد الغفور، وهو موظف في التأمينات الاجتماعية، إلى تضاعف عدد طلبات التقاعد المبكر في سورية. وتقدّر أعدادهم بأكثر من 55 في المائة من الذين تجاوزت فترة خدمتهم الـ25 عاماً. ويعزو هذه الظاهرة إلى تزايد معاناة الموظفين في سورية، لافتاً إلى أن معظمهم يأملون الحصول على تعويضٍ علّه يساهم في تحسين أوضاعهم المالية بعض الشيء، أو يتمكن من تأمين كلفة السفر إلى خارج سورية. يضيف أن التعويضات باتت تشكل عبئاً مادياً ضخماً على الحكومة السورية.
وتجدر الإشارة إلى أن الموظفين الذين يرغبون بالتقاعد يتهمون المؤسسات الحكومية والأمنية السورية بإعاقة حصولهم على قرار التقاعد المبكر، والمماطلة في صرف تعويض نهاية الخدمة والراتب التقاعدي. أيضاً، يشكون من تعرضهم لمساءلات ومضايقات أمنية من قبل مختلف فروع الأمن السورية. أمرٌ يصفه أحمد أبو عمر، وهو موظف سابق في دمشق، "بعملية تطفيش ممنهجة تتبعها الحكومة للتهرّب من دفع مستحقات المتقاعدين".
في السياق، يروي أبو عمر تجربته قائلاً: "عملت مدة 25 عاماً كمدرّس في ريف دمشق. بعدَ سيطرة المعارضة على القرية التي كنتُ أعمل فيها، اضطررت لنقل وظيفتي إلى المدينة، علّني أضمن الاستمرار في الحصول على الراتب الذي يشكل مصدر رزقي الوحيد. ولأن هذا الراتب لم يكن يكفي لاستئجار بيت في دمشق، اضطررت للسكن في الضواحي والتوجه صباح كل يوم إلى عملي، واجتياز عدد من الحواجز في طريق الذهاب والإياب". يتابع: "على الرغم من التعب والمجهود اليومي، لم يكن راتبي كافياً لتأمين متطلبات الحياة الأساسية. تقدمت بطلب للتقاعد المبكر، إلا أنه بقي معلقاً لمدة ستة أشهر كاملة. خلالها، استدعيت للتحقيق من قبل الأمن السياسي والعسكري وأمن الدولة لأكثر من عشر مرات. وكانوا يسألونني عن أسباب رغبتي في التقاعد، وكأن الأمر تهمة، وإذا كنت أنوي السفر إلى دولة معادية لسورية، وسبب رغبتي في ترك العمل في مؤسسات الدولة. حتى أنهم طلبوا مني سحب الطلب". يضيف: "تركت كل شيء في النهاية وسافرت. لقد فعلوا هذا حتى لا يدفعوا لي مستحقاتي المالية تعويضاً عن السنوات الماضية". وها هو يبدأ حياة جديدة تماماً، تختلف عن كل ما عاشه في الماضي.
اقــرأ أيضاً
وترجعُ أم أحمد (38 عاماً)، تمسّكها بالوظيفة الحكومية إلى عدم وجود أي فرص عمل بديلة في الوقت الحاضر. تقول ساخرة: "يستحيلُ على الخريج الجامعي المتفوّق إيجاد عمل اليوم. كيف لي أن أجده وقد أمضيت أكثر من عشر سنوت أعمل في ترتيب المصنّفات ووضع الأختام؟ الراتب القليل أفضل من لا شيء".
من جهة أخرى، فإن الحصول على الراتب في نهاية الشهر ليس أمراً مضموناً. وعادةً ما تُصرف الرواتب الحكومية من خلال صرافات آلية. إلا أن قليلاً منها يعمل اليوم. ويوضح إياد خربة، وهو موظّف في المصرف التجاري في حلب، أن عدداً محدوداً جداً من الصرّافات يوضع فيه المال في الوقت الحالي، علماً أن هذه هي الطريقة الوحيدة بالنسبة لمئات آلاف الموظفين لاستلام رواتبهم في بداية كل شهر. يعمد المصرف إلى وضع المال في صراف أو اثنين في كل محافظة، بسبب الظروف الأمنية التي تمنع الأمر وخصوصاً في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام. يتحدث أيضاً عن مشاكل أخرى تتمثل في انقطاع الشبكة التي تؤدي إلى التوقف عن العمل لساعات أو أيام.
