رغم الهرولة الإماراتية نحو التطبيع مع إسرائيل بعد إشهار تحالفهما، الخميس الماضي، ما زالت دولة الاحتلال تعارض بيع مقاتلات أميركية من طراز "اف-35" إلى أبوظبي، وفق ما أوردته صحيفة "هآرتس"، قبل أن يسارع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لنفي وجود أي موافقة لبيع أسلحة متطورة للإمارات.
وجاء في بيان مكتب نتنياهو "لقد عارض رئيس الحكومة بيع مقاتلات أف-35 وأية أسلحة متطورة أخرى لأي دولة كانت في الشرق الأوسط. لقد أعرب رئيس الحكومة عن هذا الموقف الثابت مرة تلو الأخرى أمام الإدارة الأميركية، وهذا الموقف لم يتغير".
وأضاف البيان أنه خلال محادثة مع السفير الأميركي لدى تل أبيب، ديفيد فريدمان، في 7 يوليو/ تموز، أعرب نتنياهو بشكل واضح عن معارضة إسرائيل بيع مقاتلات "اف-35" وأسلحة متطورة أخرى لأي دولة كانت في الشرق الأوسط بما في ذلك في إطار اتفاقيات سلام، مشيراً إلى أن نتنياهو وجّه يوماً بعد ذلك رسالة لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، عبر فريدمان، أوضح فيها أن موقف إسرائيل ما يزال سارياً حتى بعد التوصل إلى اتفاقيات سلام.
ويأتي نفي مكتب نتنياهو بعدما كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم أن إشهار التحالف الإماراتي الإسرائيلي، الذي يلاقي رفضاً فلسطينياً وعربياً، جاء بعد تعهد من إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ببيع الإمارات مقاتلات "أف-35"، دون اطلاع المؤسستين الأمنية والعسكرية.
وفي وقت سابق اليوم نفى وزير الاستخبارات في حكومة الاحتلال، إيلي كوهين، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية، أن يكون على علم بالبند الذي أشارت إليه "يديعوت أحرونوت". وأكد كوهين أن "إسرائيل بقيت على موقفها بعدم تزويد وبيع سلاح كاسر للتوازن ولقوتها الأمنية".
ومضى قائلاً "في تقديري، لا يوجد بند كهذا. لم يطرح الموضوع على الكابنيت السياسي والأمني للمصادقة عليه. سياسة إسرائيل هي المحافظة على تفوق أمني في المنطقة. هذا ما سيكون طلبنا من الولايات المتحدة. وعليها أيضا احترام هذا الطلب".
وكشف أن "الولايات المتحدة أيضا تطلب منا بيع السلاح الموجود لدينا لدول أخرى، ونحن نحترم ذلك. هذا هو الموقف الإسرائيلي الذي أعرفه. لا علم لي بتغيير في هذه السياسة".
بدورها، نقلت "هآرتس" عن مسؤولين إسرائيليين مطلعين على تفاصيل اتفاق تطبيع العلاقات بين دولة الاحتلال والإمارات العربية المتحدة، قولهم إن تل أبيب لم تغير موقفها وما تزال تعارض بيع هذا النوع من المقاتلات الأميركية إلى الإمارات العربية المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ إشهار التحالف مع الإمارات، فإن عدة جهات ممن كانت ضالعة في الماضي بالاتصالات بين الطرفين، أثارت شكوكا حول أن يكون بنيامين نتنياهو قد تراجع عبر التفاهمات الأخيرة مع الإمارات عن المعارضة التاريخية في إسرائيل لتزويد الإمارات بعتاد عسكري وتكنولوجي متطور من الصناعات الأميركية، ولا سيما مقاتلات "أف-35".
الإمارات تطمح بالحصول على أسلحة متطورة جداً من الولايات المتحدة الأميركية
وسبق لإسرائيل أن أحبطت في السنوات الأخيرة مبادرة مشابهة لتزويد الإمارات بهذه المقاتلات من خلال مؤيديها في الكونغرس الأميركي، وقد قاومت ضغوطاً من الإمارات ودول خليجية أخرى للتراجع عن معارضتها هذه. لكن مصادر إسرائيلية أعربت للصحيفة عن خشيتها من أن يكون مقربو نتنياهو، وعلى رأسهم سفير إسرائيل لدى واشنطن، وعراب الاتصالات مع الإمارات في السنوات الأخيرة، رون دريمر، ورئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات، قد وافقا سراً على هذا الطلب الإماراتي، من دون إطلاع القيادات الأمنية في إسرائيل التي تم إقصاؤها عن المحادثات بشأن اتفاق التطبيع.
