05 نوفمبر 2024
إيران تشكل حرسها الثوري في العراق
أعاد إقرار قانون الحشد الشعبي في البرلمان العراقي، أخيراً، الحديث عن دور إيران في تشكيل هذا الحشد وتهيئته، فالقرار الذي كان مثاراً للجدل مدة عام بين أروقة السياسة والبرلمان في العراق، صنف واحدةً من أسوأ المجموعات المسلحة في العراق قوةً وطنية، وحصّن أفرادها، بل جعلهم مؤسسةً قائمة بذاتها لا تأتمر بأوامر وزير الدفاع العراقي، وانما تابعة للقائد العام للقوات المسلحة، والذي، وفقاً للهيكلية التوافقية المحاصصية في عراق بعد 2003، سيكون شيعياً.
يؤسّس القانون الذي صوّت عليه مجلس النواب العراقي لمرحلة أكثر خطورةً من التي عاشها العراق منذ 2003، خصوصاً أن العراق سيتحول فيها إلى خطر على جيرانه، بعد أن بدأت إيران تشعر بأن هدفها السيطرة على العراق، كامل العراق، قد بدأ يتحقق، فقواتها والقوات الموالية لها، بالإضافة إلى الحكومة الموجودة في المنطقة الغبراء، كلها صارت رهناً بيد قرارات إيران وحدها، ومن ثم، فإن الانطلاق الى الجوار العراقي لتحقيق حلم إيران بالتوسع والسيطرة سيكون محور اهتمام إيران في المرحلة المقبلة.
صرّح قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، قبل أيام، إن من الممكن أن تتوجه بعض مليشيات الحشد الشعبي إلى سورية، لدعم نظام بشار الأسد بعد الانتهاء من معركة الموصل، في وقت قال رئيس هيئة الأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، إن بلاده تحتاج إلى قواعد بحرية في مناطق بعيدة، وربما قد يأتي زمنٌ يمكن لإيران أن تنشئ قواعد في اليمن أو سورية أو قواعد بحرية عائمة.
بدأت الخطة التوسعية الإيرانية، فلم يعد الحديث عن غزو إيراني لدول الخليج سراً، فهؤلاء قادة الحشد الشعبي الشيعي الذين تحولوا إلى مؤسسة وطنية، ويدينون بالولاء للولي الفقيه في إيران، يصرّحون جهاراً نهاراً بأنهم سيذهبون إلى الخليج لاحتلاله، وكانت تصريحات أوس الخفاجي وواثق البطاط وأبو مهدي المهندس، عن غزو للسعودية تحديداً، تملأ الشاشات ووسائل الإعلام من دون أي رادع.
السؤال الآن: لماذا يتم إقرار مثل هذا القانون المثير للجدل، في وقت يدعو فيه عمار الحكيم إلى ما تعرف ب "التسوية التاريخية"، والتي طرحها قبل نحو شهر، وقيل إنها برعاية الأمم المتحدة؟
في عراق ما بعد 2003 لا يمكن الحديث عن مبادرةٍ يطرحها التحالف الوطني الشيعي، ممثلاً بعمار الحكيم أو غيره، من دون أن تكون تلك المبادرة إيرانية القلب والقالب، وبالتالي، فإن السؤال لماذا تم إقرار هذا القانون، بينما إيران تبحث عن تسويةٍ تاريخية مع السنّة؟
يبدو أن إيران تدرك جيداً أن الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، غير راض عن إيران، وهو شعور وصل إليها ليس عبر تصريحات ترامب، وانما أيضا عبر اللوبي الإيراني في واشنطن، والذي أوصل رسالةً مفادها بأن ترامب قد يلجأ إلى تسوية حازمة في العراق، تكون على حساب إيران. ومن هنا، بات لزاما على إيران تحصين نفوذها، قبل أن يبدأ مشرط ترامب بالعبث بمكاسبها.
تسوية الحكيم وإقرار قانون الحشد الشعبي يسيران جنباً الى جنب مع بعضهما، في إطار تحصين مصالح إيران في العراق، ومخطئٌ من يعتقد أن قانون الحشد سينسف التسوية التي دعا إليها الحكيم، خصوصاً أن هذه التسوية وجدت قبولاً لدى بعض الأطراف السنية المعارضة للعملية السياسية.
