ويُعرف إيريك برنس، بأنه مسافر عالمي، ورجل أعمال ثري في رصيده علاقات وثيقة مع شخصيات بارزة وذات مكانة عالية، هذا عوضاً عن أنه عنصر سابق في قوات العمليات الخاصة بالبحرية الأميركية، ومؤسس شركة الأمن الخاصة المتهمة في التورط بانتهاكات وجرائم في العراق وأماكن أخرى، والمعروفة باسم "بلاكووتر".
ونشر موقع شبكة "سي أن أن"، اليوم الجمعة، بورتريه لإيريك برنس، بعد الكشف عن لقاء عقده إثر فوز ترامب بالرئاسة الأميركية، مع مصرفي روسي في جزر السيشل، في المحيط الهندي. وأشار الموقع إلى اقتراب برنس من دائرة ترامب خلال الحملة الرئاسية 2016، وإلى تعقب المحققين لطبيعة العلاقة التي تجمع الأول بفريق الرئيس الأميركي الحالي، وهدف لقاء السيشل، مقدماً ملخصاً عن تاريخ إيريك برنس، ودوره في التحقيقات التي يقودها روبرت مولر.
العلاقة مع فريق ترامب
بحسب "سي أن أن"، لم يعمل إيريك برنس يوماً بشكل رسمي لصالح حملة ترامب الرئاسية، أو لصالح المرحلة الرئاسية الانتقالية قبل دخوله البيت الأبيض، أو لإدارته. ولكنه كان داعماً بارزاً للرئيس الجمهوري الحالي خلال حملته، وأمضى وقتاً إلى جانب مسؤولين في الإدارة الانتقالية، واستمر بتقديم الاستشارة للبيت الأبيض في عهد ترامب، بشكلٍ غير رسمي، في ما يتعلق بمسائل دولية.
وكانت "سي أن أن" قد تحدثت عن لقاء جمع برنس بترامب والجنرال مايكل فلين خلال الحملة الرئاسية الأخيرة. وهو تبرع بـ250 ألف دولار، دعماً لحملة ترامب، بحسب سجلات لجنة الانتخابات الفدرالية.
وأكد برنس، أمام مشرعين في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنه "دعم ترامب مادياً"، وحضر بعض "حملات جمع التبرعات" لصالحه، كما "كتب بعض الأوراق حول مواقف مختلفة تتعلق بالسياسة الخارجية، وروج لها في دائرة الاستشارة حول ما يجب فعله حيال مسائل تخصّ منطقة الشرق الأوسط أو محاربة الإرهاب في أفريقيا".
وبحسب موقع "سي أن أن"، فقد التقى إيريك برنس خلال مرحلة الإدارة الانتقالية لترامب، أعضاء في فريقه الأمني المقبل، وتفاخر أمام أصدقاء له حول مدى تأثيره داخل فلك ترامب. كما أنه رُصد خلال تلك المرحلة، نقلاً عن موقع "بلومبرغ"، وهو يناقش في أحد القطارات، مسائل تتعلق بالسياسة العامة، مع كليان كونواي، التي عُينت لاحقاً مستشارة بالبيت الأبيض، وشخصاً آخر انضم إلى مجلس الأمن القومي التابع للرئيس الأميركي. في تلك الفترة، عيّن دونالد ترامب، شقيقة إيريك برنس، بيتسي ديفوس، لقيادة وزارة التربية.
ونقل "سي أن أن "، اليوم، خبراً كان قد نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، يتعلق باستقدام كبير الاستراتيجيين في البيت الأبيض- والذي قدّم استقالته لاحقاً- ستيف بانون، وصهر ترامب جاريد كوشنر، لبرنس، الصيف الماضي، من أجل المساعدة على صياغة استراتيجية جديدة تتعلق بأفغانستان. وبحسب الصحيفة، فقد اقترح برنس استبدال بعض القوات الأميركية العاملة في هذا البلد، بمتعاقدين عسكريين يعملون لصالح شركات خاصة، تماماً كالمقاتلين الذين توظفهم شركته، "بلاكووتر"، المعروفة اليوم باسم "أكاديمي". لكن أفكاره قوبلت بتشاؤم من قبل البنتاغون، ولم يرحب بها ترامب كذلك.
