ونقلت وكالة الأنباء التونسية أن عبدالرحيم فازت بمنصب رئيسة بلدية تونس بـ26 صوتا، مقابل 22 صوتا لمرشح "نداء تونس"، وذلك خلال الدور الثاني من عملية تنصيب المجلس البلدي اليوم الثلاثاء بمقر البلدية بالقصبة.
وحصلت عبدالرحيم على الغالبية المطلقة (50 في المائة زائدا واحدا)، لتكون بذلك أول امرأة تترأس المجلس البلدي لتونس المدينة.
وقد انسحب المستشارون البلديون لـ"الجبهة الشعبية" و"التيار الديمقراطي" من الجلسة، وامتنعوا عن التصويت وعددهم 12 مستشارا، ليكون النصاب بـ48 مستشارا، علما أن عدد المستشارين البلديين لبلدية تونس يبلغ 60 مستشارا.
وسعاد عبدالرحيم دكتورة في الصيدلة، ولدت بمدينة صفاقس، جنوبي تونس، ودرست في العاصمة بمعهد "خزندار" في مدينة باردو، وحصلت هناك على شهادة البكالوريا لتلتحق بعد ذلك بكلية الصيدلة بالمنستير في السنة الدراسية 1983-1984 وانتخبت في السنة نفسها نائبة للطلبة في المجلس العلمي.
وكانت عبدالرحيم نائبة عن حركة النهضة في المجلس التأسيسي بعد الثورة، وشكل انتخابها وقتها مفاجأة لمنافسي "النهضة"، بسبب عدم ارتدائها لحجاب وكسرها للصورة النمطية التي يقدمها بعضهم عن الحزب، وانتصارها المتواصل لقضايا المرأة ودفاعها عن المكتسبات التي تحققت لها وتطويرها.
وعبدالرحيم متزوجة وأم لطفلين، التحقت بالمكتب السياسي لحركة النهضة في سبتمبر/ أيلول 2016 مع عدد من الشخصيات الأخرى، فيما وصفته الحركة بانفتاحها على عدد من الكفاءات من خارجها.
وتخوض عبدالرحيم وحزبها، تحديا كبيرا بفوزها برئاسة بلدية تونس حيث تنتظرها ملفات عديدة بعد تراجع مردودي العمل البلدي في أكثر جهات البلاد، وخصوصا في أحيائها الشعبية ذات الكثافة الشعبية العالية، بالإضافة إلى الانقسامات الكبيرة بين الفائزين بمقاعد في بلدية تونس من بقية الأحزاب، وهو ما تجلى بوضوح أثناء الانتخابات.
وقالت عبدالرحيم قبل انتخابها في تصريحات صحافية، إنها "على أتم الاستعداد لخدمة بلدية تونس وتقديم الإضافة المطلوبة في مجال النهوض بالواقع المحلي للبلدية، وأنها ستخوض حقها الكامل في الترشح لمنصب شيخة مدينة تونس بعيدا عن كل القراءات الشكلية للمنصب".
وأضافت عبدالرحيم أن ما يدفعها للترشح هو "خدمة البلاد وتحسين الواقع المحلي للمجال الترابي التابع بالنظر لبلدية تونس"، مؤكدة أن بلدية تونس تستحق التضحية من الجميع من أجل تقريب الخدمات للمواطن وإعادة إنتاج الثقة بينه وبين المؤسسات التمثيلية.
وفشل حزبا النهضة والنداء في التوصل إلى توافق بشأن بلدية تونس، ودخل الحزبان في منافسة شرسة على رئاسة كل البلديات في كل الجهات. ووصلت المنافسة إلى حد إعلان "نداء تونس" عزمه معاقبة منتمين له صوتوا لحزب النهضة في بعض الجهات، كما حصل في بلدية باردو. وأعلن مسؤولو الحزب أنهم سيحققون في تصويت مندوبيهم لمرشح "النهضة".
وسبق لحركة النهضة أن فازت برئاسة عدد كبير من البلديات، أهمها بلدية صفاقس التي تعتبر ثاني أكبر المدن التونسية، وتحمل رمزية كبيرة مثل بلدية باردو، التي تضم رئاسة مجلس نواب الشعب، وكانت على امتداد عقود من الزمن مقر إقامة الحكام التونسيين قبل الاستقلال.
وشهدت بلديات عدّة حالة عصيان محلي للقيادات المركزية للأحزاب، باتفاق بين المترشحين في الجهات على تزكية أحدهم للرئاسة من دون استشارة أحزابهم وفي تناقض مع المواقف المعلنة، ما أدى إلى ظهور خلافات كبيرة بين رؤى قادة الأحزاب في العاصمة وممثليهم في الجهات، وبيّن مدى البون بين ما تفكر فيه بعض الأحزاب وبين ما تريده قواعدها.
وتحمل انتخابات بلدية تونس طابعا رمزيا مهمّا، وتعكس نوعية التحالفات التي يمكن أن تتم في الاستحقاقات اللاحقة، وخصوصا الانتخابات الرئاسية، ولعلها ستدفع إلى بعض المراجعات المهمة لكل الأحزاب بشأن تشكّل المشهد السياسي التونسي.