أعلن الحراك الفلسطيني الموحد في بيان له، عصر اليوم الثلاثاء، عن تأجيل فعالية كانت مقررة الساعة الخامسة مساء بالتوقيت المحلي، للمطالبة بالإفراج عن نشطاء في الحراك اعتقلهم الأمن الفلسطيني قبيل تظاهرة ضد الفساد، أول من أمس الأحد، وسط مدينة رام الله. وأشار الحراك إلى أن الأجهزة الأمنية في رام الله والخليل ونابلس ضربت طوقاً أمنياً على كافة ميادين الوقفات المعلن عنها اليوم.
وقال الحراك: "حفاظاً على سلامتكم، حفاظاً عليكم من الاعتقال وربما القمع غير المبرر، فإننا نبرق رسالة محبة لكم أن النصر صبر ساعة، وأن الطريق طويل ويحتاج إلى نفس طويل وحنكة، ونعلن تأجيل وقفة اليوم للمطالبة بالحرية للمعتقلين الحراكيين، ولإخوتنا في الأجهزة الأمنية نقول نحن نعذركم وآسفون لنزولكم في هذا الطقس الحار، لمنعنا من حقنا المنصوص عليه في القانون الفلسطيني الأساسي وفي كافة الأديان السماوية وفي ضمير كل حر، واعذرونا، فموعدنا لاحتضانكم والسلام عليكم بكل محبة، ربما يكون غداً".
وكان ناشطون فلسطينيون معتقلون لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، على خلفية محاولتهم تنظيم وقفة ضد الفساد، قد أعلنوا الإضراب عن الطعام احتجاجاً على اعتقالهم، بعد أن مدّدت النيابة العامة، أمس الإثنين، توقيفهم 48 ساعة بتهمة التجمهر غير المشروع ومخالفة قانون الطوارئ. وبلغ عدد المعتقلين 20 شخصاً، بحسب مجموعة "محامون من أجل العدالة" التي تتابع الملف قانونياً، وكان آخرهم الناشط محمد القروي الذي اعتقله الأمن الفلسطيني أمس من مكان عمله وانضم للمضربين عن الطعام، ليصل عددهم إلى 13 معتقلاً.
وبحسب والدة القروي فريدة، فقد تم اعتقال ابنها محمد أمس من مكان عمله في رام الله، ونفت وجوده في مكان الاعتصام الذي كانت من المقرر إقامته أول من أمس الأحد على دوار المنارة وسط رام الله، لكونه في الحجر المنزلي بطلب من إدارة عمله بسبب وجود إصابات بفيروس كورونا في صفوف موظفين في مكان عمله.
واليوم الثلاثاء، عُرض القروي على النيابة العامة، التي مدّدت توقيفه 24 ساعة، ليعلن بعد ذلك إضرابه عن الطعام أسوة بزملائه، كما أفاد المحامي ظافر صعايدة من مجموعة "محامون من أجل العدالة" لـ"العربي الجديد"، مؤكداً أن التهم الموجهة إليه هي نفس التي وُجهت لمن تم اعتقالهم من رام الله، أول من أمس الأحد، في الوقت المفترض للاعتصام، وهي التجمهر غير المشروع ومخالفة أنظمة وتعليمات الطوارئ.
وقال صعايدة إن القروي أكد للنيابة العامة أنه كان في الحجر المنزلي في الوقت المقرّر للاعتصام، لكن النيابة أشارت إلى أن التحريات الأمنية أكدت أنه كان في الميدان. ورجح صعايدة أن تكون خلفية الاعتقال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي حول اعتقال زملائه في الحراك الفلسطيني.
