مع تراجع الاتصالات عبر الإنترنت وارتفاع كلفتها وتوقف خدمة الهاتف الأرضي في إدلب، حلّت شبكة الاتصالات التركية كبديل أخيراً، لكنّ السكان بدأوا من قبل في استخدام اللاسلكي للتواصل والإنذار وكذلك للترفيه
مع دخول قوات من الجيش التركي أخيراً إلى شمال سورية، وتمركزها في عدة نقاط من ريفي حلب وإدلب، نشرت الفرق الهندسية التابعة لها أبراج تغطية وتقوية متطورة لشبكة اتصالات الهاتف المحمول التركية في عدة مناطق، ما أدى إلى توسع المساحة التي يستفيد فيها الأهالي من هذه الشبكة، واستغناء كثيرين عن الإنترنت الفضائي لانخفاض كلفة الاتصالات التركية.
يقول أحد أصحاب المتاجر في بلدة سرمين لـ"العربي الجديد": "أصبحت الشبكة تغطي مساحات جغرافية أوسع، وكلفة خط المحمول التركي في سورية مساوية لكلفته في تركيا، ومتوسط الاشتراك الشهري للحصول على اتصالات وإنترنت على المحمول تراوح بين 7 دولارات أميركية و10 شهرياً. المبلغ لا يبدو أنّ الجميع قادر على تحمله، لكنّ الحاجة الماسة إلى الاتصالات تدفع كثيرين إلى الاستغناء عن أمور أخرى، وتأمين الخط". يضيف: "بعد تشتت شمل العائلات وإمكانية متابعة الأعمال من خلال هذه الوسائل، نشرت الشركات والمحلات المتخصصة بالاتصالات شبكات تقوية ولواقط لزيادة سرعة خطوط الإنترنت التركية، وباتت متوفرة في كلّ مكان حتى في المخيمات العشوائية التي بناها السكان في المزارع هرباً من القصف".
اقــرأ أيضاً
كذلك، لم تحرز اتفاقية خفض التصعيد نجاحاً يؤدي إلى وقف استهداف المدنيين، ما تسبب بعودة استخدام القبضات (الأجهزة) اللاسلكية كوسيلة إنذار مبكر لهم، والتي أصبحت الحاجة إليها ماسة جراء استخدام الطيران الروسي المتطور وتكرار قصفه المدنيين في إدلب.
يقول أحمد، وهو متطوع في أحد المراصد بمدينة خان شيخون، جنوب إدلب، لـ"العربي الجديد": "بعد مرحلة هدوء نسبي في المنطقة، عاد القصف مجدداً، وعدنا إلى نقطة الصفر، فلدينا قصف يومي واستنفار دائم. سابقاً، انطلقت عمليات الرصد لأهداف عسكرية، ثم تطورت لأغراض مدنية. تبدأ المراقبة عبر شركاء سريين في مناطق سيطرة النظام، يتعقبون حركة إقلاع طائرات النظام من المطارات، وإبلاغنا بها بشكل سريع جداً. بالإضافة إلى ذلك، يخترق خبراء اتصالات مراصد المطارات العسكرية والمدنية اللاسلكية، ويراقبون تردداتها ويتابعون إحداثيات الطائرات، ويرصدون التعليمات التي تعطى للطيارين لتحديد أهداف القصف المتوقعة". يتابع: "بنتيجة الخبرة المتراكمة، بتنا قادرين على توقع المناطق التي ستستهدف بشكل أسرع، إذ نتوقع مسار الطائرات بحسب موعد انطلاقها والمطار الآتية منه، وعلى الفور نبلغ المراصد الأخرى، التي تطلق صفارات لإبلاغ المدنيين باقتراب الطيران لأخذ الحيطة والحذر".
إلى جانب ذلك، تتولى المراصد تعميم تحديثات حركة طيران النظام، وإبلاغ فرق الإسعاف والمستشفيات وفرق الدفاع المدني، لرفع جاهزيتها تأهباً لحصول مجازر، وتعزيز قدرتها على الوصول بأقصى سرعة إلى المناطق المستهدفة.
