الأناشيد الرمضانية تبدأ من شاشات التلفزة والإذاعات، لتمرّ في أعمال الفرق الفنية من جيل المنشدين الشباب، ومعهم مشايخ الطريقة الصوفية الكبار والموالد الصوفية، وتصل إلى تريم حضرموت، جنوب البلاد، ومدرسة رباط الهدار في محافظة تعز شمالاً.
حتّى مطلع رمضان العام الماضي كان الناس في صنعاء يتسابقون على تأكيد مواعيد حجز المنشدين لإحياء ليالي رمضان بالموالد النبوية والطقوس الرمضانية، فيتخلّلها الذكر والنصيحة والتوعية. وتعتبر جزءا من الموروث الشعبي عند اليمنيين.
"لكنّ الوضع تغيّر"، يقول مسؤول "جمعية المنشدين" في حديث لـ "العربي الجديد": "فالليالي باتت ممزوجة بأصوات طائرات عاصفة الحزم التي تحلّق وتحتلّ مساءاتنا".
بقيت تريم وحدها "معقل الصوفية في اليمن". المدينة الوحيدة التي استطاعت الحفاظ على تلك الأناشيد والموروثات. هناك يجتمع أبناؤها يومياً بعيداً عن أحاديث الحرب والسياسة. يتوزعون على عدد من المساجد والأماكن المتفرّقة، يشكّلون حلقات دائرية ثم ينشدون قصائدهم بأصوات مرتفعة في تناسق باذخ الجمال بين الدين والفنّ، حيث تشتعل تهليلات الصوفيين، في أجواء روحية، بأنشودة "العشق الإلهي" أو "مدح الرسول الأعظم (ص)" أو "الوحدانية" و"الملكوت الأعلى".
قبل ذلك، بل والأهمّ، تلك "التماسي" التي يؤدّيها أفواج الأطفال أحلى أداء، بترديد شعر الأمسيات الذي يتجدّد بحلول رمضان فيحلو في الشفاه والأسماع، وهو نشيد طفولة لا يؤديه إلاّ زُمَرٌ من الأطفال. يلتقون خلال الأسبوع الأول حول بيوتهم ويردّدون أدعية آبائهم كقولهم: "يا رمضان يا بو الحماحم / أدي لبي قرعة دراهم / يا رمضان يا بو المدافع / أدي لنا مخزن بضائع".
كلّ هذه الطقوس توارثتها الأجيال وانتقلت بسهولة من منطقة إلى أخرى منذ عقود. وهو ما يبدو واضحاً من تأكيد محمد بامؤمن (24 عاماً) أنّ "نكهة رمضان لا تكتمل إلا بإقامة الموالد مع أصدقائي". باعتبار ذلك التقليد محموداً وعادة جيدة، "بدلا من قضاء ليالي رمضان بمتابعة المسلسلات والقنوات الفضائية".
اقرأ أيضاً: رمضان اليمن: شتات القنوات والمشاهدين
كان ذلك هو الحال بالنسبة إلى المدن، أما في الأرياف فينتشر في كلّ حارة ما يُسمى "المبرز" أو "المقيل"، وهو ديوان كبير يحرص أبناء الحيّ على التجمّع داخله وحضور جلساته بعد صلاة التراويح وإلى وقت السحور. فتشهد هذه المجالس فعاليات مختلفة أبرزها الذكر والشعر والإنشاد. وهناك يختلط الوجداني بالروحي، ما يجعل من رمضان "منتجعاً روحياً للصائمين".
وعندما ينتهي الأسبوع الأوّل من رمضان ينطلق الأطفال إلى بيوت الأحياء المجاورة، حيث يؤدّون أغاني التماسي أمام كلّ باب، ويبدأ أوّل الأداء بقولهم: "يا مسا وأسعد الله المسا / يا مسا جدّد الله الكسا". وهكذا تستمرّ التماسي طوال رمضان إلى ليلة العيد. ويرى اليمنيون في تكرارها ووراثتها عاملاً مساعدا على إشاعة البهجة والطرافة والخصوصية عن أيّام الشهور الأخرى.
