.. وأخيراً، أبصر الحسن النور في قطاع غزة، بعد عملية تلقيح صناعي لوالدته من نطفة هرّبها والده الأسير قبل تسعة أشهر. إنها الحالة الأولى في القطاع، غير أنها الخامسة فلسطينياً حيث أنجبت زوجات أربعة أسرى فلسطينيين من الضفة الغربية قبل ذلك بالطريقة نفسها.
وباتت هناء، زوجة الأسير الفلسطيني تامر الزعانين من قطاع غزة، أول أم لطفل يولد عبر نطفة مهرّبة من سجون الاحتلال. وتخضع عملية تهريب النطف من السجون لعملية دقيقة لا يكشف عنها خشية من ملاحقتها إسرائيلياً. وهي طريقة ابتدعها أسرى فلسطينيون قضت سلطات الاحتلال عليهم بأحكام مشدّدة جداً، وذلك من أجل إعطاء الأمل لزوجاتهم.
ويقضي الزعانين حكماً بالسجن اثني عشر عاماً أمضى منها سبعة، وتأمل زوجته أن تمضي الخمسة المتبقية سريعاً كي يتمكن الوالد من احتضان طفله وتربيته معها. غير أن هناء تخشى من منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي للطفل من زيارة والده في السجن "لأن الاحتلال لا يعترف بأبناء الأسرى المولودين من النُطَف المهرّبة"، مؤكدة أن تهريب النطف من الأسرى لزوجاتهم "دليل على التحدي والصمود، وعلى قهر السجن والسجان". هناء ليست الوحيدة في غزة، فهناك زوجات أخريات لأسرى من غزة حملن عن طريق النُطَف المهرّبة.
تقول هناء: "الآن أشعر بالراحة، سأربي طفلي حتى يخرج أبوه من السجن ونكمل تربيته سويّاً. رغم ألم الولادة والحمل وعدم وجود زوجي إلى جواري، غير أنني سعيدة وأتمنى من الله أن يفرّج كرب تامر وكل أسرى الحرية في فلسطين".
أما والد الأسير تامر، فيرى أن تهريب النطف إلى زوجات الأسرى "رسالة من الأسرى الى السجن والسجان فيها إصرار على الحياة رغم العذاب الذي يتعرضون له خلف القضبان". ويضيف الحاج أبو تامر: "الآن عوّضنا الله قليلاً من ابني، وإن شاء الله يتحرر من السجن عما قريب ونراه بيننا وتصبح الفرحة أكبر وأعمّ". وانتقد مَن قال عنهم قلّة لا يؤيدون عملية تهريب النطف، مؤكداً أن العملية "تجري وفق ضوابط أمينة وفتاوى دينية محكمة".
ويقول الطبيب المشرف على حالة زوجة الأسير تامر الزعانين إن أصعب مرحلة من مراحل عمليات الإخصاب لزوجات الأسرى هي وصول النطف بظروف مناسبة لمركز الإخصاب، مشيراً إلى أن حمل هناء تم بسلاسة ودون أي صعوبات ومضاعفات.