إيران بعد سريان العقوبات: سترتد على واشنطن

05 نوفمبر 2018
قللت طهران من أثر العقوبات الأميركية عليها(فرانس برس)
+ الخط -
قلل المسؤولون الإيرانيون بعد دخول حزمة العقوبات الأميركية الثانية حيز التنفيذ العملي، من أثر العقوبات على طهران، وعلى العكس من ذلك، رأوا أن لهذه العقوبات نتائج عكسية على واشنطن، وأن إيران "ستلتف بفخر"، فيما أكدوا إيجابية المحادثات مع الأوروبيين بشأن العقوبات.

وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن طهران "ستلتف بفخر" على العقوبات، وقال في خطاب متلفز، حسب وكالة "فرانس برس": "أعلن أننا سنلتف بفخر على عقوباتكم غير المشروعة والظالمة لأنها تخالف القوانين الدولية".

وأضاف "نحن في وضع حرب اقتصادية ونواجه قوة متغطرسة. لا أعتقد أنه في تاريخ أميركا دخل شخص إلى البيت الأبيض وهو يخالف إلى هذا الحد القانون والاتفاقيات الدولية".

وبشأن مطالب واشنطن لإيران بإبرام اتفاق جديد وكبح تدخلاتها بالشرق الأوسط وبرنامجها الصاروخي، قال روحاني "يواصلون توجيه تلك الرسائل إلينا ويطلبون الجلوس للتفاوض. التفاوض من أجل ماذا؟".

وتابع الرئيس الإيراني "عليكم أولا الالتزام بالمفاوضات التي أنجزت، لكي يكون هناك أسس للمفاوضات المقبلة".

وقال روحاني إن أربع دول عرضت عليه خلال زيارته إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر التوسط مع الولايات المتحدة لكنه رفض ذلك.

وأوضح "لا حاجة للوساطة، ولا حاجة لكل هذه الرسائل. التزموا بتعهداتكم وسنجلس ونتحاور".

بدوره، قال مسؤول إيراني كبير، رفض الكشف عن هويته، لوكالة "رويترز": "هذه العقوبات ليست جديدة... نحن معتادون على العقوبات الأميركية. لسنا قلقين من تلك العقوبات ولن نرضخ للضغوط".

وقبل ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن الاتفاق النووي كان لصالح إيران ويحقق مصلحتها القومية، قائلا إنه "ما زال صامدا، ورغم كل المحاولات التخريبية التي بذلتها الولايات المتحدة الأميركية فلم تصل لمسعاها"، حسب تعبيره.

وفي جلسة برلمانية، عقدت اليوم الاثنين، شارك فيها ظريف للإجابة عن تساؤلات بعض النواب، أكد هذا الأخير أن إيران لم توقع على أي اتفاق جديد بعد ذاك النووي، وإنما عقدت صفقات واتفاقيات تخص القطاع النووي نفسه، وتم الإعلان عنها جميعا.

وأوضح ظريف أن "الاتفاق النووي ليس ثنائيا ويشمل عدة أطراف، وبالتالي لا يحق لطرف واحد فيه أن يسعى لفرض إملاءاته، ولا يمكن له أن يحقق كل رغباته خلال المفاوضات"، مضيفا أن "أميركا طلبت خلال فترة المفاوضات أن توقف طهران كل أنشطتها النووية وأن تعلّق عمل مفاعلي آراك وفردو، وأن تضع المنظومة الصاروخية ضمن عناوين التفاوض، ولم تصل لأي من ذلك".

وفي ما يخص الإعفاءات التي منحتها واشنطن لبعض الدول بما يسمح لها بشراء نفط إيران رغم فرض عقوبات على هذا القطاع وحديث واشنطن عن نية تصفير الصادرات الإيرانية من النفط الخام، نقل ظريف أن الولايات المتحدة قدمت تنازلا وتراجعت عن هدفها، فقد كان من المقرر أن تنخفض مبيعات النفط الإيراني إلى الصفر اعتبارا من اليوم، وتأجل ذلك لستة أشهر ثانية.

