إعلام النظام المصري يهاجم "الشروق" بسلاح نجيب محفوظ و"ألتراس الأهلي"

14 مارس 2018
تملك "الشروق" حق نشر روايات محفوظ (جان برنارد فرنيير/كوربس)
+ الخط -
تبنّت مؤسسات إعلامية تابعة للأجهزة الأمنية في مصر حملة أطلقها الكاتب والروائي، حسن عبدالموجود، ضدّ دار "الشروق"، لنزع حق نشر روايات الروائي العالمي، نجيب محفوظ، منها، بحجة أنّها تتعمّد حجب رواياته وعدم طباعتها.

وصاغ عبدالموجود الذي يدير تحرير "موقع مبتدا" التابع للجهاز الذي يديره مدير مكتب الرئيس عبدالفتاح السيسي، اللواء عباس كامل، بياناً جاء فيه: "نطالب نحن المثقفين المصريين، الموقّعين على هذا البيان، وزارة الثقافة، بالتحرّك ضدّ دار الشروق، لنزع حق ملكية نشر روايات نجيب محفوظ، إذ أن دار الشروق، لصاحبها إبراهيم المعلم، تعمّدت طوال سنوات عديدة ماضية، حجب روايات نجيب محفوظ، ولما كانت تلك الروايات تخرج عن دائرة احتكارها لجهة خاصة، بحكم مكانتها العالمية، وكلاسيكيتها، فمن حق الدولة والمصريين جميعاً، نزع تلك الملكية عن الجهة المُحتكرة".

رئيس تحرير صحيفة "الدستور" التابعة أيضاً للأجهزة الأمنية المصرية، محمد الباز، تلقّف القصة، وأفرد لها مساحة في الصفحة الأولى للصحيفة، كما خصص لها فقرة في برنامجه على قناة "المحور"، استضاف عبدالموجود.


وقال عبدالموجود إن "دار (الشروق) تسببت في اختفاء مجموعات قصصية عديدة للأديب العالمي الراحل نجيب محفوظ، بعد احتكار نشر أعماله منذ عام 2005".

وأضاف عبد الموجود، خلال مداخلة هاتفية مع الباز، أن "عقد احتكار (الشروق) يتضمن كل أشكال نشر أعمال نجيب محفوظ، بما فيها تحويل أعماله لأفلام ومسلسلات"، مشدداً على أن إبراهيم المعلم، عندما عُرضت عليه سيناريوهات مقتبسة عن أعمال الأديب الراحل، كان يقوم بركنها وعدم تنفيذها.

وتابع أن "الأعمال الشهيرة لمحفوظ، مثل الثلاثية و(عبث الأقدار) و(كفاح طيبة) و(ثرثرة فوق النيل) وغيرها، موجودة، لكن الأعمال القصصية مثل (تحت المطر) و(شهر العسل) و(الجريمة)، غير موجودة رغم أنها مهمة جداً".


الكاتب والناقد في "الشروق"، إيهاب الملاح، انتقد دعوة عبدالموجود، وكتب على "فيسبوك": "اللي خايف على تراث نجيب محفوظ ومحموق عليه أوي... بدل ما يستعدي الدولة على أصحاب الحقوق ويمارس (فاشية) كان يدعي أنه يحاربها يطالب الدولة بتدريس نصوص نجيب محفوظ الغائبة عن مناهج التعليم إما جهلا أو جهلا برضه! ويطالب الدولة باستثمار رأس المال المعنوي لتراث محفوظ ويفتتح متحفه الذي لم يفتتح ولم يجهز منذ وفاته في 2006!".

وأضاف الملاح: "فليطالب نفسه أولاً أن ينشر ويكتب ويقدم تراث محفوظ بشكل لائق، ويدعو الدولة كي تقتني أعماله وتوفرها في المكتبات العامة، وتنشرها في طبعات متاحة بعد احترام حقوق أصحابها... وأن تنظم فعاليات سنوية في ذكرى ميلاده ووفاته بشكل محترم يجعل قيمة نجيب محفوظ ظاهرة وحاضرة في أوساط الأجيال الناشئة".

وكان عبدالموجود قد قال في مداخلته مع الباز إن "عقد احتكار (الشروق) يمتد لخمسين عاماً، وينتهي عام 2056، وإن الدار لديها 56 كتاباً للأديب الحائز على (نوبل)"، متابعاً أن "الدار لها حقوق، لكن نجيب محفوظ أكبر من الجميع، وهو كنز مصري لا يجوز أن يكون تحت تصرف مكان واحد طول الوقت"، وهو ما اتفق معه الباز بأن يتم "نزع ملكية الدار عن أعمال الأديب العالمي إن لم يكن هناك وسيلة أخرى وذلك لإتاحة الأعمال للجميع بأسعار مناسبة".


