هو من بين عدد قليل جداً من الفلسطينيين الذين يعملون بهذه المهنة ويحافظون عليها من الاندثار. ورثها عن والده منذ ما يزيد عن أربعين عاماً، وأصبح في عيون زبائنه كمن يمنع سلعة قديمة تكاد تكون تراثية من الاختفاء، وكمن يسعى إلى تذكير الجيل الجديد بوسائل كانت شبه وحيدة للإضاءة وللطبخ والغسل وحتى للاستحمام.
رمز صمود المهنة
محيي الدين محرم حسن حشحوش، من مدينة نابلس، هو مصلّح بوابير الكاز (غاز كان يستخدم قديماً) الوحيد في المدينة، يتخذ ركناً خاصاً به في ورشته بالبلدة القديمة ليصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في مدينة نابلس.
يقول حشحوش لـ "العربي الجديد" إنه كان صغيراً "عندما جئت إلى والدي لآخذ مصروفي منه في محله الكائن في البلدة القديمة، فلفت انتباهي ما يقوم به من تصليح للبوابير وفوانيس الكاز التي كنا نستخدمها للإضاءة في فترات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي".
يمسك حشحوش أحد بوابير الكاز خلال حديثه بتناغم شديد. يقلبه بين يديه ليجد ما حلّ به من خراب ويكتشف المشكلة ليقوم بإصلاحه. ويضيف أن "هذا البابور لا يوجد به مشكلة سوى اتساخ مواسيره وانغلاقها وهذا ما يمنع وصول الكاز الى رأس البابور الأمر الذي يؤدي إلى عدم اشتعاله". وخلال لحظات، استطاع حل المشكلة، عبر نبش المواسير المنغلقة بإبرة مخصصة لإصلاح البوابير.
يضيف حشحوش: "بدأت تعلم هذه المهنة من والدي تدريجياً، وبدأت بمساعدته في المحل الى أن استلمت منه العمل في بداية السبعينيات حيث منعه الطبيب من ممارس المهنة بسبب مضارها على جهازه التنفسي".
ويتابع: "حينها، أخذت بعض الوقت لأتقن العمل، واكتشف علة البوابير والفوانيس، وكنت صغير السن ولا أمتلك أي مصلحة أخرى، لذا واظبت على العمل لمعرفة كل أسرار هذه المهنة".
يقول حشحوش: "المهنة التي أعمل بها متعبة جداً وخطيرة على جهازي التنفسي لكنني لا أجيد أي مهنة غيرها ولدي خمس بنات وثلاثة شبان اعتني بهم وأؤمن مصاريفهم وحياتهم من هذا المحل". ويشرح أن "هذه المهنة لا تزال مربحة برغم قلّة استخدام المواطنين للبوابير وفوانيس الاضاءة، إلا أن ذلك لا يمنعني من الخوف من اندثار هذه السلع نهائياً، ما سيؤثر مباشرة على مصدر رزقي".
مهنة الآباء
يتذكر حشحوش أيام الطفولة ويقول: "كانت مدينة نابلس والقرى المجاورة لها قبل سبعين عاماً تعتمد على بوابير الكاز كبديل للغاز في أيامنا الحاضرة والفوانيس للإضاءة حيث أن الكهرباء لم تكن موجودة عند عدد كبير من المواطنين بل وأنها لم تكن موجودة في القرى المجاورة. وكان والدي يعمل طيلة الوقت في تصليح البوابير والفوانيس نظراً لكثرة استخدامها".
ويضيف: "ضحيت بدراستي بسبب مرض الوالد والذي منعه الطبيب من ممارسة هذه المهنه لما تؤدي من أضرار صحية، فكان الوالد بعد تقاعده مرشداً لي بعملي، وساعدني لاحتراف أصول هذه المهنة بشكل افضل، وحصلت فيما بعد على دورة في الالكترونيات من معهد في مدينة رام الله لكنني لم أعمل بشهادتي هذه لأنني أحب مهنة التصليح وأقتات منها وأؤمن حياة ومستقبل أبنائي".
يقول حشحوش لـ "العربي الجديد" بفخر "هذه المهنة ساعدتني على تعليم أولادي، ابني تخرّج حاملاً شهادة في تقنيات شبكات الحاسوب، في حين أن ما تبقى من أولادي لا يزالون في المدارس"، ويضيف "أنا الشخص الوحيد الذي ما زلت أمارس هذه المهنة في نابلس، ولولا والدي، لما كنت دخلت هذا المضمار، وكانت هذه المهنة لتندثر لما تلاقيه من صعوبات وعزوف الشباب عن تعلمها بسبب الالتحاق بالجامعات". ويتابع: "لم أعلم حتى الآن أياً من أبنائي هذه المهنة لأنهم يتابعون دراستهم، لكنني أتمنى أن أجد من يهتم بهذه المهنة ويتعلمها مني".
يعتبر حشحوش الوضع الاقتصادي في المدينة في الوقت الحالي سيئاً للغاية بسبب ارتفاع نسبة البطالة في المدينة بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام، مشيراً إلى أن ذلك ينعكس على حياته اليومية ومستقبل بناته الذي قام بتدريسهن ويقول: "أنا ارى ما حدث معي ولا اريد أن يتكرر مع أبنائي فمستقبلهم في الدراسة والتعليم مهم جداً ويؤهلهم للعمل وبناء مستقبلهم".