ولفتت "هآرتس" إلى أن هذه المخاوف أثيرت في الأيام الأخيرة من قبل قيادات أمنية سابقة في إسرائيل، مثل رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق الجنرال عاموس يادلين. وكان يادلين قال في تغريدة له على "تويتر" الجمعة: "من المهم أن نتذكر أن الإمارات تطمح إلى الحصول على أسلحة متطورة جدا من الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي ينبغي إشراك وزير الأمن ووزير الخارجية والجيش في اتخاذ القرار بشأن الاتفاقية مع الإمارات إذا كانت تنطوي على تقليص التفوق العسكري النوعي لإسرائيل على الإمارات".
وجاءت تغريدة يادلين في الوقت الذي أكد فيه نتنياهو ووزراء في حكومته أن أياً من وزير الأمن، بني غانتس، أو وزير الخارجية غابي أشكنازي لم يكن لهما أي دور في المباحثات والمفاوضات التي سبقت إشهار التحالف بين الإمارات العربية المتحدة وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي. بل إن نتنياهو زاد في اليومين الماضيين على وقع الأزمة الداخلية في حكومته، عندما قال في أكثر من مناسبة إنه لم يبلغ غانتس ولا أشكنازي بتفاصيل المفاوضات لضمان عدم تسرب المعلومات، ما كان يمكن له أن يعرض التوصل إلى الاتفاق للخطر في حال تسريب المعلومات عنه.
إسرائيل لم تغير خلال محادثاتها مع الإمارات العربية المتحدة مواقفها الثابتة ضد بيع أسلحة كاسرة للتوازن
وسبق للصحافي ناحوم برنيع أن أثار هذه الشكوك قبل يادلين في تساؤله يوم الجمعة ما إذا كانت تنطوي هذه الاتفاقيات على تنازلات من قبل نتنياهو دون علم الأجهزة الأمنية ووزارة الأمن، على غرار ما حدث قبل نحو أربعة أعوام عندما سحب معارضة إسرائيل لتزويد مصر بغواصتين متطورتين من صنع ألمانيا من دون إطلاع وزارة الأمن، وبالرغم من معارضة وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك موشيه يعالون.
في المقابل أكد ديوان نتنياهو أن "إسرائيل لم تغير خلال محادثاتها مع الإمارات العربية المتحدة مواقفها الثابتة ضد بيع أسلحة كاسرة للتوازن وتكنولوجيا متطورة لأي من دول الشرق الأوسط".
ويأتي هذا النفي في الوقت الذي نشر فيه ناحوم برنيع اليوم، مجددا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن التحالف واتفاقية السلام مع الإمارات تما، بحسب مصادر أميركية وإماراتية، بعد موافقة الولايات المتحدة على إبرام صفقة أسلحة ضخمة بعشرات مليارات الدولارات تتضمن تزويد الإمارات بمقاتلات من طراز "أف-35" وطائرات بدون طيار من أكثر الأنواع تطورا.
وأشار إلى أن هذه الصفقة كانت مجمّدة، والآن تقوم الإدارة الأميركية بتنفيذها. وبالرغم من أن برنيع يورد النفي نفسه الصادر عن ديوان نتنياهو إلا أنه قال إنه "سواء غيرت إسرائيل موقفها أم لم تغيره، فإن هذه الصفقة هي جزء من الرزمة، وإتمامها كان أحد الشروط التي وضعها الشيخ، إذا لم يتوفر السلام لا يكون سلاماً".
في المقابل، قال المسؤول السابق في جهاز الاستخبارات "الموساد"، حاييم تومر، إنه لا مشكلة في سياق تطبيع العلاقات مع الإمارات أن تلغي الولايات المتحدة الحظر على بيع مقاتلات "أف-35" للإمارات، معتبرا أن المقلق في الأمر إذا تم ذلك دون إطلاع المؤسسة الأمنية والعسكرية.
وبحسب تومر الذي تحدث للإذاعة الإسرائيلية فإن: "تركيا أيضا تملك هذه المقاتلات، وهي تشكل تهديدا أكبر لإسرائيل، وتنشط في جبهات كثيرة يمكن أن تؤثر على إسرائيل"، مدعيا أن الأوساط الإسرائيلية تنشغل بأبوظبي "التي يمكن أن تكون شريكا مع إسرائيل في سيناريوهات مختلفة ضد إيران".
ونقل موقع "معاريف" موقفا مشابها لقائد سلاح الجو الإسرائيلي الأسبق، الجنرال إيتان بن الياهو، الذي قال إنه "لا توجد حدود مشتركة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، وبالتالي فإن تزويد الإمارات بهذه المقاتلات ليس أمراً دارمياً كما يتم تصويره".