حتّى مطلع رمضان العام الماضي كان الناس في صنعاء يتسابقون على تأكيد مواعيد حجز المنشدين لإحياء ليالي رمضان بالموالد النبوية والطقوس الرمضانية، فيتخلّلها الذكر والنصيحة والتوعية. وتعتبر جزءا من الموروث الشعبي عند اليمنيين.
"لكنّ الوضع تغيّر"، يقول مسؤول "جمعية المنشدين" في حديث لـ "العربي الجديد": "فالليالي باتت ممزوجة بأصوات طائرات عاصفة الحزم التي تحلّق وتحتلّ مساءاتنا".
بقيت تريم وحدها "معقل الصوفية في اليمن". المدينة الوحيدة التي استطاعت الحفاظ على تلك الأناشيد والموروثات. هناك يجتمع أبناؤها يومياً بعيداً عن أحاديث الحرب والسياسة. يتوزعون على عدد من المساجد والأماكن المتفرّقة، يشكّلون حلقات دائرية ثم ينشدون قصائدهم بأصوات مرتفعة في تناسق باذخ الجمال بين الدين والفنّ، حيث تشتعل تهليلات الصوفيين، في أجواء روحية، بأنشودة "العشق الإلهي" أو "مدح الرسول الأعظم (ص)" أو "الوحدانية" و"الملكوت الأعلى".
قبل ذلك، بل والأهمّ، تلك "التماسي" التي يؤدّيها أفواج الأطفال أحلى أداء، بترديد شعر الأمسيات الذي يتجدّد بحلول رمضان فيحلو في الشفاه والأسماع، وهو نشيد طفولة لا يؤديه إلاّ زُمَرٌ من الأطفال. يلتقون خلال الأسبوع الأول حول بيوتهم ويردّدون أدعية آبائهم كقولهم: "يا رمضان يا بو الحماحم / أدي لبي قرعة دراهم / يا رمضان يا بو المدافع / أدي لنا مخزن بضائع".
كلّ هذه الطقوس توارثتها الأجيال وانتقلت بسهولة من منطقة إلى أخرى منذ عقود. وهو ما يبدو واضحاً من تأكيد محمد بامؤمن (24 عاماً) أنّ "نكهة رمضان لا تكتمل إلا بإقامة الموالد مع أصدقائي". باعتبار ذلك التقليد محموداً وعادة جيدة، "بدلا من قضاء ليالي رمضان بمتابعة المسلسلات والقنوات الفضائية".
اقرأ أيضاً: رمضان اليمن: شتات القنوات والمشاهدين
كان ذلك هو الحال بالنسبة إلى المدن، أما في الأرياف فينتشر في كلّ حارة ما يُسمى "المبرز" أو "المقيل"، وهو ديوان كبير يحرص أبناء الحيّ على التجمّع داخله وحضور جلساته بعد صلاة التراويح وإلى وقت السحور. فتشهد هذه المجالس فعاليات مختلفة أبرزها الذكر والشعر والإنشاد. وهناك يختلط الوجداني بالروحي، ما يجعل من رمضان "منتجعاً روحياً للصائمين".
وعندما ينتهي الأسبوع الأوّل من رمضان ينطلق الأطفال إلى بيوت الأحياء المجاورة، حيث يؤدّون أغاني التماسي أمام كلّ باب، ويبدأ أوّل الأداء بقولهم: "يا مسا وأسعد الله المسا / يا مسا جدّد الله الكسا". وهكذا تستمرّ التماسي طوال رمضان إلى ليلة العيد. ويرى اليمنيون في تكرارها ووراثتها عاملاً مساعدا على إشاعة البهجة والطرافة والخصوصية عن أيّام الشهور الأخرى.