سنوياً تخطف هذه الاحتفالات أنظار المواطنين، الذين يتوافدون إلى الساحات العامة حيث تقام العروض النارية. هذا العام، ولجأت العديد من العواصم إلى بيع تذاكر بأسعار رمزية لحضور الاحتفالات.
على سبيل المثال، قامت الشركة المكلفة بتنظيم العروض النارية في لندن، بعرض تذاكر تبلغ كلفتها 10 جنيهات إسترلينية لحضور الاحتفالات، بعد تدفق أكثر من نصف مليون مواطن في إحدى السنوات إلى الساحات العامة التي لا تتسع لأكثر من 100 ألف فقط، بحسب صحيفة الغارديان.
ويقول الخبراء "إن عواصم العالم تتسابق لتقديم عروض نارية باهرة، وذلك لإعطاء صورة إيجابية عن مكانة هذه المدينة عالمياً، لذا تتكبد السلطات مبالغ مالية ضخمة لإقامة العروض النارية".
وذكرت دراسة أشرفت عليها شركة ديلويت الأميركية عام 2015 أن البشر حول العالم ينفقون ما يزيد عن تريليون دولار خلال احتفالات رأس السنة على العزائم والسهرات وشراء الهدايا، وهذا الرقم يزيد سنويا بشكل منتظم.
وبحسب الدراسة، فإن إنفاق الأسرة الروسية الواحدة في احتفالات رأس السنة يزيد عن 19 ألف رويل أي ما يعادل 580 دولاراً، ويفوق معدل إنفاق روسيا ما يخصصه الألمان لهذه المناسبة. وفي فرنسا ينفق المواطنون للاحتفال بالأعياد أكثر من 45 مليون يورو سنوياً.
في هذا التقرير، نستعرض التكاليف المالية التي تتكبدها كبرى العواصم لإشعال المفرقعات، وإقامة العروض النارية ليلة رأس السنة.
هونغ كونغ
يشير تقرير صادر عن مكتب الشؤون الداخلية في هونغ كونغ، أن العرض العام الماضي للألعاب النارية والمفرقعات التي أطلقت لنحو 23 دقيقة، وصلت تكاليفها إلى نحو 8 ملايين دولار. وأشار موقع هونغ كونغ نيوز إلى أنه تم استخدام أكثر من 22 ألف لعبة نارية في ثلاث مناطق مختلفة في هونغ كونغ، احتفالاً بالعام الجديد، وحضر الاحتفالات نحو 300 ألف مواطن.
يذكر أنه بعد الإعلان عن التكاليف، أثيرت موجة من الانتقادات داخل المجلس التشريعي، حيث قالت عضوة المجلس التشريعي كلوديا مو مان تشينغ إن زيادة الإنفاق على الاحتفال غير مبررة، خاصة وأن الإنفاق ارتفع عن الأعوام السابقة، وفق موقع هونغ كونغ نيوز.
سيدني
تعد مدينة سيدني الأسترالية أولى المدن التي تبدأ بالاحتفال قدوماً بالعام الجديد، وهي تقدم سنوياً عروضا نارية مذهلة، تستخدم فيها مئات الكيلوغرامات من المفرقعات، وغيرها من التأثيرات السمعية والبصرية لإبهار العالم بقدوم العام الجديد.
وتشير تقارير صحافية إلى أن مدينة سيدني، تبدأ بالتحضير للاحتفالات قبل أشهر، حيث تستخدم وسائل التكنولوجيا لإشعال المفرقعات النارية، وغيرها من الألعاب البصرية والسمعية. وبحسب تقرير صادر عن بيزنس إنسايدر، فإن سيدني تحتفل سنوياً بإطلاق أكثر من 11 ألف قذيفة جوية، وإطلاق نحو 40 ألف نوع من المذنبات والألغام النارية، بتكلفة مالية تصل إلى 6 ملايين دولار تقريباً.
وفي المقابل، تقول الخبيرة الاقتصادية أنورين كوفي، وفق بيزنس أنسادير إن السعر هذا يقابله 133 مليون دولار أسترالي، يضخ في الاقتصاد الأسترالي كل عام. فسيدني، أول مدينة ترحب بالعام الجديد، بالتالي تتصدر صور الاحتفالات الصحف، والمواقع الإخبارية العالمية، حيث تنشر أولى الصور للعام الجديد، وهو ما يدر عليها أموالاً ضخمة.
