إشبيلية وسامبدوريا وساوثهامبتون نجوم الصف الثاني

08 أكتوبر 2014
نجوم الصفّ الثاني للموسم الجاري
+ الخط -

كرة القدم لعبة جماعية، ليس من السهولة أن تصبح فريقاً ناجحاً بمهاجم كبير فقط، عليك أن تجعل كل الفريق يهاجم، وكل الفريق يسجل. أن يصل كل لاعب إلى 10 أهداف في الموسم، أفضل من أن يسجل لاعب واحد 25 هدفاً والبقية يكتفون بالمشاهدة. هذا هو مفهوم اللعبة، من وجهة نظر الكثيرين الذين يرغبون في الوصول إلى نظام تكتيكي رفيع المستوى، وتحقيق أكبر قدر ممكن من الاكتفاء الكروي الذاتي، حتى تأتي النتائج المرجوّة في نهاية الأمر.

وخلال الفترة السابقة من عمر البطولات الأوروبية المختلفة، حدثت نتائج طبيعية وأخرى غير متوقعة، وتألق البعض مع فشل البعض الآخر، لكن جاء أداء بعض الفرق مبشّراً إلى حدٍ كبير، ونجحوا في الجمع بين الإمتاع والإقناع، في أول ثلاثة أشهر من عمر الموسم الكروي الطويل، لذلك يجب تسليط الضوء عليهم، ومحاولة كشف مواطن قوتهم، وفرصهم المستقبلية.

عودة الأندلسيين

كل شيء في كرة القدم يعتبر نسخة من نسخة من نسخة، وإذا لم تنجح نسختك اليوم، تأكد أنها ستجد طريقها نحو النجاح طالما أن فيها شيئاً مختلفاً وجديداً. ويبدو أن نسخة إشبيلية من البطولات في طريقها إلى العودة مرة أخرى. بكل تأكيد، الحصول على اللقب من فم الثلاثي الناري: برشلونة، ريال، أتليتكو، أمر أقرب للاستحالة، لكن المواصلة بهذا النسق ستكون تحدياً أكثر من رائع، ودعوة حقيقية للحلم حتى النهاية.

أوناي إيمري، المدرب الخبير بأجواء الليجا، والرجل الذي قضى معظم فترات مسيرته في دراسة الأمور التكتيكية والتفاصيل الفنية الخاصة بكرة القدم، يُدرك جيداً أن الفوز بلقب الدوري الأوروبي الموسم الماضي ليس نهاية المطاف، وأن المجموعة التي يدربها تستطيع الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك، شريطة التطور والتحسّن على جميع المستويات، سواء الفردية أو الجماعية. لذلك جاءت تعاقدات إشبيلية معبّرة عن الواقع، ومرضية لآمال العشاق بشكل خاص.

تكتيكياً، يلعب إيمري بطريقته المفضلة: 4-2-3-1، التي لا يُغيّرها كثيراً، ثنائية المحور التي تعتمد على لاعب قاطع للكرات، مثل مبيا، ولاعب آخر يجيد التصرف بالكرة، ونقلها من الدفاع إلى الهجوم، وبالطبع لا يوجد أفضل من بانيجا، مع صانع الألعاب الصريح في المركز 10 بالملعب، الشاب اليافع دينيس سواريز، الذي لا يكتفي بالهجوم بل يعود للوسط لمساندة ثنائي الإرتكاز، وتتحوّل خطة اللعب من 4-2-3-1 إلى 4-3-3.

طويل، قوي البنية، هداف، يجيد الضربات الرأسية، يمتاز بالالتحام مع الخصوم، رقم 9 حقيقي. يتحرك في المساحات بين الظهيرين وقلوب الدفاع، ويصنع خطورة كبيرة في القنوات بين قلبي دفاع المنافسين، إنه الصياد الذي احترف مهنة صيد السمك قبل دخوله عالم المستديرة، كارلوس باكا، مهاجم أوناي إيمري، واللاعب الذي يصنع ثلاثية الهجوم مع فيتولو وجيرارد ديوليفيو، الناشئ المعار من برشلونة، ما يجعل فريق إشبيلية مدعم بمجموعة متكاملة من الأسماء، في انتظار عمل مضاعف في المقبل من المواعيد.

حلم بوشكوف

إذا فزنا، فنحن الأفضل، وإذا خسرنا، فنحن الأسوأ، هم يكونون هم، ونحن نكون نحن، أو بالإيطالية: "loro sono loro, noi siamo noi"، هي كلمات خاصة بالراحل الخبير، الناجح المظلوم، أحد العباقرة المنسيين في كرة القدم، إنه فويادين بوشكوف، صانع أمجاد سامبدوريا، والمدرب الذي وصل بالفريق الإيطالي إلى قمة المجد بداية تسعينات القرن الماضي، ليضع نفسه كأفضل مدير فني في تاريخ النادي العريق.

