09 نوفمبر 2024
أميركا تنتخب مستقبلها
تختار الولايات المتحدة، يوم الثلاثاء المقبل، رئيسها الـ45. كان من الممكن أن يكون يوماً سلساً لمرشحة الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، بعد تقدّمها الطفيف في المناظرات الرئاسية الثلاث، غير أن فضائح أواخر شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي التي طاولتها أفسحت المجال للمرشح الجمهوري، دونالد ترامب، في العودة من بعيد، وتحقيق أرقام متقاربة مع منافسته في مختلف استطلاعات الرأي.
يرجّح كل هذا قيام معركة أخيرة ضارية بين الثنائي الأكثر فضائحية في نادي الرؤساء الأميركيين. لم تعد المسألة متعلقةً بمن يقدّم حلولاً أفضل لبلاده أو اقتصادها، بل مرتبطة حصراً بمن يمتلك كمية فضائح أقلّ من منافسه. وإذا كانت فضائح ترامب شخصية، وتهرّباً من دفع الضرائب، فإن فضائح كلينتون أسوأ بكثير، لارتباط ملف البريد الإلكتروني بمنصبها الرسمي، وزيرة سابقة للخارجية الأميركية (2009 ـ 2013).
ربما يكون مسؤولو الحزب الديمقراطي، حالياً، نادمين على عدم اختيارهم بيرني ساندرز، الذي كان في وسعه كسب الرئاسة على حساب ترامب. صحيح أن قواعد الديمقراطيين اختارت كلينتون، لكن ساندرز كان أكثر إقناعاً من نواحٍ عدة، ومشكلته الوحيدة أنه ليس شعبوياً بما فيه الكفاية، أو ليس شعبوياً على الطريقة الأميركية. مشكلته أن وضوح تعابيره الجسدية تشي بأنه لا يحبّ المواجهات المتصاعدة، بقدر ما يحب قوة الإقناع الهادئة. قوته الحقيقية تكمن في غياب الفضائح عن سجله. كان الرجل قادراً على إطاحة ترامب بسهولة، الثلاثاء المقبل، لو أُفسح المجال أمامه.
لكن الولايات المتحدة لا تتحمّل أن يتنافس اثنان من خارج "البيت التقليدي" في المعركة الرئاسية، أقلّه حتى اليوم. ساندرز متمرّد على النظام منذ التدخل العسكري الأميركي في حرب فيتنام (1964 ـ 1973)، وترامب آتٍ من عالم الأعمال، من دون أي خلفية سياسية. لذلك، يُعتبر وجود هيلاري كلينتون في معركة الثلاثاء محاولة أخيرة لترسيخ وجود "التقليديين" في السلطة.
وعلى الرغم من احتدام التنافس بين ترامب وكلينتون، إلا أنه من المؤكد أن تاريخاً جديداً سيُكتب للولايات المتحدة. لن يكون في وسع هيلاري مواصلة عهد الرئيس باراك أوباما بالطريقة نفسها، خصوصاً أن العامين الأخيرين لأميركا كانا "روتينيين" وغير منتجين. يكفي النظر إلى الشرق الأوسط، وإدراك تراجع النفوذ الأميركي أو انكفائه، على الرغم من قبول الإدارة الأميركية كل الملفات، من سورية إلى العراق إلى فلسطين المحتلة، سواء بالاتفاق مع روسيا أو إيران أو الاحتلال الإسرائيلي. تبدو كلينتون أكثر هجومية من أوباما، الحالم نوعاً ما. بالتالي، فإنها قادرة على رفع سقف مواجهة البيت الأبيض على مختلف الرقع الجيوبولوتيكية في العالم.
أيضاً، سيؤدي وصول ترامب إلى استيلاد أمر جديد، في الداخل أساساً. لن يكون هذا الأمر إيجابياً، بعد الضخّ الهائل الذي مارسته حملة ترامب، ضد بعض الأقليات الإثنية والدينية، لكنه سيكون بداية لمسار أميركي مختلف عن السابق. في المبدأ، لن ينسى معظم الأميركيين في اليوم التالي للانتخابات، ما حصل في أثنائها، عكس المحطات السابقة، بل سينغمسون في صلب السياسات الأميركية، خصوصاً لاتصالها المطلق بيومياتهم، تحديداً في الشقّ الاجتماعي.
ما ستتركه الانتخابات الحالية من آثار سيفوق ما تركه وصول أوباما في خريف 2008. في حينه، كان الرجل بمثابة "النقيض" لكل شيء، لكنه، وبعد سنوات عدة من البروز، غرق في مستنقع التكرار، ولم يعد في وسعه القيام بأكثر من ذلك. كأن البطارية انتهت قبل أوانها. أما وصول ترامب أو هيلاري، فسيحمل نوعاً من التجديد، السلبي أو الإيجابي، وستكون معه البلاد على موعدٍ جديد مع التاريخ. السؤال الأهم في ذلك كله هو: هل ستبقى الولايات المتحدة دولة عظمى أم لا؟ يريدها ترامب "عظيمة"، بحدود مسيّجة مع المكسيك، أما هيلاري كلينتون فتريدها "أقوى" مع كسر ماضي أوباما، وربما استعادة روحية جورج بوش الابن.