إقرأ أيضا: الرأسمالية هادرة العقول
رمز صمود المهنة
محيي الدين محرم حسن حشحوش، من مدينة نابلس، هو مصلّح بوابير الكاز (غاز كان يستخدم قديماً) الوحيد في المدينة، يتخذ ركناً خاصاً به في ورشته بالبلدة القديمة ليصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في مدينة نابلس.
يقول حشحوش لـ "العربي الجديد" إنه كان صغيراً "عندما جئت إلى والدي لآخذ مصروفي منه في محله الكائن في البلدة القديمة، فلفت انتباهي ما يقوم به من تصليح للبوابير وفوانيس الكاز التي كنا نستخدمها للإضاءة في فترات الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي".
يمسك حشحوش أحد بوابير الكاز خلال حديثه بتناغم شديد. يقلبه بين يديه ليجد ما حلّ به من خراب ويكتشف المشكلة ليقوم بإصلاحه. ويضيف أن "هذا البابور لا يوجد به مشكلة سوى اتساخ مواسيره وانغلاقها وهذا ما يمنع وصول الكاز الى رأس البابور الأمر الذي يؤدي إلى عدم اشتعاله". وخلال لحظات، استطاع حل المشكلة، عبر نبش المواسير المنغلقة بإبرة مخصصة لإصلاح البوابير.
يضيف حشحوش: "بدأت تعلم هذه المهنة من والدي تدريجياً، وبدأت بمساعدته في المحل الى أن استلمت منه العمل في بداية السبعينيات حيث منعه الطبيب من ممارس المهنة بسبب مضارها على جهازه التنفسي".
ويتابع: "حينها، أخذت بعض الوقت لأتقن العمل، واكتشف علة البوابير والفوانيس، وكنت صغير السن ولا أمتلك أي مصلحة أخرى، لذا واظبت على العمل لمعرفة كل أسرار هذه المهنة".
يقول حشحوش: "المهنة التي أعمل بها متعبة جداً وخطيرة على جهازي التنفسي لكنني لا أجيد أي مهنة غيرها ولدي خمس بنات وثلاثة شبان اعتني بهم وأؤمن مصاريفهم وحياتهم من هذا المحل". ويشرح أن "هذه المهنة لا تزال مربحة برغم قلّة استخدام المواطنين للبوابير وفوانيس الاضاءة، إلا أن ذلك لا يمنعني من الخوف من اندثار هذه السلع نهائياً، ما سيؤثر مباشرة على مصدر رزقي".
مهنة الآباء
يتذكر حشحوش أيام الطفولة ويقول: "كانت مدينة نابلس والقرى المجاورة لها قبل سبعين عاماً تعتمد على بوابير الكاز كبديل للغاز في أيامنا الحاضرة والفوانيس للإضاءة حيث أن الكهرباء لم تكن موجودة عند عدد كبير من المواطنين بل وأنها لم تكن موجودة في القرى المجاورة. وكان والدي يعمل طيلة الوقت في تصليح البوابير والفوانيس نظراً لكثرة استخدامها".
ويضيف: "ضحيت بدراستي بسبب مرض الوالد والذي منعه الطبيب من ممارسة هذه المهنه لما تؤدي من أضرار صحية، فكان الوالد بعد تقاعده مرشداً لي بعملي، وساعدني لاحتراف أصول هذه المهنة بشكل افضل، وحصلت فيما بعد على دورة في الالكترونيات من معهد في مدينة رام الله لكنني لم أعمل بشهادتي هذه لأنني أحب مهنة التصليح وأقتات منها وأؤمن حياة ومستقبل أبنائي".
يقول حشحوش لـ "العربي الجديد" بفخر "هذه المهنة ساعدتني على تعليم أولادي، ابني تخرّج حاملاً شهادة في تقنيات شبكات الحاسوب، في حين أن ما تبقى من أولادي لا يزالون في المدارس"، ويضيف "أنا الشخص الوحيد الذي ما زلت أمارس هذه المهنة في نابلس، ولولا والدي، لما كنت دخلت هذا المضمار، وكانت هذه المهنة لتندثر لما تلاقيه من صعوبات وعزوف الشباب عن تعلمها بسبب الالتحاق بالجامعات". ويتابع: "لم أعلم حتى الآن أياً من أبنائي هذه المهنة لأنهم يتابعون دراستهم، لكنني أتمنى أن أجد من يهتم بهذه المهنة ويتعلمها مني".
يعتبر حشحوش الوضع الاقتصادي في المدينة في الوقت الحالي سيئاً للغاية بسبب ارتفاع نسبة البطالة في المدينة بشكل خاص وفي فلسطين بشكل عام، مشيراً إلى أن ذلك ينعكس على حياته اليومية ومستقبل بناته الذي قام بتدريسهن ويقول: "أنا ارى ما حدث معي ولا اريد أن يتكرر مع أبنائي فمستقبلهم في الدراسة والتعليم مهم جداً ويؤهلهم للعمل وبناء مستقبلهم".
إقرأ أيضا: الرأسمالية هادرة العقول