من منطق الافتراض والتقدير المفروض بسورية، إذ لا رقم معلناً عن نسبة الفقر ولا البطالة ولا النمو ولا الناتج الإجمالي، وإن تبنت جهة رسمية أي رقم، فسيكون بعد عامين من إصداره وإمكانية الاستفادة من استخدامه، فالجهة الوحيدة المصدرة للرقم بسورية هي "مكتب الإحصاء المركزي" الذي لم يصدر أرقام عام 2019 حتى اليوم.
إذاً، من خلال التوقعات والمتداول واستنتاجات الاقتصاديين، تعالوا نجري عملية حسابية لما يمكن أن يسترجعه بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس من أموال السوريين المنهوبة والمسجلة، بمعظمها، بأسماء أولاد خاله محمد مخلوف، وما حصة أخيه ماهر من الميراث المسروق، وبالتالي ما هو حجم الأموال المتبقية لخال الأسد وأولاد خاله.
هادفين من هذه العملية، الأقرب للافتراض، للوصول إلى سؤال، هل يمكن لبشار الأسد أن يستخدم بعض تلك الأموال لتحسين سعر الصرف والمستوى المعيشي، وسحب فتيل التوتر من الشارع السوري جراء التفقير، فيطيل عمره على كرسي أبيه؟!
تتفاوت تقديرات أرقام ثروة رئيس النظام السوري وعائلته، إذ يقدرها موقع "إنفيستوبيديا –INVESTOPEDIA"، المختص بشؤون المال والأعمال، بنحو 122 مليار دولار. ولنعطي ما أمكن من مصداقية، سنرمي الـ22 مليار دولار بالبحر، كما تقول أمثال السوريين، ونعتبر أن التقارير الدولية متحاملة على بشار الأسد وتستهدفه ضمن المؤامرة الكونية المعلنة عليه وزرقة عينيه.
إذا، لدينا مجاهيل بهذه المعادلة تتعلق بالمبلغ الحقيقي لثروة بشار الأسد من دون إخوته "ماهر وبشرى"، التي يقدرها الموقع ذاته بنحو 1.5 مليار دولار، من دون الأموال المسجلة بأسماء أقربائه منذ أوكل "الأب المؤسس" حافظ الأسد إلى "الأب المدبر" محمد مخلوف إدارة الأموال وتهريبها وتأسيس الشركات والأرصدة، مع بداية انقلاب حافظ الأسد عام 1970، قبل أن يطفو الأولاد "بشار ورامي" على الواجهة مطلع الألفية.
ولدينا معلوم، أو معلومة شبه مؤكدة، أن روسيا تقود اليوم، بين "مخلوف والأسد"، صفقة أو مصالحة، طرفها الأول حماية رامي مخلوف، بعد أن فضح السرقات والأموال للعلن، ونقله إلى خارج سورية حياً، والطرف الثاني اقتسام الثروة وأموال السوريين المنهوبة بين الأسد ومخلوف.
ولطالما نسبح بذهنية الافتراض، لنقل إن 25% من تلك الأموال ميتة، أو مستحيلة التحصيل، لأسباب سياسية ومصرفية، خاصة بعد بدء تطبيق قانون "قيصر"، ونفترض أن حصة مخلوف، بحسب ما تسرّب من دمشق 25%، ولروسيا، لقاء أتعابها بالمصالحة واستعادة ديونها التي منحتها للأسد ليقتل الشعب والثورة، 10 مليارات دولار. فكم تبقّى لبشار الأسد وآله.
يبقى 40 مليار دولار"122 - 22 رمياً بالبحر - 25% لمخلوف -25% ديون ميتة - 10 مليارات لروسيا"، ما يبرر إعادة طرح السؤال، ماذا سيفعل بشار الأسد بتلك المليارات، بعيداً عن جدلية سهولة أو صعوبة استرجاعها.
أي، هل سيحزمها بحقائب ويغادر بها سورية، بواقع ملامح سقوطه والسعي الدولي لحل سياسي من دون الأسد، ولو بعد حين.
أم يمكن بتلك المليارات، أو بعضها، أن يشتري ديمومة وشرعية داخلية عبر تحسين مستوى المعيشة وضخ دماء بعروق الاقتصاد المتهالك، كما، على الأرجح، اشترى سكوت روسيا عنه، برشى استثمارات النفط والغاز وتأجير المرافئ وبيع المقدرات، أيضاً وإلى حين.
نهاية القول: بعيداً عن تجارب الديكتاتوريين حول العالم وشعورهم بالاستقواء والنصر والمكاسب حتى اللحظة الأخيرة، أغلب الظن، ووفق ما رأى السوريون من جشع وتخريب وقصر نظر، خلال حكم بشار الأسد الوراثي الممتد لعشرين عاماً، ما أوصل سورية إلى الدرك الأسفل وعلى جميع المؤشرات التنموية والاقتصادية والبشرية، فإن بشار الأسد لن يضحي بالأموال، بل سيواجه المؤامرة والاستهداف بالشعارات المقاومة والممانعة، وجوع السوريين بالضغط الأمني والتخويف، ما سيحوّل تلك الأموال إلى ورثته بعد انتحار بأكثر من طلقة ربما، وقد نعيد الافتراض والحسابات بعد فترة، لنعرف حصص أبناء الأسد ونسب آل الأخرس والوجوه الجديدة التي تعد لمرحلة ما بعد السقوط المدوي.