يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، ونستكمل معاً الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.
-أخي أعطاني دراجة عندما كنت طفلا، دراجة من نوع Bmx.. أطلقت عليها اسم "فيدو ديدو".. وهو اسم شخصية كرتونية كنت معجبا بها كثيرا لأن صاحبها كان ولدا قويا ورائعا وكان لديه شعر شائك.. بعد فترة من حصولي عليها، سرقت دراجتي في روزينغارد حيث كنا نسكن.. والدي غضب كثيرا وذهب يبحث عنها بقميصه المفتوح، وبأذرعته المكشوفة..
والدي كان من ذلك النوع الذي يقول: لا أحد يتعرض لأبنائي، لا يمكنه أن تؤخذ أشياء أبنائي.. لكن بالرغم من ذلك لم يتمكن من فعل شيء حيال الموضوع لأن الدراجة قد ذهبت فعلا.. فيدو ديدو اختفت، وأنا أنهرتُ تماما حينها..
-بعد ذلك بدأت أسرق الدراجات.. أصبحت متمرسا في هذ الأمر.. أكسر الأقفال بسهولة وأهرب مسرعا بالدراجة.. في غضون دقيقة أكسر القفل ومن ثم تصبح الدراجة مُلكي.. كنت سارقا للدراجات، وهذه أولى خطواتي.. في الحقيقة كانت تصرفات بريئة جدا.. لكن في بعض الأحيان أقوم بدراسة الأمر جيدا.
في إحدى المرات، لبستُ لباسا أسود بالكامل، ودخلت في زقاق مُظلم وبقاطع كبير وضخم للأقفال.. وتمكنت من سرقة دراجة عسكرية بنجاح.. لقد كانت دراجة رائعة، وأحببتها.. بالإضافة إلى السرقة، كنت أقوم بحماقات كثيرة، كنت أركض وأرمي البيض في النوافذ وأقوم بالكثير من الإزعاج لمن هم حولنا.
لم نكن نتعامل بقانون الحب والتعاطف في البيت، لا نعرف العناق وهذه الأمور.. لا أحد يسألك في البيت: "كيف حالك اليوم زلاتان الصغير؟". أبدا لم أسمعها من أحد.. لا أحد يسألك عن واجباتك الدراسية ولا أحد يستفسر عما إذا كان لديك مشاكل.. كنت أعيش بمفردي، ولم يكن هناك أي فرصة لكي أقوم بالنواح، خصوصا أن كان الأمر سخيفا.. كانت هناك مخاطر كبيرة، عصابات وأعمال تخريبية وبيئة سيئة حولنا.
يوما ما في المدرسة سقطت من السقف، أسودّت عيناي وتعرضت لعدة إصابات.. ذهبت إلى البيت أركض طمعا في أن يستقبلني أحدهم وأن يقوم بغسل رأسي والاطمئنان عليّ.. وما حصلت عليه كان صفعة قوية، وكلمتين: "ما الذي كنت تفعله فوق السقف؟".. لم يُقل: "زلاتان المسكين تعال هنا".. بل قيل لي: "أيها الغبي، لماذا صعدت فوق السقف.. يا لك من فاشل".. أتذكر أنني حينها صدمت كثيرا رغم معرفتي بكل شيء.
-والدتي لم يكن لديها وقت للراحة.. أبدا.. كانت تنظف ومن ثم تعمل على إطعامنا.. لكن لا شيء أكثر من ذلك، لأنها كانت تتعامل بأسلوب جاف معنا والمزاج كان سيئا في البيت بشكل عام.. لا أحد يقول لك وأنت تأكل: "عزيزي، ناولني الزبدة من فضلك".. لا أبدا.. بل يقال لك: "أعطني الزبدة أيها الغبي".
أمي كانت تعمل في مغسلة.. كانت تبكي كثيرا.. كنت متعلقا بها كثيرا رغم كل شيء.. كانت تعمل وتنظف لمدة 14 ساعة في اليوم، أمضت حياتها بالدموع.. كنا نساعدها أحيانا في العمل ونقوم بتفريغ الجيوب لها، وأحيانا نجد بعض النقود.. لكن غالبا ما نعطيها لأمي.
لم أكن قد وصلت إلى عمر السنتين عندما تم الطلاق بين أمي وأبي.. لا أتذكر شيئا عن تواجدهم معا.. أعتقد أن الأمور والطلاق نتيجة طبيعية لأن الزواج لم يكن جيدا.. أمي تزوجت أبي على الأرجح لكي تحصل على تصريح الإقامة، لهذا الانفصال كان حتما سيأتي، وأعتقد أن بقاءنا مع والدتي أمر طبيعي جدا بعد كل هذا.. بالرغم من هذا كنت أشتاق لأبي.. كنت أقابله مع سانيلا أختي في كل نهاية أسبوع.. لدي العديد من الذكريات المرحة معه.. كان يذهب بنا إلى بيلدام سباركن ويشتري لنا الهامبورغر والآيس كريم.