وكثيراً ما يضطرّ الموظفون في سورية إلى السفر وقطع مسافات طويلة وأحياناً مواجهة مخاطر عدة لاستلام رواتبهم من مدن أخرى. وقد تمتد رحلة استلام الراتب أياماً عدة، ويتوجب على موظفي كل من إدلب والرقة اليوم استلام رواتبهم من مدينة حماه. في السياق، يقول أحمد عكار، وهو موظف من إدلب: "انتظرت أمام الصراف يومين كاملين حتى استطعت الحصول على راتبي عن الأشهر الثلاثة الماضية. كان الازدحام كبيراً جداً، ولا يمكن وصف الذل التي شعرت به وأنا أقف كل هذه المدّة للحصول على بعض المال".
ابتزاز
إلى ذلك، يشكو موظفون من الابتزاز الذي يتعرضون له قبل الحصول على رواتبهم. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة تفرض على الموظفين في درعا تقديم وثيقة تتضمن ساعات العمل، على أن تكون موقعة من قبل مدرائهم. أيضاً، يجب أن تكون فواتير المياه والكهرباء مدفوعة كشرط لاستلام الرواتب. في حين يطلب من مدراء المؤسسات في حلب رفع قوائم شهرية بأسماء الموظفين الملتزمين بالعمل، كشرط لصرف رواتبهم، ما يُعطي المدير السلطة الكاملة لحرمان موظفيه من رواتبهم الشهرية. ويؤكد آخرون محاولة السلطات الأمنية شراء ولاءات العديد من الموظفين للتعامل معهم في مقابل ضمان تسيير صرف رواتبهم مع مكافآت إضافية.
أما أحمد (اسم مستعار)، وهو موظف في حلب، فلديه معاناة أخرى. يقول: "يُفرض علينا العمل في مؤسسات تقع في مناطق خطرة، أي ضمن خطوط تماس بين مناطق النظام والمعارضة. وغالباً ما تشهدُ تواجداً عسكرياً مكثفاً لقوات النظام يجعلها تحت مرمى قذائف المعارضة. ويواجه الموظفون هذا الخطر يومياً وخصوصاً أن الحكومة لا تعمد إلى توقيف العمل في أي مؤسسة بسبب وجودها في منطقة خطرة. يضيف: "سقطت على القصر البلدي، حيث ما زلت أعمل حتى اليوم، قذائف بسبب تمركز قناص على سطحه، ما يعني أن الحكومة السورية لا تشعر بأي مسؤولية حيال موظفيه".
من جهة أخرى، تعرّض موظّفون حكوميون للفصل التعسفي من قبل الحكومة السورية خلال السنتين الماضيتين. في حماه وحدها، فصل ما لا يقل عن 1200 موظف خلال عامين، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان. قرارُ الفصل شمَل موظفين من قطاعات مختلفة خدماتية وصحية وتعليمية ومجالس محلية. وأدت هذه القرارات إلى حرمانهم من مستحقاتهم المالية وحقوقهم في التأمين الصحي والتعويض عن سنوات عملهم في القطاع الحكومي.
في السياق، يوضح مركز توثيق الانتهاكات في سورية أن أسباب فصل الموظفين تشمل "جميع أشكال النشاط الثوري السابق، والانتماء إلى طائفة أو منطقة معينة، ورفض الانصياع لابتزاز الأجهزة الأمنية وأوامرها كالمسيرات والانتخاب، بالإضافة إلى رفض التغطية على خسائر الدولة في المؤسسة التي يعملون فيها".
من جهته، يوضح سالم عيد، وهو محامٍ، أن قسماً كبيراً من المفصولين كانوا معتقلين سابقين، وقضى معظمهم أشهراً طويلة قبل أن يفرج عنهم أو يحالون إلى المحاكمة، منهم من حصل على البراءة، ومنهم من نال أحكاماً لا تحرمهم أياً من حقوقهم المدنية. ومع هذا فصلوا. يضيف أنه ليس هناك أي مستند قانوني لقرارات الفصل، مضيفاً أنها تخالف القانون الأساسي للعاملين في الدول التي تعد مرجعاً قانونياً يحكم عمل الموظفين فـي الدولة. ويلفت إلى أن معظم الموظفين والمتعاقدين الجدد هم من المقرّبين والموالين للنظام. أمرٌ يؤكده مركز التوثيق الذي يقول إن الحكومة لا توظف إلا أشخاصاً معروفين بولائهم المطلق للنظام، حتى أنها تعمد إلى استبدالهم بالموظفين المشكوك بولائهم له.