لندن
تقام الألعاب النارية منتصف ليلة رأس السنة فوق نهر التايمز، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن لندن تتكبد سنوياً مبالغ ضخمة، وبحسب تقرير صادر في مجلة time out ، فإن تكاليف إضاءة السماء ولمدة 11 دقيقة العام الماضي فقط وصلت إلى أكثر من 4 ملايين دولار، وهو رقم يرتفع سنوياً. ويتم خلال الحدث إطلاق أكثر من 400 نوع مختلف من الألعاب النارية لخلق أكثر من 10 آلاف انفجار ناري.
وبحسب موقع statista، فإن بريطانيا استوردت خلال السنوات الماضية، منذ العام 2011 حتى 2015 أكثر من 60 ألف طن من المفرقعات.
يقول داريل فليمينغ، مصمم الألعاب النارية، وبحسب صحيفة الغارديان، إنه يبدأ بالتحضير لهذه الدقائق المعدودة منذ شهر سبتمبر، حيث يضع التصور الأولي للعرض، ومن ثم يقوم باستدراج العروض لشراء الألعاب النارية، حتى موعد الحدث.
ريو دي جنيرو
يحتفل أكثر من مليوني مواطن برازيلي بالإضافة الى العديد من السياح، بقدوم العام الجديد في مدينة ريو دي جنيرو، حيث تقام الاحتفالات الصاخبة، وبحسب تقرير في صحيفة التليغراف، فإن شاطئ كوباكبانا، يعد المكان الأبرز الذي يقصده السياح والمواطنون للاحتفال بالعام الجديد حيث تستمر الألعاب النارية لنحو 12 دقيقة تقريباً، يطلق خلالها أكثر من 50 ألف نوع من المفرقعات، وتصل التكاليف التي تتكبدها السلطات، إلى نحو مليون دولار، حيث تضيء السماء بالمفرقعات النارية، والألعاب المدهشة.
باريس
يحتشد الملايين في العاصمة الفرنسية باريس للاحتفال بقدوم العام الجديد. وفي السنوات الماضية، اتخذت السلطات العديد من الإجراءات الأمنية، خاصة بعد الحوادث الأليمة التي أصابتها، ورغم التدابير الأمنية، إلا أن الدولة تدفع الملايين لإضاءة السماء بالمفرقعات النارية، وبحسب برينو جوليار النائب الأول لعمدة باريس فإن تكلفة الاحتفالات ليلة رأس السنة بالقرب من برج إيفل، تصل إلى 500 ألف يورو، ما يقارب 592 ألف دولار تقريباً تتوزع بين مفرقعات نارية، ومؤثرات صوتية وبصرية، وفق ما جاء في وكالة فرانس برس.
موسكو
في موسكو، تضيء الألعاب النارية الساحة الحمراء لبضع دقائق، ورغم غياب الأرقام الواضحة حول التكلفة، إلا أن عدد المفرقعات يصل إلى أكثر من 10 آلاف مفرقعة نارية، تضيء سماء موسكو، بالإضافة إلى التأثيرات السمعية والبصرية.
تكاليف مرتفعة
عربياً، تحتفل جميع الدول ليلة رأس السنة بإطلاق المفرقعات النارية منتصف الليل. وتتنافس العديد من العواصم لتقديم صور مبهرة في تلك الليلة. ورغم غياب التكاليف المالية التي تدفعها السلطات منتصف ليلة رأس السنة، إلا أن الأرقام التقديرية، تشير إلى أنها تتخطى مئات الملايين من الدولارات في بعض المدن الخليجية.
وبحسب موقع statista، فإن معدل إنفاق المواطن على المفرقعات النارية ليلة رأس السنة تتراوح بين 10 و20 دولاراً، إذ تختلف النسبة من دولة إلى أخرى، بحسب القدرة الشرائية للمواطنين، وتكاليف استيراد المفرقعات والألعاب النارية.
القاهرة
يتوافد المواطنون في مصر إلى مناطق وسط البلد، وكورنيش النيل وجامعة الدول العربية، حيث يشاهدون إطلاق الألعاب النارية احتفالاً برأس السنة. ورغم غياب الأرقام، إلا أن تكاليف إطلاق الألعاب النارية ليلة رأس السنة مرتفعة، خاصة إذا قارنا ارتفاع الطلب على هذه الألعاب من قبل المواطنين، وبحسب تقارير صحافية، يقول أسامة جعفر، رئيس شعبة المستوردين الأسبق، ارتفعت قيمة شحنات المفرقعات والألعاب النارية المهربة عبر منفذي بورسعيد والعين السخنة الجمركيين، تحت بند "لعب أطفال"، الأمر الذي ساعد في انتشارها بين المواطنين. أما بالنسبة إلى أسعارها، فهي تزيد عن أسعار العديد من السلع اليومية، وتوفر أرباحاً وأموالاً طائلة بالنسبة إلى التجار.