نظراً إلى الحاجة المتزايدة إليها، تحولت القبضة اللاسلكية إلى رفيقة الأهالي، إذ يحملونها في جيوبهم مع الهاتف المحمول. يقول أبو عبد الله، من سكان إدلب، لـ"العربي الجديد": "القبضة والهاتف الذكي، باتا رفيقين لمعظم السكان. القبضة للتواصل الداخلي والتنبيه من الغارات، والهاتف للتواصل مع الخارج عبر واتساب وفايبر وغيرهما من التطبيقات". يتابع: "القبضة أكثر فعالية في بعض الأحيان، خصوصاً أنّ شبكة الاتصالات على الهواتف الذكية تضعف على طرقات السفر وعلى أطراف المدن والقرى".
في مثل هذا الوضع، لم يكن غريباً أن تباع القبضات في المتاجر وتقدم خدمة صيانتها، وغالباً ما يكون ذلك في متاجر المحمول. وتحولت إلى مهنة يحتاجها الجميع من مدنيين وعسكريين ويحترفها كثيرون.
تقول غادة، من أريحا، لـ"العربي الجديد": "يراوح سعر القبضة بين 25 دولاراً و150 بحسب نوعها ومداها وميزاتها التقنية، وهناك قبضات مستعملة أرخص ثمناً". تتابع: "عائلتي مؤلفة من خمسة أشخاص ولدينا خمس قبضات، عندما يذهب أولادي إلى المدرسة يحملونها معهم لمراقبة الطيارات واتخاد الإجراءات الاحترازية عند تعميم خبر اقترابها".
تتابع غادة: "باتت القبضة بديلاً داخلياً للهواتف، أرسل بواسطتها رسالة إلى جارتي للاجتماع بها وشرب القهوة، وأتواصل مع زوجي من خلالها لشراء حاجيات المنزل. تحولت إلى شريك في سهراتنا، بعدما ضعفت العلاقات الاجتماعية والسهرات الليلية، بنتيجة الحالة الأمنية غير المستقرة. أحياناً يدخل أحدهم على أحد الترددات ليلاً فيبث إحدى أغاني أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ، كنوع من التسلية، لتكون بديلاً عن التلفزيون والإذاعة المتراجعين كثيراً، بسبب انقطاع الكهرباء المتواصل، والتكاليف العالية للمولدات".
اقــرأ أيضاً
مع دخول قوات من الجيش التركي أخيراً إلى شمال سورية، وتمركزها في عدة نقاط من ريفي حلب وإدلب، نشرت الفرق الهندسية التابعة لها أبراج تغطية وتقوية متطورة لشبكة اتصالات الهاتف المحمول التركية في عدة مناطق، ما أدى إلى توسع المساحة التي يستفيد فيها الأهالي من هذه الشبكة، واستغناء كثيرين عن الإنترنت الفضائي لانخفاض كلفة الاتصالات التركية.
يقول أحد أصحاب المتاجر في بلدة سرمين لـ"العربي الجديد": "أصبحت الشبكة تغطي مساحات جغرافية أوسع، وكلفة خط المحمول التركي في سورية مساوية لكلفته في تركيا، ومتوسط الاشتراك الشهري للحصول على اتصالات وإنترنت على المحمول تراوح بين 7 دولارات أميركية و10 شهرياً. المبلغ لا يبدو أنّ الجميع قادر على تحمله، لكنّ الحاجة الماسة إلى الاتصالات تدفع كثيرين إلى الاستغناء عن أمور أخرى، وتأمين الخط". يضيف: "بعد تشتت شمل العائلات وإمكانية متابعة الأعمال من خلال هذه الوسائل، نشرت الشركات والمحلات المتخصصة بالاتصالات شبكات تقوية ولواقط لزيادة سرعة خطوط الإنترنت التركية، وباتت متوفرة في كلّ مكان حتى في المخيمات العشوائية التي بناها السكان في المزارع هرباً من القصف".