يرجّح كل هذا قيام معركة أخيرة ضارية بين الثنائي الأكثر فضائحية في نادي الرؤساء الأميركيين. لم تعد المسألة متعلقةً بمن يقدّم حلولاً أفضل لبلاده أو اقتصادها، بل مرتبطة حصراً بمن يمتلك كمية فضائح أقلّ من منافسه. وإذا كانت فضائح ترامب شخصية، وتهرّباً من دفع الضرائب، فإن فضائح كلينتون أسوأ بكثير، لارتباط ملف البريد الإلكتروني بمنصبها الرسمي، وزيرة سابقة للخارجية الأميركية (2009 ـ 2013).
ربما يكون مسؤولو الحزب الديمقراطي، حالياً، نادمين على عدم اختيارهم بيرني ساندرز، الذي كان في وسعه كسب الرئاسة على حساب ترامب. صحيح أن قواعد الديمقراطيين اختارت كلينتون، لكن ساندرز كان أكثر إقناعاً من نواحٍ عدة، ومشكلته الوحيدة أنه ليس شعبوياً بما فيه الكفاية، أو ليس شعبوياً على الطريقة الأميركية. مشكلته أن وضوح تعابيره الجسدية تشي بأنه لا يحبّ المواجهات المتصاعدة، بقدر ما يحب قوة الإقناع الهادئة. قوته الحقيقية تكمن في غياب الفضائح عن سجله. كان الرجل قادراً على إطاحة ترامب بسهولة، الثلاثاء المقبل، لو أُفسح المجال أمامه.
لكن الولايات المتحدة لا تتحمّل أن يتنافس اثنان من خارج "البيت التقليدي" في المعركة الرئاسية، أقلّه حتى اليوم. ساندرز متمرّد على النظام منذ التدخل العسكري الأميركي في حرب فيتنام (1964 ـ 1973)، وترامب آتٍ من عالم الأعمال، من دون أي خلفية سياسية. لذلك، يُعتبر وجود هيلاري كلينتون في معركة الثلاثاء محاولة أخيرة لترسيخ وجود "التقليديين" في السلطة.
وعلى الرغم من احتدام التنافس بين ترامب وكلينتون، إلا أنه من المؤكد أن تاريخاً جديداً سيُكتب للولايات المتحدة. لن يكون في وسع هيلاري مواصلة عهد الرئيس باراك أوباما بالطريقة نفسها، خصوصاً أن العامين الأخيرين لأميركا كانا "روتينيين" وغير منتجين. يكفي النظر إلى الشرق الأوسط، وإدراك تراجع النفوذ الأميركي أو انكفائه، على الرغم من قبول الإدارة الأميركية كل الملفات، من سورية إلى العراق إلى فلسطين المحتلة، سواء بالاتفاق مع روسيا أو إيران أو الاحتلال الإسرائيلي. تبدو كلينتون أكثر هجومية من أوباما، الحالم نوعاً ما. بالتالي، فإنها قادرة على رفع سقف مواجهة البيت الأبيض على مختلف الرقع الجيوبولوتيكية في العالم.
أيضاً، سيؤدي وصول ترامب إلى استيلاد أمر جديد، في الداخل أساساً. لن يكون هذا الأمر إيجابياً، بعد الضخّ الهائل الذي مارسته حملة ترامب، ضد بعض الأقليات الإثنية والدينية، لكنه سيكون بداية لمسار أميركي مختلف عن السابق. في المبدأ، لن ينسى معظم الأميركيين في اليوم التالي للانتخابات، ما حصل في أثنائها، عكس المحطات السابقة، بل سينغمسون في صلب السياسات الأميركية، خصوصاً لاتصالها المطلق بيومياتهم، تحديداً في الشقّ الاجتماعي.
ما ستتركه الانتخابات الحالية من آثار سيفوق ما تركه وصول أوباما في خريف 2008. في حينه، كان الرجل بمثابة "النقيض" لكل شيء، لكنه، وبعد سنوات عدة من البروز، غرق في مستنقع التكرار، ولم يعد في وسعه القيام بأكثر من ذلك. كأن البطارية انتهت قبل أوانها. أما وصول ترامب أو هيلاري، فسيحمل نوعاً من التجديد، السلبي أو الإيجابي، وستكون معه البلاد على موعدٍ جديد مع التاريخ. السؤال الأهم في ذلك كله هو: هل ستبقى الولايات المتحدة دولة عظمى أم لا؟ يريدها ترامب "عظيمة"، بحدود مسيّجة مع المكسيك، أما هيلاري كلينتون فتريدها "أقوى" مع كسر ماضي أوباما، وربما استعادة روحية جورج بوش الابن.