ورأى ظريف أن إيران حققت قوة دبلوماسية أمام المجتمع الدولي، وحصلت على ما تريد من النووي، إلى جانب أن قرار محكمة العدل الدولية ومواقف الاتحاد الأوروبي الأخيرة وسلوك الولايات المتحدة الفاضح، كلها أمور صبت لصالح إيران، حسب وصفه.

وفي تغريدة منفصلة على "تويتر"، قال ظريف كذلك إن "الولايات المتحدة التي أعادت فرض العقوبات على طهران، قررت تحدي قرار مجلس الأمن والأمم المتحدة، لكن هذا السلوك سيؤدي لنتائج عكسية، ليس لأهمية الاتفاق النووي وحسب، وإنما لأن العالم لن يسمح لترامب وشركائه بتدمير النظام الدولي"، معتبرا أن الولايات المتحدة هي التي باتت في عزلة، وليس إيران.


 المباحثات مع أوروبا مستمرة

من جهته، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي أن الآليات التي دار الحديث عنها في وقت سابق والخاصة بتأمين التبادلات المالية والضمانات التي ستتيح عرقلة عقوبات واشنطن، ستصبح واضحة في المستقبل القريب، مؤكدا استمرار المباحثات مع الأطراف الأوروبيين في هذا الصدد والتي تجري بشكل إيجابي، حسب وصفه.

وفي مؤتمره الصحافي الأسبوعي، الذي عقده اليوم الاثنين، أضاف قاسمي أن التوصل لهذه الآليات أمر معقد ويحتاج لوقت أطول، مؤكدا أن طهران تلمس جدية في تعامل الأطراف الأوروبية معها.

وأشار قاسمي إلى الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، معتبرا أنها شأن داخلي، لكن هناك من يعارض سياسات الإدارة الأميركية الراهنة بقيادة رئيسها دونالد ترامب، وهو ما قد يغير المشهد.

وقال إن "التجربة أثبتت معاداة الولايات المتحدة لإيران طيلة العقود الماضية، ونأمل أن تتعلم الولايات المتحدة من التاريخ والتجارب وتلجأ للحكمة".

وأشار إلى أن واشنطن "حاولت تخريب علاقات إيران بالدول المختلفة"، مستهينا بعقوباتها كونها ليست أممية وتأتي من جانب واحد، ووصفها بالحرب النفسية التي تثبت العداء لإيران والإدمان على سلوك العقاب، واعتبر بدوره أن واشنطن تتجه نحو عزلة دولية حقيقية.

وعن الإعفاءات الأميركية للدول المستوردة للنفط الإيراني، رأى المتحدث باسم الخارجية أنه من المبكر الحكم على نتائج ذلك، مؤكدا وجود مساع من قبل بعض الدول، وهو ما قد يقف بوجه الرغبات الأميركية.


طلبات للتفاوض

وفي وقت سابق من صباح اليوم الاثنين، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال اجتماع مع مسؤولين اقتصاديين، إن طهران ستستمر ببيع نفطها وستتجاوز الحظر الذي فرضته واشنطن، ورأى في الإعفاءات الأميركية الصادرة أخيرا تراجعا وفشلا لها.

وأضاف أنه "لو التزمت أميركا بتعهداتها لاستطاعت أن تجري حوارا مع إيران"، مؤكدا أن زعماء أربع دول حاولوا التوسّط لعقد لقاء بينه وبين ترامب على هامش اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي.

الجدير بالذكر أن حزمة العقوبات الأميركية الثانية وصلت إلى طهران صباح الاثنين، على خلفية انسحاب ترامب من الاتفاق النووي بين إيران والسداسية الدولية في مايو/أيار الماضي، وهو ما قابلته إيران بانتقاد شديد دون أن تقرر اتخاذ خطوة التعامل بالمثل.

ودخلت إيران منذ ذاك الوقت في مباحثات مع الأطراف الباقية في الاتفاق، لتحصل منها على ضمانات حصد مكتسباته الاقتصادية، وعرض الاتحاد الأوروبي تأسيس كيان يسمح ببيع النفط الإيراني وتسليم إيران العائدات المالية من خلاله، أو اعتماد نظام المقايضة بما يساعدها على الصمود بوجه العقوبات، ويضمن بقاءها في الوقت ذاته في الاتفاق النووي.