ومن بوشكوف إلى سينيسا ميهايلوفيتش، وكأن النجاح التدريبي لسامبدوريا مرتبط فقط بالمدربين القادمين من يوغسلافيا أو صربيا حالياً، حيث إن المدفعجي السابق في الكالشيو أصبح الرجل الأول المختص بالأمور الفنية والتكتيكية للنادي القابع في مدينة جنوى. ويؤدي المهمة حتى الآن بنجاح منقطع النظير، ومن انتصار إلى آخر، وجد الفريق نفسه في المركز الثالث بسلّم ترتيب الدوري الإيطالي قبل فترة التوقف الحالية.

خلال مباراة الديربي بين سامبدوريا وجنوى، والتي انتهت بفوز فريق ميهايلوفيتش بهدف دون رد، لعب المدرب الصربي بطريقة لعب 4-3-3 صريحة من البداية حتى النهاية، وبسبب ميوله الدفاعية القديمة كلاعب، فإن سينسيا يضع تركيزاً مضاعفاً على تأمين الخط الخلفي لفريقه، بوجود ثلاثي دفاعي لا يتقدم كثيراً، ثنائي القلب والظهير الأيمن، مع إعطاء لاعب "الرواق" الأيسر حرية كبيرة في الحركة.

حركة ثلاثي الوسط متناسقة، خصوصاً على صعيد منطقة الارتكاز، يقوم بيدرو أوبيانج بلعب دور الريشة في التغطية على تقدم الظهيرين، بينما يتبادل كل من بالومبو وسوريانو دور القيادة في منطقة عمق الملعب. مع وجود أوكاكو في منطقة الجزاء، كمهاجم يحجز المدافعين بسبب قوته البدنية، ويعطي الفرصة للاعبي الأجنحة في تسجيل الأهداف، لذلك أعطى الجناح مانولو جابياديني هدف الفوز في الديربي، وأعاد التفوّق أمام أتالانتا في المباراة الأخيرة، ليحصد فريق المدرب الصربي النقاط الثلاثة، ويستمر في مغامرته بالكالتشو.

التجربة الهولندية

"من دون أخطاء، لن تصل أبداً الى مبتغاك. الذي يعيش بلا خطأ يظل على مستواه، بينما مَن يخطئ ويعرف الصواب، سيصل الى عنان السماء"، يؤكد صاحب هدف الفوز الشهير لبرشلونة في نهائي ويمبلي 92، الهولندي رونالدو كومان، هذا الكلام حينما يتحدث عن تجاربه المستمرة مع التدريب، بداية من أياكس وحتى وصوله إلى إنجلترا، وقيادته لفريق القديسين، ساوثهامبتون.

نجح رونالد كومان، الموسم الماضي، مع فينورد في طريقة لعبه 3-5-2، التي استخدمها بعد ذلك لويس فان جال خلال المونديال العالمي الأخير، وفاز بها جوارديولا على كلوب في نهائي الكاس الألماني، نهاية الموسم الماضي. لعب كومان بهذه الخطة، بسبب عدم وجود لاعب وسط قادر على إضافة اللمحة الجمالية في الربط بين خطوط الفريق، لذلك استخدم ثلاثة مدافعين مع ظهيرين على الأطراف، وثلاثي في الوسط، مع لاعبيّن بالخط الأمامي.

وبعد قدومه إلى إنجلترا، باع فريق ساوثهامبتون معظم النجوم إلى أندية أخرى بعد رحيل بوكيتينو إلى توتنهام. وجاء المدفعجي الهولندي مدعوماً بآمال كبيرة، لكنه لم يلعب بخطته القديمة وبدأ مشواره في الملاعب البريطانية بخطة 4-3-3، وذلك لأن ليس المراد في النهاية تسمية الطريقة التكتيكية، بل الوصول إلى أسلوب لعب يناسب إمكانيات وقدرات مجموعة اللاعبين التي يضمها الفريق.

ومع وجود أسماء بقيمة دافيز، وانياما، شنايدرلين، قرر كومان الاعتماد على ثلاثية الوسط التي تغلق منطقة الارتكاز تماماً، وتضيف بعداً هجومياً آخر في الثلث الأخير من المستطيل. وجاء كومان بثلاثي هجومي جديد تماماً: ساديو ماني، من ريد سالزبورج، دوشان تاديتش، من تيفنتي الهولندي، والإيطالي الهداف جرازيانو بيلي، من فينورد.

وضع كومان كل الرهانات على نجوم الهجوم الجدد، ونجح في رهانه حتى الآن، لأن بيلي يقدم مستويات كبيرة ويسجل أهدافاً بديعة في الخط الأخير، أما الثنائي ماني وتاديتش، فلهما مهام إضافية على الأطراف ومساندة الظهيرين دفاعياً، مع القطع في العمق الهجومي عند الاستحواذ على الكرة. لذلك استحق عمل كومان كامل التقدير، على أمل استمرار المغامرة حتى نهاية الموسم.

دلالات