وفي حين أكد أكثر من وزير لبناني أنّ هذا الملف لم يُطرح يوماً على جدول أعمال الحكومة اللبنانية، يبدو أنّ الرئيس سلام تفرّد بالقرار وأعلن الترحيب بالهبة الإيرانية. مع العلم أنّ فريق 14 آذار سبق ورفض الدعم الإيراني للجيش قبل أربعة سنوات. وحينها لم تترجم الرغبة العلنية الإيرانية بمساعدة لبنان عسكرياً لأسباب مختلفة أبرزها الخشية من خسارة الدعم الأميركي. وأكدت مصادر وزراية لبنانية أنّ "الهبة الإيرانية لم تطرح للنقاش على طاولة مجلس الوزراء، وستبت في وقت قريب ليتسنّى لوزير الدفاع، سمير مقبل، زيارة طهران والعودة منها بالمساعدات العسكرية الإيرانية".
يأتي هذا الدعم الإيراني بعد ما يقارب الشهرين (مطلع أغسطس/ آب) على الإعلان عن نيّة سعودية بدعم الجيش بمليار دولار أميركي، وأخرى بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي قُدمت في نهاية عام 2013، نتيجة بطء الحكومة اللبنانية أو تراجع المسؤولين السعوديين عن قرارهم. ما يضع المملكة السعودية في موقف حرج تجاه الدولة اللبنانية وجيشها، مع تأكيد مسؤولين لبنانيين أنّ "الظروف الإقليمية لا يمكن إلا وأنّ تسهّل القبول بالهبة الإيرانية".
وفي حين لم يعلن شمخاني وأي طرف لبناني عن حجم أو طبيعة الهبة، قالت مصادر متابعة للزيارة لـ"العربي الجديد"، إن "التنسيق قائم بين وزارتي الدفاع في بيروت وطهران لوضع لائحة باحتياجات الجيش اللبناني في إطار مكافحة الإرهاب"، رافضة الكشف عن قيمة هذه الهبة. وأشارت المصادر إلى "الدعم العسكري الإيراني الذي تسلمته حكومة كردستان العراق، قبل أيام، لتعزيز عملياتها ضد داعش"، في إطار عمل إيران في مكافحة الإرهاب عموماً وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) خصوصاً.
وكان شمخاني قال بعد لقائه رئيس الحكومة، تمام سلام، إنّ الهبة تأتي "عربون محبة وتقدير للبنان ولجيشه الباسل، وهي عبارة عن بعض التجهيزات التي تساعد الجيش في المواجهات البطولية التي يخوضها ضد الإرهاب الآثم". وأكد على أنّ التعاون وترسيخ العلاقات الثنائية "لا يُعيقها أي خط أحمر، وما يهمنا هو تثبيت الأمن والاستقرار في ربوع لبنان". وكرّر شمخاني دعم إيران لبنان بعد لقائه رئيس مجلس النواب، نبيه بري، متطرقاً إلى الأوضاع في المنطقة وتحديداً "الائتلاف الدولي المزعوم والمضحك الذي يتبنى ظاهرياً مكافحة الإرهاب من دون الاستناد الى مسوغ أخلاقي أو حقوقي، ولا يمكن أن يخدم توجهات ومصالح العراقيين".
وتوقف شمخاني عند هذا الموضوع مشيراً إلى أنّ الائتلاف "عبارة عن مسرحية، والمشاهد المسكين سيخرج بعد مشاهدتها دامع العين"، نافياً بشكل قاطع معادلة دخول بلاده في الائتلاف الدولي مقابل تسهيلات تقدم إليها في ملفها النووي. وبعد أن اتّهم الغرب وحلفاءه بتشكيل وتجهيز وتمويل تنظيم داعش، أشار شمخاني إلى أنّ "الضربات الجوية من دون تحرك أرضي ليس لها قيمة"، مراهناً على فشل الحرب ضد "داعش" في سورية والعراق.