دبي
وصلت تكاليف احتفالات مدينة دبي العام الماضي إلى نحو 500 مليون دولار، وبحسب الأرقام المعلنة، فإن تلك التكلفة تزيد بنحو 60 مليون دولار عن 2016، بزيادة 15%. وتطلق الألعاب النارية في مناطق مختلفة في دبي، منها برج خليفة، حيث يتهافت المواطنون لحضور الألعاب التي تستمر أكثر من 10 دقائق تقريباً، ويتم خلالها إطلاق أكثر من 400 ألف نوع من الألعاب النارية، ناهيك عن المؤثرات الصوتية والبصرية.
حجم الاستثمارات
تتربع الصين على قائمة الدولة المصدرة للألعاب النارية، تليها الهند، وبعض الدول الآسيوية، ومن ثم المكسيك، وصولاً إلى أوروبا، حيث تزدهر تجارة الألعاب النارية في ألمانيا وبريطانيا.
ووفق الأرقام الصادرة عن trading economy فإن الصين تمكنت من التربع على عرش تصدير الألعاب النارية منذ العام 2000، وتعد مدينة يويانغ، في مقاطعة هونان من أهم المدن عالمياً التي تصدر الألعاب النارية، حيث تنتشر مصانع الألعاب النارية والمفرقعات. وسنوياً يتم تصدير ما بين 200 ألف طن و500 ألف طن من الألعاب النارية إلى جميع أنحاء دول العالم.
ويشير موقع economy trading، إلى أنه في العام 2014، صدرت الصين أكثر من 550 ألف طن من الألعاب النارية والمجسمات النارية الكبيرة إلى دول العالم.
وتعد الولايات المتحدة والهند من أكثر الدول استيرادا للألعاب النارية، وكان مكتب الاتحاد الأميركي قد أشار العام الماضي إلى أن أميركا تستورد سنوياً بقيمة 240 مليون دولار تقريباً، منها نحو 223 مليون دولار من الصين فقط، أي أن الصين تورد نحو 90% من احتياجات أميركا للالعاب النارية، رغم أن المكسيك والتي تقع على الحدود الأميركية، لا تصدر أكثر من 5% من احتياجات الولايات المتحدة، وبحسب مقال كورا المتخصص بطرح الاسئلة ومشاركة الناشطين من كافة المجالات، فقد أشار أحد التجار، إلى أن الألعاب النارية التي تستوردها الولايات المتحدة من الصين أفضل من تلك المستوردة من المكسيك، رغم انخفاض التكلفة، إلا أن المواطنين يفضلون شراء المفرقعات النارية الصينية.
ووفق موقع statista، فإن دول الاتحاد الأوروبي تستورد كميات كبيرة من الألعاب النارية، لكنها تأتي في المركز الثاني بعد الهند والولايات المتحدة، وتأتي بريطانيا في قائمة الدول الأكثر استيراداً، فالدنمارك، السويد، هولندا، فألمانيا وفرنسا.
التأثيرات السلبية
منعت السلطات الصينية، إطلاق المفرقعات النارية العام الحالي في العاصمة بكين، نظراً لتأثيراتها السلبية والضارة بالمناخ. وتعد الصين من أكثر دول العالم تلوثاً.
ويلفت الخبراء إلى أن إطلاق نحو 10 أنواع من المفرقعات النارية، تولد نحو 5 ميكروغرامات من الكربون الأسود في المتر المكعب للهواء، وبحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، بعنوان تلوث المناخ، نشر في العام 2013، فإن الألعاب النارية من العوامل الرئيسية الأخرى التي تساهم في تلوث الهواء، وتزيد من معدلات احتباس الحرارة.
وبحسب التقرير، فإن الشرر أو الضوء والحرارة الناجمة عن استخدام المفرقعات، تعتبر من العوامل المباشرة للإضرار بالجسم، خاصة منطقة العين الحساسة لأن الرماد الناتج عن عملية الاحتراق يضر بالجلد والعين إذا ما تعرض له الإنسان بشكل مباشر.