تحول الحشد الشعبي بقانونه إلى ذراعٍ أقوى من المؤسسة العسكرية العراقية، والتي كانت أيضا محط مآخذ كثيرة، كونها تتألف من غالبيةٍ شيعيةٍ وتدار بطريقةٍ أشبه ما تكون لإدارة مليشيا من أنها مؤسسة عسكرية، كما أن القانون الجديد سيحصّن هذا الحشد من أي مساءلة قانونية، اليوم أو غدا، جرّاء ما ارتكبه الحشد من جرائم بحق المدنيين، ناهيك عن أن القانون استثنى عناصر هذا الحشد من شرطي العمر والتحصيل الدراسي، ما يعني أنك قد تجد عميداً في الحشد يبلغ من العمر 30 عاماً، ولا يحمل أي شهادة دراسية، ولك أن تقيس على ذلك طبيعة هذه المجاميع المسلحة.
إن أي دولةٍ تسعى إلى التسوية التاريخية، كما وصفها عمار الحكيم، لا يمكن لها أن تشرع مليشيا طائفية مؤلفة من مكون واحد، وأن تمنحها كل هذه الصلاحيات. ولكن ذاك ما تريده إيران، فهذه المليشيات اليوم نافذة باسم القانون، ولها كيان مستقل عن جسد المؤسسة العسكرية العراقية، ما يمنحها صلاحياتٍ تفوق حتى صلاحيات الجيش العراقي.
تعني شرعنة وجود الحشد الشعبي، بين ما تعنيه تحويله إلى مؤسسة شبيهة بمؤسسة الحرس الثوري الإيراني. وكلنا يدرك جيدا ما طبيعة الحرس الثوري الإيراني، كونه الحاكم الفعلي لإيران، وهو ما فعلته إيران بالعراق، في تأسيس هذه المليشيات وشرعنتها.
هل يكفي أن نحذّر، ونقول إن هذا الحشد قادم لاحتلال دول الخليج؟ قلنا ذلك مراراً وتكراراً. ولكن لا يبدو أن هناك خطة مقابلة أو مشروعا يمكن أن يقف بوجه هذا التغول الإيراني، وكل ما يعتقده بعضهم اليوم صعب الوقوع سيقع، كما أن دخول إيران على ملفي سورية واليمن واستحواذها على العراق، كل العراق، كان، قبل سنوات، صعب الوقوع، وضرباً من الخيال لدى بعضهم، فهل يفيق النائمون؟
يؤسّس القانون الذي صوّت عليه مجلس النواب العراقي لمرحلة أكثر خطورةً من التي عاشها العراق منذ 2003، خصوصاً أن العراق سيتحول فيها إلى خطر على جيرانه، بعد أن بدأت إيران تشعر بأن هدفها السيطرة على العراق، كامل العراق، قد بدأ يتحقق، فقواتها والقوات الموالية لها، بالإضافة إلى الحكومة الموجودة في المنطقة الغبراء، كلها صارت رهناً بيد قرارات إيران وحدها، ومن ثم، فإن الانطلاق الى الجوار العراقي لتحقيق حلم إيران بالتوسع والسيطرة سيكون محور اهتمام إيران في المرحلة المقبلة.
صرّح قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، قبل أيام، إن من الممكن أن تتوجه بعض مليشيات الحشد الشعبي إلى سورية، لدعم نظام بشار الأسد بعد الانتهاء من معركة الموصل، في وقت قال رئيس هيئة الأركان الإيرانية، اللواء محمد باقري، إن بلاده تحتاج إلى قواعد بحرية في مناطق بعيدة، وربما قد يأتي زمنٌ يمكن لإيران أن تنشئ قواعد في اليمن أو سورية أو قواعد بحرية عائمة.
بدأت الخطة التوسعية الإيرانية، فلم يعد الحديث عن غزو إيراني لدول الخليج سراً، فهؤلاء قادة الحشد الشعبي الشيعي الذين تحولوا إلى مؤسسة وطنية، ويدينون بالولاء للولي الفقيه في إيران، يصرّحون جهاراً نهاراً بأنهم سيذهبون إلى الخليج لاحتلاله، وكانت تصريحات أوس الخفاجي وواثق البطاط وأبو مهدي المهندس، عن غزو للسعودية تحديداً، تملأ الشاشات ووسائل الإعلام من دون أي رادع.