يقول أحمد، وهو متطوع في أحد المراصد بمدينة خان شيخون، جنوب إدلب، لـ"العربي الجديد": "بعد مرحلة هدوء نسبي في المنطقة، عاد القصف مجدداً، وعدنا إلى نقطة الصفر، فلدينا قصف يومي واستنفار دائم. سابقاً، انطلقت عمليات الرصد لأهداف عسكرية، ثم تطورت لأغراض مدنية. تبدأ المراقبة عبر شركاء سريين في مناطق سيطرة النظام، يتعقبون حركة إقلاع طائرات النظام من المطارات، وإبلاغنا بها بشكل سريع جداً. بالإضافة إلى ذلك، يخترق خبراء اتصالات مراصد المطارات العسكرية والمدنية اللاسلكية، ويراقبون تردداتها ويتابعون إحداثيات الطائرات، ويرصدون التعليمات التي تعطى للطيارين لتحديد أهداف القصف المتوقعة". يتابع: "بنتيجة الخبرة المتراكمة، بتنا قادرين على توقع المناطق التي ستستهدف بشكل أسرع، إذ نتوقع مسار الطائرات بحسب موعد انطلاقها والمطار الآتية منه، وعلى الفور نبلغ المراصد الأخرى، التي تطلق صفارات لإبلاغ المدنيين باقتراب الطيران لأخذ الحيطة والحذر".
إلى جانب ذلك، تتولى المراصد تعميم تحديثات حركة طيران النظام، وإبلاغ فرق الإسعاف والمستشفيات وفرق الدفاع المدني، لرفع جاهزيتها تأهباً لحصول مجازر، وتعزيز قدرتها على الوصول بأقصى سرعة إلى المناطق المستهدفة.
نظراً إلى الحاجة المتزايدة إليها، تحولت القبضة اللاسلكية إلى رفيقة الأهالي، إذ يحملونها في جيوبهم مع الهاتف المحمول. يقول أبو عبد الله، من سكان إدلب، لـ"العربي الجديد": "القبضة والهاتف الذكي، باتا رفيقين لمعظم السكان. القبضة للتواصل الداخلي والتنبيه من الغارات، والهاتف للتواصل مع الخارج عبر واتساب وفايبر وغيرهما من التطبيقات". يتابع: "القبضة أكثر فعالية في بعض الأحيان، خصوصاً أنّ شبكة الاتصالات على الهواتف الذكية تضعف على طرقات السفر وعلى أطراف المدن والقرى".
في مثل هذا الوضع، لم يكن غريباً أن تباع القبضات في المتاجر وتقدم خدمة صيانتها، وغالباً ما يكون ذلك في متاجر المحمول. وتحولت إلى مهنة يحتاجها الجميع من مدنيين وعسكريين ويحترفها كثيرون.
تقول غادة، من أريحا، لـ"العربي الجديد": "يراوح سعر القبضة بين 25 دولاراً و150 بحسب نوعها ومداها وميزاتها التقنية، وهناك قبضات مستعملة أرخص ثمناً". تتابع: "عائلتي مؤلفة من خمسة أشخاص ولدينا خمس قبضات، عندما يذهب أولادي إلى المدرسة يحملونها معهم لمراقبة الطيارات واتخاد الإجراءات الاحترازية عند تعميم خبر اقترابها".
تتابع غادة: "باتت القبضة بديلاً داخلياً للهواتف، أرسل بواسطتها رسالة إلى جارتي للاجتماع بها وشرب القهوة، وأتواصل مع زوجي من خلالها لشراء حاجيات المنزل. تحولت إلى شريك في سهراتنا، بعدما ضعفت العلاقات الاجتماعية والسهرات الليلية، بنتيجة الحالة الأمنية غير المستقرة. أحياناً يدخل أحدهم على أحد الترددات ليلاً فيبث إحدى أغاني أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ، كنوع من التسلية، لتكون بديلاً عن التلفزيون والإذاعة المتراجعين كثيراً، بسبب انقطاع الكهرباء المتواصل، والتكاليف العالية للمولدات".