تتواصل عمليات إخلاء مخيم كاليه من المهاجرين وطالبي اللجوء، لليوم الثاني على التوالي، بعد أن غادره، أمس الاثنين، نحو 1980 مهاجراً بالغاً، كما نُقل نحو 400 من القصّر إلى أحد مراكز الإيواء المؤقتة في مدينة كاليه، بانتظار دراسة ملفاتهم بالتنسيق مع الحكومة البريطانية، التي استقبلت نحو 200 قاصر حتى الآن.
وبدأ المغادرون يكتشفون الحياة الجديدة ما بعد مخيم كاليه، الذين تفاوت شكل استقبالهم في المراكز التي نقلوا بحسب المناطق والإمكانات المتوفرة، والتي غلب على بعضها طابع الارتجال. وينتظر بعض هؤلاء حصولهم على اللجوء في فرنسا، أو تسوية أوضاعهم واندماجهم في عالم الشغل.
وتغادر، اليوم، مجموعات من المهاجرين مخيم كاليه على متن نحو 45 حافلة إلى أماكن لم يخطر بعضها على بال كثير منهم فوق التراب الفرنسي، إلى بلدات ريفية منزوية، خصوصا أن العاصمة باريس وضاحيتها ليستا في قائمة الاختيارات المعروضة على المهاجرين المغادرين.
تدافُع وعمليات تسجيل ونقل من يريدون المغادرة طواعية، وعن اقتناع، وهي النقطة التي يصرّ عليها المسؤولون وممثلو الجمعيات التي تهتم بشؤون المهاجرين.
الحكومة الفرنسية مصمّمة على مسح كل آثار المخيم، قبل عيد الميلاد، لهذا تباشر الشركة المرخصة من الحكومة في تفكيك المخيم، بعد ظهر اليوم الثلاثاء، بعد إنهاء عملية تسجيل المئات من المهاجرين، الذين ينتظرون حافلاتهم.
وعلى عكس ما حدث في المرات السابقة، فإن الشركة المكلفة بتفكيك الخيام والأكواخ والحاويات وجمع النفايات، لن تستخدم الجرّافات، بل ينجز موظفوها العمل يدوياً، حتى لا يثيروا ردة فعل نشطاء منظمة "أطباء بلا حدود"، الذين هددوا بالردّ على أي "استفزاز" يمكن أن يصدر عن الشرطة حيال المهاجرين.
— dwnews (@dwnews) October 25, 2016 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ورغم ارتياح بعض المسؤولين الفرنسيين، منهم وزير الداخلية، لنجاح اليوم الأول من عملية الإخلاء، الذي حظي بتغطية إعلامية فرنسية وعالمية غير مسبوقة، إلا أن الأسئلة الكبرى لم تُطرَح بعد، والتي تتعلق بمصير الرافضين لمغادرة مخيم كاليه.
وتتفاوت الإحصاءات الرسمية أو تلك التي تقدمها الجمعيات والمنظمات التي تعمل إلى جانب المهاجرين في تقدير أعداد المهاجرين الرافضين للبقاء في فرنسا ويريدون مغادرتها. جمعية "ملجأ المهاحرين" تقدر عدد الرافضين بنحو ثلاثة آلاف، غالبيتهم أفغانٌ غادروا "الغابة" قبل أسبوع، معظمهم التحق بالأعداد الكبيرة للمهاجرين المتواجدين في العاصمة الفرنسية، وبعضهم غادر إلى بلجيكا وألمانيا.
ويسود الاعتقاد لدى كثير من الجمعيات، ولدى عمدة مدينة كاليه أيضاً، بأن هؤلاء المهاجرين، خاصة الأفغان منهم، الذين تسلّلوا إلى خارج المخيم قبل بدء الإخلاء، سيعودون من جديد إلى المنطقة، لأن هدفهم في الوصول إلى بريطانيا غير قابل للتفاوض.
وتأسف جمعيات إنسانية وإغاثية كثيرة لأن معظم هؤلاء لا علم لديهم عن "بريكسيت"، ولا عن مواقف وتصريحات رئيسة الوزراء البريطانية الأخيرة، الرافضة صراحة لاستقبال المهاجرين غير الشرعيين.
وتعترف مسؤولة من جمعية "إيموس"، التي أسسها الراحل القس بيير، بأن "الخطابات التي يتلقاها المهاجرون من مواطنيهم المتواجدين في بريطانيا، تمنحهم صورة مغايرة لما يعيشونه في فرنسا، صورة رجال شرطة أقل عنفا وأقل إلحاحا، وسوق عمل أكثر استيعابا لطالبي العمل، ونسبة بطالة أدنى مما تعرفه فرنسا".
وتتابع: "ماذا يمكن أن نقول للأفغان الذين لم تتوقف مواجهاتهم مع الشرطة الفرنسية منذ أشهر، بل وسنوات، الشرطة التي ترشهم، في كل مرة، بغازات مسيلة للدموع".