إدارة العيوب

15 نوفمبر 2014
+ الخط -

قائد الوطَن كالساقي، يروي العِطاشَ، ويُبَشِّر بالخير والنماء! قائد الوَطَن طَموحٌ يعِدُ بمستقبل أفضل، يؤمِّنُ للشعب سُبُل العيش الكريم، فيحقِّق للخائفين الأمنَ، وللعاطلينَ عملاً صديقاً، وللمرضى رعاية صحيّة كريمة!

قائد الوطَن مدير ناجح؛ يستثمر كفاءات النابهين، ويُحسنُ توظيفها للعبور بسفينة الوطَن إلى بر الأمان، فلا تهددها الأنواء والأعاصير. ويحميها، فلا يُحْدِث بها الأعداء خرْقاً يهدد سلامتها، فيكون الغرق مصيرها!

والقائد الحُرّ تنجبه أنظمة حيّة حُرّة، قادرة على إدارة مواردها وكفاءاتها وثروتها البشرية، وقادرة أيضاً على إدارة أوجه القصور، واستثمار العيوب لتتحوّل إلى إيجابيات ترفع للوطن شأنه، وتُعلي عِمادَه!

أمّا أنظمتنا السياسية العقيمة، فهي كفوءة في تهجير الكفاءات، وخنق الإبداعات، وقتل الطموحات، واغتيال النابهين، ومن الغرابة أن نطالبها بأنْ تُحسنَ إدارة العيوب، أو تسعى إلى تحويل الفشل إلى نجاح، في وقت أخذتْ فيه على عاتقها محاربة النوابغ، وعرقلة المتفوقين، وهي، بذلك، تقدّم للغرب خدمة جليلة، حيث يتلقّف عقولنا النابهة ليبني بها حضارته، والوطَن أحوج ما يكون إليها. ولكن، ليس مهماً أن نخسر مزيداً من العقول، المهم أن تبقى القيادات الفاشلة في أماكنها، وأن يتصدّر أنصاف المواهب، والراقصون على الحبال، المشهد العظيم، ويكفي أنهم يتمتعون ببلادة حِسّ لا تمكنهم من استشعار مكامن الخطر، أو التنبؤ به، أو التعامل السليم معه إنْ حلَّ.

كم مِن طاقات كثيرة مُعطَّلة، وأُخْرى مُحبَطَة، تجني عليها الأنظمة السياسية بسياساتها الخاطئة التي ترعى الفساد والرشوة والمحسوبية. ولكنّ الأنظمة الحُرّة، وحدَها، هي القادرة على استثمار تلك الطاقات، وتحقيق الفائدة التي يعمّ خيرُها الناسَ جميعاً، لا القائدَ وحده وبطانته.

avata
avata
أحمد محمد الدماطي (مصر)
أحمد محمد الدماطي (مصر)