تبشر كميات الأمطار التي تساقطت، ولا تزال، على قطاع غزة هذه الأيام، على غير موعدها، في ظل المنخفض الجوي الذي يضرب فلسطين والمنطقة، المزارعين الغزيين بمحاصيل وفيرة، بعد فترة من المعاناة التي ترافقت مع العدوان الأخير على القطاع، الذي أحال جزءاً من الأراضي الزراعية إلى مناطق قاحلة.
ويسيطر التفاؤل تحديداً على مزارعي الخضار والبقوليات، إذ تنضج زراعتهم وفقاً لكميات المياه التي تُروى بها.
ويقول المزارع إياد رزق (40 عاما) إن كميات الأمطار الكبيرة التي تساقطت على فترات متقطعة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي ساهمت في تجهيز التربة للزراعة، خاصة أنها عالجت التربة من رواسب المبيدات والأملاح والحشرات.
وساهمت كميات الأمطار في تعبئة البرك المخصصة للاستفادة منها في ري المحاصيل الزراعية، وهو ما يشير إليه المزارع نبيل قديح، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ كميات الأمطار الكبيرة التي تساقطت في الأيام الماضية وفّرت على المزارعين ثمن تشغيل آبار المياه، في ظل أزمة الوقود وارتفاع أسعار المحروقات.
ويؤثر ذلك، وفق قديح، إيجاباً على انخفاض أسعار بعض المحاصيل لأقل من النصف عند عرضها في السوق للبيع، نتيجة انخفاض تكاليف زراعتها وريها.
ويضيف قديح: "تساهم مياه الأمطار العذبة والمجمعة داخل البرك، في تفادي ري المزروعات بمياه الآبار المالحة والتي قد تؤثر بالسلب على جودة المحصول، في حين تتميز مياه الأمطار بعذوبتها، الأمر الذي يرفع من جودة المحصول والثمر"، مشيراً إلى أهمية الاستخدام الأمثل لمياه الأمطار للتقليل من استهلاك مياه الخزان الجوفي.
يذكر أن مجموعة كبيرة من المحاصيل التي تزرع في قطاع غزة، تستفيد من كميات الأمطار أثناء مرحلة نضوجها، أبرزها محاصيل الحمضيات، واللوزيات، والبقوليات، والقمح، والشعير، والبصل، والبطاطا والبازلاء، والثوم، والفول، والعدس، والفجل، والسبانخ، والسلق.
من جهته، يقول نائب مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة بغزة، نزار الوحيدي، إن كميات الأمطار التي تساقطت على قطاع غزة الشهرين الماضي والجاري، تعتبر الأكبر منذ 25 عاما، وتجاوزت نحو 32% عن مستواها العام الماضي.
ويبين الوحيدي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن كميات الأمطار الكبيرة ساهمت بشكل إيجابي في معالجة آثار العدوان الإسرائيلي الأخير، إذ قامت بعملية تأهيل طبيعية للأراضي الزراعية، فغسلت الغبار وبواقي المواد المتفجرة الكيمائية والمشعة على أرض الأشجار وسطح التربة التي تعرض لمئات القنابل طوال 51 يوماً من العدوان.
ويذكر الوحيدي أن كميات الأمطار أعادت التوازن الحيوي والكيميائي للتربة، وقللت من نسبة تركيز الأملاح التي ارتفعت إثر تجريف دبابات الاحتلال للأراضي الزراعية وإخراج ما في عمق الأرض إلى السطح، فضلاً عن رفع الأمطار لمعدلات الرطوبة التي تؤثر إيجابياً على المحاصيل الزراعية وتبقى التربة محتفظة بالمياه لبضعة أيام.