سيطرت حالة من الوجوم على وجوه أعضاء الوفد المصري المرافق للرئيس عبد الفتاح السيسي، في زيارته لألمانيا، عقب انتهاء المؤتمر الصحافي المشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في مقر المستشارية في برلين. وقالت مصادر قريبة من الوفد لـ "العربي الجديد"، إن "الرئاسة المصرية، لم تكن متفائلة كثيراً بتجاوز سهل لعقبة الحديث في الشأن الداخلي المصري، وتساؤلات الجانب الألماني، حول موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، وملف الحريات العامة، وحقوق الإنسان في مصر"، مضيفة "لكنها لم تكن تتوقع أيضاً، أن تتناول المحادثات الثنائية مع ميركل، تفاصيل كثيرة في هذه الملفات، والإلحاح على ضرورة تلقي إجابات مصرية واضحة وعاجلة في هذا الشأن".
وأضافت المصادر، أن "هناك تفهماً كبيراً من الطرف الألماني للأوضاع والضغوط الأمنية في المنطقة، وتأثيرها على الأوضاع داخل مصر، لكن ما لم يكن متوقعاً، هو التلميح إلى ربط الإجابة عن التساؤلات الألمانية، في ملفات الحريات وأحكام القضاء الأخيرة، من بعد 30 يونيو/حزيران 2013، بالتعاون في المجالات الاقتصادية والتبادل التجاري، مع شركات ألمانية".
ولم تبدِ المصادر تعليقاً واضحاً حول رد فعل السيسي عقب نهاية جلسة المباحثات الرسمية مع ميركل، لكنها لم تنكر أن تعليقات وإيضاحات الأخيرة في المؤتمر الصحافي المشترك، والأسئلة التي طرحها بعض الصحافيين، سبّبت شعوراً واضحاً بالحرج لدى السيسي، خصوصاً في ما يتعلق بالحديث عن الأحكام القضائية، التي حاول تجنب الكلام عن تفاصيلها.
اقرأ أيضاً: ميركل للسيسي: يجب تفادي عقوبة الإعدام
وفي سياق برنامج لقاءات السيسي والوزراء المرافقين له في زيارته لألمانيا، ما زال الوفد المصري يراهن على أنه يمكن تحقيق نتائج إيجابية في هذا الإطار، خصوصاً أن الوفد المصري أعدّ ملفاً يتضمن العديد من التسهيلات والفرص الاستثمارية للجانب الألماني، في مسعى لتعويض النتائج غير المأمولة للملف السياسي، والدعم الذي كان ينتظره المصريون.
وتحدثت دوائر إعلامية مقرّبة من الوفد المصري، عن خلل واضح في الملف الذي تم إعداده عن فرص ومجالات الاستثمار في مصر، المتاحة أمام الشركات الألمانية، والإغراءات التي يمكن أن تُقدّم لها، فبينما كان هناك تأكيد على مناخ الاستقرار الأمني داخل الأراضي المصرية، فإن الحديث المتكرر عن "مواجهة الإرهاب، والخطر الذي تتعرض له مصر"، كان له تأثير سلبي واضح، على الملف الاقتصادي.
وقال مصدر مقرّب من دوائر رسمية مصرية لـ "العربي الجديد"، إن "المشكلة في إقناع المستثمرين والشركات الألمانية، لا تقتصر على التناقض بين الحديث المتكرر عن مواجهة الإرهاب، ووجود مناخ استثمار آمن في مصر، لكنه يتعلق بما طرح على الجانب المصري، من تساؤلات حول غياب مجلس تشريعي، يُقرّ قوانين ثابتة ومستقرة في الاقتصاد والاستثمار، والتجارة الخارجية، والتخوّف الألماني من أن التشريعات التي يتم إقرارها، عن طريق الحكومة والسلطات التنفيذية، يمكن أن تتعرض للإلغاء، أو التغيير والتعديل، في حال إجراء انتخابات برلمانية تتولى سلطة التشريع".
إلى ذلك، نشرت أكثر من صحيفة ألمانية تصريحاً لرئيس البرلمان الألماني نوربرت لامرت، عبّر فيه عن خيبة أمله إزاء تطورات الأوضاع في مصر، قائلاً: "كنت أتمنى أن يكون هناك تعاون متاح بين برلماني البلدين"، مضيفاً: "كان هناك اتفاق على هذا التعاون مع البرلمان المصري السابق المنتخب، لكن لا يوجد الآن في مصر برلمان".
وكان السيسي، حاول خلال المؤتمر الصحافي التخفيف من الانتقادات حول أحكام الإعدام الصادرة بحق الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، والمئات من أنصاره، قائلاً "إن عقوبات الإعدام على الجماعات المتطرفة ليست نهائية وهي درجة من درجات التقاضي"، مؤكداً أن "مصر دولة ذات قانون وسيادة ونحترم القضاء المصري، ولا نستطيع وفقاً للقانون أن نعقّب على أحكامه". وأضاف: "نتيجة البُعد الجغرافي بيننا، قرارات إحالة المحكمة للمفتي هي قرارات استبيان أو استطلاع رأي المفتي في الأحكام هل تجوز من وجهة النظر الدينية والشرعية أم لا، وهي ليس لها علاقة بالحكم، ويجب أن تنتبهوا لشيء في ألمانيا، أن أحكام الإعدام غالبيتها غيابية؛ وهي تسقط بحكم القانون بمجرد حضور المتهم للمحكمة، وتبدأ محكمة ثانية، وهو نظام معمول به في العالم وهي ليست محكمة استثنائية".
واهتمت وسائل الإعلام الألمانية بتغطية التظاهرات المندّدة بزيارة السيسي، وساعدها على ذلك ضعف التظاهرات المؤيدة للزيارة، بينما تسابق رجال أعمال مصريون داعمون للزيارة على إظهار الولاء، ومحاولة تحقيق توازن بالتغطية الإعلامية، فنشر مالك فضائية "صدى البلد"، محمد أبو العينين، صفحتي إعلان بصحيفتي "فرانكفورتر ألجمانيا"، و"دي فيلت"، بينما اكتفى نجيب ساويرس، بالمشاركة مع شركة "سيمنز"، والحكومة المصرية، بنشر صفحة إعلان بالصحيفة الأولى.
اقرأ أيضاً: منظمات حقوقية تطالب ميركل بتجميد تصدير الأسلحة للشرطة المصرية