التقاعد المبكر
في المقابل، يختارُ عدد من الموظفين في سورية التقاعد المبكر والتخلّص من أعباء الوظيفة، مستندين إلى القانون السوري الذي ينص على أحقيّة الموظف بالحصول على تقاعد مبكر بعد خدمة 25 عاماً، وبراتب تقاعدي (حوالي 60 في المائة من الراتب الأساسي)، فيما يحق له الحصول على تقاعد نظامي بعد مضي 30 عاماً من الخدمة، أو وصوله لعمر الستين براتب تقاعدي أيضاً (75 في المائة من راتبه الأساسي). وفي الحالتين، يحق للمتقاعدين الحصول على تعويض نهاية الخدمة الذي يحتسب تبعاً لعدد سنوات الخدمة والراتب.
ويشيرُ أحمد عبد الغفور، وهو موظف في التأمينات الاجتماعية، إلى تضاعف عدد طلبات التقاعد المبكر في سورية. وتقدّر أعدادهم بأكثر من 55 في المائة من الذين تجاوزت فترة خدمتهم الـ25 عاماً. ويعزو هذه الظاهرة إلى تزايد معاناة الموظفين في سورية، لافتاً إلى أن معظمهم يأملون الحصول على تعويضٍ علّه يساهم في تحسين أوضاعهم المالية بعض الشيء، أو يتمكن من تأمين كلفة السفر إلى خارج سورية. يضيف أن التعويضات باتت تشكل عبئاً مادياً ضخماً على الحكومة السورية.
وتجدر الإشارة إلى أن الموظفين الذين يرغبون بالتقاعد يتهمون المؤسسات الحكومية والأمنية السورية بإعاقة حصولهم على قرار التقاعد المبكر، والمماطلة في صرف تعويض نهاية الخدمة والراتب التقاعدي. أيضاً، يشكون من تعرضهم لمساءلات ومضايقات أمنية من قبل مختلف فروع الأمن السورية. أمرٌ يصفه أحمد أبو عمر، وهو موظف سابق في دمشق، "بعملية تطفيش ممنهجة تتبعها الحكومة للتهرّب من دفع مستحقات المتقاعدين".
في السياق، يروي أبو عمر تجربته قائلاً: "عملت مدة 25 عاماً كمدرّس في ريف دمشق. بعدَ سيطرة المعارضة على القرية التي كنتُ أعمل فيها، اضطررت لنقل وظيفتي إلى المدينة، علّني أضمن الاستمرار في الحصول على الراتب الذي يشكل مصدر رزقي الوحيد. ولأن هذا الراتب لم يكن يكفي لاستئجار بيت في دمشق، اضطررت للسكن في الضواحي والتوجه صباح كل يوم إلى عملي، واجتياز عدد من الحواجز في طريق الذهاب والإياب". يتابع: "على الرغم من التعب والمجهود اليومي، لم يكن راتبي كافياً لتأمين متطلبات الحياة الأساسية. تقدمت بطلب للتقاعد المبكر، إلا أنه بقي معلقاً لمدة ستة أشهر كاملة. خلالها، استدعيت للتحقيق من قبل الأمن السياسي والعسكري وأمن الدولة لأكثر من عشر مرات. وكانوا يسألونني عن أسباب رغبتي في التقاعد، وكأن الأمر تهمة، وإذا كنت أنوي السفر إلى دولة معادية لسورية، وسبب رغبتي في ترك العمل في مؤسسات الدولة. حتى أنهم طلبوا مني سحب الطلب". يضيف: "تركت كل شيء في النهاية وسافرت. لقد فعلوا هذا حتى لا يدفعوا لي مستحقاتي المالية تعويضاً عن السنوات الماضية". وها هو يبدأ حياة جديدة تماماً، تختلف عن كل ما عاشه في الماضي.