في إحدى المرات، كنا في السيارة.. والدي لاحظ شيئا ما حول شقيقتي.. سألها وهي كانت تحاول مقاومة البكاء: "ما الذي حدث؟".. لكنها لم تجبه.. طرح السؤال مرة أخرى وأصرّ.. ومن ثم أخبرته.. ليس من المهم الدخول في التفاصيل، فهي قضية تتعلق بسانيلا، لكن والدي كان مثل الأسد، عندما يتعلق الأمر بأبنائه فإنهُ يصبح متوحشا جدا.. خاصة عندما يتعلق الأمر بابنته الوحيدة.
لم أكن أفهم كل ما يجري لأنني كنت في التاسعة.. كان ذلك في مطلع 1990.. لكنني أدركت أن هناك شيئا خطيرا يحدث في البيت، ولاحقا عرفت أن أختي من أمي كانت تتعاطى المخدرات وكانت تخبئها في المنزل.. فوضى عارمة حدثت بسبب ذلك الأمر.. ولم تكن المشكلة الوحيدة، حتى أمي تعرضت للسجن بسبب أنهُ خدعت من قبل بعض الأصدقاء.. الذين طلبوا منها إخفاء بعض المجوهرات، والتي تبين لاحقا أنها مسروقة، لهذا تم القبض على أمي.. كان شعورا غريبا وأتذكر أنني كنت أسأل الجميع: "أين أمي.. ولماذا اختفت؟".
بعد هذه الأحداث أتذكر بأنني بكيت.. ومن ثم ركضت خارج البيت لكي أبتعد عن هذه الأمور.. انتهى بي الأمر في الملعب أركل الكرة.. لم أكن الأفضل حينها في ركل الكرة، كنت أحد الصعاليك الذين يجرون خلف الكرة فقط .. كانت لحظات مجنونة .. رغم ذلك بدأت أتعلق بكرة القدم، ورحنا أنا وأصدقائي نلعب بشكل دائم.. أصبحت الكرة هي الشيء المفضل لدي.. كنت ألعب في المزراع وفي الشوارع وفي كل مكان.
في نوفمبر/تشرين الثاني 1990 .. كان هناك تحقيق اجتماعي من قبل أحد المفوضين.. والدي كان لديه حق حضانتي أنا وأختي سانيلا.. لأن بيئة أمي لم تكن مناسبة لنا.. يجب علي القول إن هذا ليس بسببها.. بل بسبب أشياء أخرى.. فهي عانت كثيرا من المشاكل التي كانت بسبب سوء حظها.. كانت تبكي كثيرا، لم تكن موفقة مع رجالها الذين تزوجتهم.. ولم ترد أن تفقدنا إطلاقا.. كان ذلك سيقتلها.. نعم، كانت تضربنا وكانت قاسية معنا لكن، كانت تحبنا كثيرا.. نشأت في بيئة صعبة وقوية وقاتلت من أجلنا.. وأعتقد أن والدي كان يفهم الأمر جيدا .. جاء إليها بعد الظهر في أحد الأيام وقال لها: "يوركا، لا أريدك أن تفقديهم " .. لكنهُ حذّرها بعبارات شديدة، وأبي لا يستهان به في مثل هذه الأمر: " من الأفضل أن تفعلي ذلك، وإلا لن تريهم مجددا".
لا أعرف ما حدث بعد ذلك، لكن سانيلا ذهبت وعاشت مع أبي لعدة أسابيع، وأنا بقيت مع أمي. لم يكن خيارا صحيحا، لأن سانيلا لم تشعر بحال جيد مع أبي.. أتذكر أنني أنا وهي، وجدنا أبي نائما على طاولة مليئة بالخمور والشراب.. "أبي أستيقظ ، أستيقظ ".. كنا نناديه لأننا لم نعرف ما الذي حصل له.. توقعنا أن يكون قد تجمد، فقمنا بتغطيته بـ بعض الأغطية لكي يسخن جسمة.. لم نكن نفهم.. غير أن سانيلا لاحظت أكثر مني أن أبي لم يكن طبيعيا.. كنا نتساءل لماذا يفعل هذا.. كان يصرخ في سانيلا بعد أن يشرب وأعتقد أنه كان يخيفها.. لم ترد أن تبقى عنده أبدا، لأنها افتقدتني كثيرا وكانت تريد أمي.. وأنا على العكس، أردتُ الذهاب مع أبي.. في إحدى المرات كنت لوحدي ولم أستطع البقاء، اتصلت بأبي: "أبي، لا أريد أن أبقى هنا في المنزل.. أريد أن أبقى معك". والدي قال لي: "تعال.. سأرسل تاكسي لك حالا".. ومن ثم ذهبت هناك مع أبي في منزله.
في مارس/آذار 1991 حصلت أمي على حضانة سانيلا، وأبي حصل على حضانتي.. افترقت أنا وسانيلا على الرغم من أننا لطالما كنا قريبين من بعضنا البعض.. حتى ونحن بعيدون عن بعضنا البعض، كنا نتواصل بشكل كبير.. اليوم هي مصففة شعر، وعندما يأتون إليها الناس في الصالون الخاص بها ، يقولون: "يا إلهي، أنتي مثل زلاتان".. تردّ عليهم دائماً كما تقول: "هراء، زلاتان هو من يشبهني وليس العكس".. إنها فتاة قوية.