مدّدت النيابة العامة توقيف الناشطين 48 ساعة بتهمة التجمهر غير المشروع ومخالفة قانون الطوارئ
وكانت "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان" قد طالبت، في بيان صدر عنها أمس الاثنين، بالإفراج عن النشطاء الموقوفين، مشيرة إلى أن الشرطة قامت بتوقيف عدد منهم قبل أو لحظة وصولهم إلى المكان المحدد للاحتجاج. وتابعت أنه في الوقت الذي تؤكد فيه ضرورة الالتزام التام، ومن قبل جميع المؤسسات والفعاليات من دون استثناء، بإجراءات السلامة والتباعد الاجتماعي، إلا أنها تعتبر أن توقيف الناشطين المجتمعيين يتضمن عقوبة مقنعة على خلفية نشاطهم المجتمعي وتدويناتهم التي تتضمن انتقادات لبعض المؤسسات والشخصيات العامة، مطالبة بضرورة الإفراج الفوري عنهم جميعاً، والتوقف عن استخدام إجراء التوقيف أو الحجز الاحتياطي كعقوبة.
ورفضت "شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية"، في بيان لها، التذرع بحالة الطوارئ السارية في البلاد بفعل انتشار جائحة كورونا، ومنع التجمعات أو التظاهر، واتخاذها مبرراً لممارسة انتهاك القانون. وتابعت: "على العكس من ذلك، ترى الشبكة أن مسألة استمرار المراسيم وحالة الطوارئ ذاتها هي التي تحتاج لنقاش حول ملاءمتها، وتطابق الاجراءات المتبعة خلالها مع القانون، والتقيد به، والصلاحيات التي تناط بجهات عديدة لإنفاذ القانون".
ورأت الشبكة في اعتقال النشطاء مساً صارخاً بالقانون الأساسي، وحرية الرأي والتعبير المكفولة بالقانون، وأنها تمثل اعتداءً صارخاً على قيم وتقاليد ترسخت عبر سنوات طويلة تكفل حق الاختلاف والتباين في إطار مبدأ سيادة القانون، واحترام التعددية التي تكفلها أيضاً وثيقة الاستقلال الفلسطيني الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني العام 1988، وعبّرت عن مساندتها لكل التحركات والأنشطة الهادفة لمكافحة الفساد باعتبارها أحد أشكال مواجهة الاحتلال.
من جانبها، دعت مجموعة "محامون من أجل العدالة"، مساء اليوم، "كافة النشطاء والحراكيين وكل من يتعرض للاعتقال على خلفية ممارسة حرية الرأي والتعبير، لضرورة التزام الصمت منذ لحظة الاحتجاز لدى الشرطة وعند الاستجواب لدى الجهات الرسمية باعتباره حق مكفول بموجب القانون، وذلك احتجاجاً على حملة الاعتقالات العشوائية وغير المبررة التي تستهدف حرية الرأي والتعبير، ورفضاً لسياسة تكميم الأفواه التي تمارسها السلطة التنفيذية بغطاء قضائي دون مراعاة لحقوق الناس وحرياتهم".
وكانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت، أول من أمس، 19 من أعضاء الحركات التي كانت تنوي تنفيذ مظاهرة وسط مدينة رام الله وسط الضفة الغربية ضد الفساد، وانتشرت قوات الأمن الفلسطينية على دوار المنارة في رام الله، مساء أول من أمس الأحد، بالمئات، وأغلقت مداخله بالسواتر الحديدية. واتهم أعضاء في الحركات المنظمة للوقفة أجهزة الأمن بمنع الوقفة بالقوة، كما اتهموا، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، الأمن بنشر إشاعات بين الناس بأن الوقفة "تخريبية لأحد أحزاب المعارضة".
وكان عضو الحراك الفلسطيني الموحد خالد دويكات قد قال لـ"العربي الجديد" "إن الوقفة تقول طفح الكيل من الفساد، والممارسات القمعية في الشارع، وتكميم الأفواه، ومن تعيين أبناء المسؤولين وسيطرتهم على مفاصل البلد".
وحول مطالب الوقفة، قال دويكات: "يجب أن تكون هناك رقابة على السلطة التنفيذية؛ السلطة التنفيذية تتغول في البلاد من دون رقيب ولا حسيب، المسؤولون التنفيذيون يتسلطون على مفاصل البلد ويقومون بتعيين كل من يمت لهم بصلة على حساب الكفاءات التي يتم تهجيرها. مطالبنا مكافحة الفساد ومراجعة التعيينات، وإقرار قانون حق الحصول على المعلومات، ووجود سلطة تشريعية تراقب السلطة التنفيذية".