ووفق ما أكد عبدالموجود، فإن عدداً من المثقفين المصريين، وقّعوا، الاثنين، بياناً يناشد وزارة الثقافة للتحرك ضد دار (الشروق)، لنزع حق ملكيتها نشر روايات نجيب محفوظ. وشملت التوقيعات كتّاباً وصحافيين ومثقفين منهم: أحمد الخميسي، وياسر عبداللطيف، ومحمد خير، وعادل الميري، عادل واسيني، وإبراهيم داوود، وإبراهيم فرغلي، وحمدي البطران، وأحمد الملواني، وصبحي موسى، وملكة بدر، وزين العابدين فؤاد، وسامية بكري، وعلي عطا، وأحمد الجعفري، وفاطمة خير، ومصطفى ذكري، وعمرو عاشور.

فريق آخر من المثقفين، ومنهم الكاتب أحمد عبداللطيف رأى أن "أي منتج فكري هو ملك لمؤلفه ولورثته من بعده لحين مرور 70 سنة من وفاته، وبعدها يكون مشاعاً للجميع".

وكتب عبد اللطيف: "لحين دا ما يحصل، المنتج دا حق للمؤلف وورثته، يعني يتقاضوا عنها أرباحا مالية، دا بحسب قانون الملكية الفكرية اللي مصر ماضية عليه وساير في أوروبا كمرجعية في المسألة دي". "يعني إيه وزارة الثقافة تطبع الكتب بدون إذن الشروق والورثة؟ وليه نتعامل مع محفوظ بفكرة التأميم؟ أي تصرف من الدولة في الاعتداء على الشروق دا موقف غير قانوني".


من جانبه، كتب الصحافي والروائي حمدي عبدالرحيم يقول أن "البيان عجيب جداً ولا يقوم على حقيقة ولا يستند إلى دليل. روايات الأستاذ محفوظ متاحة على مدار ساعات الليل والنهار وتعرضها للبيع كل فروع دار الشروق". متسائلاً "لماذا لم يقدم البيان دليلًا باسم رواية واحدة محجوبة؟"، ومضيفاً "العقد شريعة المتعاقدين يا أهل الخير، والعقد الذي تم في حياة محفوظ بينه وبين الشروق جعل الدار هي صاحبة الحق الحصري في نشر تراثه، فكيف يتم نزع هذا الحق منها؟ إعلاء الشروق أو استعلاؤها لن ينفعها في هذا الموقف، فعليها أن ترد رداً جاداً وهادئاً لنزع فتيل "زيطة" قادمة لن تجلب لنا سوى المزيد من الصداع الذي ينقصنا".

كلام عبدالرحيم دفع رئيس مجلس إدارة "الشروق" للرد عليه، فكتب إبراهيم المعلم معلقاً "كنوز حبيبنا وأستاذنا نجيب محفوظ الذي شرفنا باختياره لنا لنشرها عندما تكرّم بالاتصال بي -في مفاجأة من أعز وأجمل المفاجآت -متسائلاً بأدبه الجم وتواضعه الفريد إن كنّا نقبل نشرها رغم كل ما يقال عن توقف الإقبال عليها وما يدعيه بعض النقاد عليه وعليها... كل هذه الكتب/ الكنوز منشورة ومتاحة ورقياً في جميع فروع مكتبات الشروق، ومعظم المكتبات في أنحاء مصر، وكذلك عند جميع موزعي الشروق في أنحاء العالم العربي".

وأضاف "إذ أشكركم جميعاً على اهتمامكم وغيرتكم، فإني أرجو أن تكملوا جميلكم -إن كان ذلك في الوسع والإمكان-وتسهموا معنا في إمكانية إقناع وزارات الثقافة والتعليم العالي والشباب أن يقتنوا هذا الإبداع الفذ في مكتباتهم في قصور الثقافة ومكتبات المدارس والجامعات ومكتبات مراكز الشباب، حتى تعمّ الفائدة ويتحقق جانب من واجبهم ورسالتهم نحو الأجيال التي يقومون على تثقيفها وتنويرها وإتاحة ذخائر وكنوز الإبداع لها".


وتزامناً مع الحملة التي أطلقها عبدالموجود ومجموعة من المثقفين، أطلق المذيع التلفزيوني المعروف بصلاته الوثيقة بالأمن، تامر عبدالمنعم حملة أخرى للهجوم على المعلم متهماً إياه بتمويل مجموعات "ألتراس" فريق "النادي الأهلي"، وأنه حلقة الوصل بين تلك المجموعات و"جماعة الإخوان المسلمين"، ما دفع صحيفة "الشروق" إلى الرد، عبر مقالة عنوانها "تامر عبد المنعم... مشخّصاتي أدمن الفشل"، ليرد الأخير بحلقة كاملة من برنامجه خصصها للهجوم على إبراهيم المعلم، ورئيس تحرير صحيفة "الشروق"، عمادالدين حسين.

وقال عبد المنعم إن المعلم "ينتمي إلى الإخوان المسلمين، وإنه كان يلعق حذاء الرئيس مبارك (الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك) وزوجته سوزان مبارك، ثم انقلب عليهما بعد 25 يناير، ويقوم بطباعة كتب "إخوانية" ألّفها الشيخ يوسف القرضاوي، والدكتور سليم العوا، وكتاب آخر عن مرشد جماعة الإخوان الأسبق حسن البنا"، ثم أخرج نسخاً من تلك الكتب وألقاها على أرض الاستوديو.