السؤال الآن: لماذا يتم إقرار مثل هذا القانون المثير للجدل، في وقت يدعو فيه عمار الحكيم إلى ما تعرف ب "التسوية التاريخية"، والتي طرحها قبل نحو شهر، وقيل إنها برعاية الأمم المتحدة؟
في عراق ما بعد 2003 لا يمكن الحديث عن مبادرةٍ يطرحها التحالف الوطني الشيعي، ممثلاً بعمار الحكيم أو غيره، من دون أن تكون تلك المبادرة إيرانية القلب والقالب، وبالتالي، فإن السؤال لماذا تم إقرار هذا القانون، بينما إيران تبحث عن تسويةٍ تاريخية مع السنّة؟
يبدو أن إيران تدرك جيداً أن الرئيس الأميركي الجديد، دونالد ترامب، غير راض عن إيران، وهو شعور وصل إليها ليس عبر تصريحات ترامب، وانما أيضا عبر اللوبي الإيراني في واشنطن، والذي أوصل رسالةً مفادها بأن ترامب قد يلجأ إلى تسوية حازمة في العراق، تكون على حساب إيران. ومن هنا، بات لزاما على إيران تحصين نفوذها، قبل أن يبدأ مشرط ترامب بالعبث بمكاسبها.
تسوية الحكيم وإقرار قانون الحشد الشعبي يسيران جنباً الى جنب مع بعضهما، في إطار تحصين مصالح إيران في العراق، ومخطئٌ من يعتقد أن قانون الحشد سينسف التسوية التي دعا إليها الحكيم، خصوصاً أن هذه التسوية وجدت قبولاً لدى بعض الأطراف السنية المعارضة للعملية السياسية.
تحول الحشد الشعبي بقانونه إلى ذراعٍ أقوى من المؤسسة العسكرية العراقية، والتي كانت أيضا محط مآخذ كثيرة، كونها تتألف من غالبيةٍ شيعيةٍ وتدار بطريقةٍ أشبه ما تكون لإدارة مليشيا من أنها مؤسسة عسكرية، كما أن القانون الجديد سيحصّن هذا الحشد من أي مساءلة قانونية، اليوم أو غدا، جرّاء ما ارتكبه الحشد من جرائم بحق المدنيين، ناهيك عن أن القانون استثنى عناصر هذا الحشد من شرطي العمر والتحصيل الدراسي، ما يعني أنك قد تجد عميداً في الحشد يبلغ من العمر 30 عاماً، ولا يحمل أي شهادة دراسية، ولك أن تقيس على ذلك طبيعة هذه المجاميع المسلحة.
إن أي دولةٍ تسعى إلى التسوية التاريخية، كما وصفها عمار الحكيم، لا يمكن لها أن تشرع مليشيا طائفية مؤلفة من مكون واحد، وأن تمنحها كل هذه الصلاحيات. ولكن ذاك ما تريده إيران، فهذه المليشيات اليوم نافذة باسم القانون، ولها كيان مستقل عن جسد المؤسسة العسكرية العراقية، ما يمنحها صلاحياتٍ تفوق حتى صلاحيات الجيش العراقي.
تعني شرعنة وجود الحشد الشعبي، بين ما تعنيه تحويله إلى مؤسسة شبيهة بمؤسسة الحرس الثوري الإيراني. وكلنا يدرك جيدا ما طبيعة الحرس الثوري الإيراني، كونه الحاكم الفعلي لإيران، وهو ما فعلته إيران بالعراق، في تأسيس هذه المليشيات وشرعنتها.
هل يكفي أن نحذّر، ونقول إن هذا الحشد قادم لاحتلال دول الخليج؟ قلنا ذلك مراراً وتكراراً. ولكن لا يبدو أن هناك خطة مقابلة أو مشروعا يمكن أن يقف بوجه هذا التغول الإيراني، وكل ما يعتقده بعضهم اليوم صعب الوقوع سيقع، كما أن دخول إيران على ملفي سورية واليمن واستحواذها على العراق، كل العراق، كان، قبل سنوات، صعب الوقوع، وضرباً من الخيال لدى بعضهم، فهل يفيق النائمون؟