اختار الرئيس الأميركي باراك أوباما مكاناً وزماناً لهما طابع ديني لدى اليهود، من أجل إطلاق تطمينات قوية لإسرائيل وأنصارها في أميركا والعالم، قبل أسابيع قليلة من التوقيع المحتمل على اتفاق مع إيران بشأن مشروعها النووي. توجه أوباما، يوم الجمعة، إلى أكبر المعابد اليهودية في واشنطن، ليطلق التطمينات من داخله، بالتزامن مع احتفالات يهود العالم بنزول التوراة على النبي موسى في جبل سيناء.
ألقى أوباما، كلمته في كنيس "أداس إسرائيل" في واشنطن، بحضور حاخامات كبار وأعضاء في الكونغرس الأميركي ومسؤولين أميركيين يهود، لكن سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، رون ديرمر، لم يكن من بين الحضور، الأمر الذي اعتبر مؤشراً على أن العلاقات بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لا تزال متوترة.
وفي محاولة من أوباما لمنافسة نتيناهو على تأييد اليهود الأميركيين، أشار إلى أنّه يفخر بالوصف الذي أطلقه عليه صحافي أميركي يهودي بأنه "أول رئيس يهودي لأميركا"، مؤكداً أن إيمانه والتزامه بأمن إسرائيل لا يتزعزع، وأنه محاط بمستشارين في البيت الأبيض من يهود أميركا، ممن تهمّهم مصلحة إسرائيل ومصلحة الولايات المتحدة على حد سواء.
اقرأ أيضاً: خشية إسرائيليّة من اتساع الهوّة مع يهود أميركا
وجاءت كلمة أوباما في الكنيس كجزء من فعاليات عديدة ضمن شهر التراث الثقافي ليهود أميركا، كما تأتي بعد جهد كبير بذله أوباما هذا الشهر مع دول عربية محورية، دول الخليج العربي، استضاف قادتها منتصف الشهر الجاري في منتجع كامب ديفيد لتطمينهم أيضاً، بأنّ الاتفاق المحتمل مع إيران لن يكون على حساب مصالح شعوبهم.
وفي مستهل كلمته، خاطب أوباما الحاخامات اليهود بكلمات تصاحبها ضحكات واسعة، بعد تطرقه إلى وصفه بـ"الرئيس اليهودي لأميركا"، إذ قال: "أعرف أن هناك عدداً كبيراً لا يزالون يتساءلون عن حقيقة ديانتي. لهذا، فإن اعتباري "يهودي فخري" مدعاة للفخر فعلاً، ويشعرني بالسعادة". وأضاف "أحد أعضاء كنيسكم، الصحافي جيف غولدبيرغ أجرى معي مقابلة هذا الأسبوع، وأطلق عليّ هذا الوصف، وإنّه لشرف لي أن تعتبروني منكم".
وتأتي محاولة أوباما التقرب من اليهود الأميركيين كنوع من الاستقواء بهم ضد نتنياهو الذي يعارض الاتفاق النووي الإيراني. وأوضح أوباما أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تتفقان على ضرورة عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، لكنه اعترف بوجود جدل بشأن كيفية تحقيق ذلك.
لكن بعد مغادرة أوباما المعبد بساعات، كان عليه التوقيع على قانون يمنح الكونغرس صلاحية مراجعة أي مشروع اتفاق يتم التوصل إليه مع إيران قبل توقيعه. وحصل مشروع القانون على دعم كبير من النواب المؤيدين لإسرائيل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء.
ولوحظ وجود أعضاء كونغرس بارزين في المعبد اليهودي أثناء كلمة أوباما، من بينهم السيناتور مايكل بينيت والنائبة ساندي ليفين، كما شوهد بين الحضور مسؤول مكافحة معاداة السامية، إيرا فورمان، الذي أشاد أوباما بجهوده وعمله الهام.
اقرأ أيضاً إيران: المحادثات النوويّة في تقدّم والاتفاق قريب
ولفت أوباما أثناء كلمته إلى أنه اختار حتى الآن اثنين من الأميركيين اليهود لتولي منصب كبير موظفي البيت الأبيض، مشيراً إلى أهمية الاستشارات التي كان ولا يزال يتلقاها منهما. واستدرك أوباما ضاحكاً: "لكني لن أطبق النصائح التي قدّمها لي رام إيمانويل (يهودي إسرائيلي عمل كبيراً لموظفي البيت الأبيض سابقاً)، لأنّي أريد أن أدعى مرة أخرى إلى هذا المكان". ويبدو أن أوباما أراد بذلك، التلميح إلى وجود خلافات بين يهود أميركا تستدعي منه الحذر بألا يقف مع مجموعة ضد أخرى.
أشار أوباما أيضاً إلى أن أميركا لم تكن بالنسبة لليهود، ولا لغيرهم، مجرد بلد آخر من بلدان الشتات، بل كانت فكرة جديدة أكّد عليها الرئيس الأول المؤسس جورج واشنطن في رسالته إلى يهود رود آيلاند بقوله: "إن الولايات المتحدة لن تكون مكاناً جديداً للاضطهاد أو التعصب الديني، بل ستوفر ملاذاً ومساعدة لجميع الواصلين إليها، بغض النظر عن الأصل أو العرق أو الديانة".
وقبل أن ينهي أوباما كلمته، مرّ سريعاً على الاضطهاد الذي لا يزال يعاني منه ذوو البشرة السمراء في مختلف أنحاء العالم، بما فيها أميركا وإسرائيل، لكن إشاراته لم تكن واضحة وصريحة بما فيه الكفاية لانتقاد ما يتعرض له المهاجرون الأفارقة في إسرائيل بسبب أصلهم العرقي، حتى وإن كانوا من أتباع الديانة اليهودية.
اقرأ أيضاً: اللوبي اليهودي في أميركا وحدود القوة