موعد جزر سيشل
إيريك برنس هو واحد من أصل 12 مساعداً للرئيس الأميركي الحالي، أقاموا علاقات أو التقوا بالروس خلال حملة ترامب الرئاسية أو المرحلة الرئاسية الانتقالية. ويتمحور دوره في التحقيق حول التدخل الروسي، في إطار اللقاء السرّي الذي عقده في جزر سيشل، في يناير/كانون الثاني 2017، مع مصرفي روسي مقرب من فلاديمير بوتين.
وبحسب ما أصبح معروفاً في الإعلام، يُذكر موقع "سي أن أن" بأن لقاء السيشل، تمّ بوساطة دبلوماسيين إماراتيين، في الأسابيع التي تلت لقاء وفدٍ إماراتي في مدينة نيويورك بأعضاء بارزين في فريق ترامب، بمن فيهم مايكل فلين، وبانون، وكوشنر. كما أن رجل الأعمال الأميركي – اللبناني، جورج نادر، كان حاضراً للقاءين، لقاء نيويورك ولقاء سيشل، ولكنه ليس معلوماً إذا كان متواجداً مع برنس والمصرفي الروسي، خلال اجتماعهما في حانة الفندق.
وكان نشاط إيريك برنس في جزر سيشل قد خرج إلى العلن للمرة الأولى في إبريل/نيسان 2017، عبر صحيفة "واشنطن بوست"، التي ذكرت حينها أن برنس ذهب إلى هناك بصفته "مبعوثاً غير رسمي" من قبل الإدارة الأميركية المقبلة، أي إدارة ترامب. لكن برنس قال خلال مقابلات تلفزيونية، وفي شهادات أمام الكونغرس، إنه ذهب إلى هناك بصفة شخصية، وكمواطن عادي، وليس أكثر.
ويضيف موقع "سي أن أن " أنه مضت أشهر عدة، قبل أن يكشف عن هوية المصرفي الروسي، نجم لقاء سيشل، وهو كيريلي دميتريف، حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التنفيذي لـ"صندوق الاستثمار الروسي المباشر"، الذي تديره الدولة الروسية. ويذكر أن هذا الصندوق يخضع للعقوبات الأميركية، التي فرضت على روسيا على إثر الأزمة الأوكرانية. وكانت "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست" ذكرتا أن هدف اللقاء ربط برنس بدميتريف، لكن مؤسس "بلاكووتر" كرّر دائماً أن اللقاء "حصل محض صدفة"، بسبب "تواجد المعنيين جميعهم في فندق واحد".
دور برنس بالتحقيق الروسي
ويبدو أن دور إيريك برنس بالتحقيق الأميركي في التدخل الروسي بالانتخابات الأميركية، يكبر، بحسب موقع "سي أن أن"، الذي ذكر الأسبوع الماضي، أن جورج نادر يتعاون مع المحقق الخاص روبرت مولر في هذا الشأن. وبما أن نادر كان حاضراً في لقاءات نيويورك وسيشل، فإن بإمكانه أن يرفد المدعين العامين الذين يعملون بإشراف مولر، بوصف دقيق لما حصل، ومن كان حاضرا، وما تمت مناقشته، خلال هذه اللقاءات.
ومن المعروف أن ستيف بانون التقى مرتين على الأقل بالمحققين في فريق مولر، في إطار مقابلات خاصة. وبانون حضر اجتماع نيويورك، وذكر اسم إيريك برنس لاحقاً، بحسب شهادة برنس أمام المشرعين. هؤلاء سألوه ما إذا كان تحادث مع بانون حول ترتيب لقاء سيشل. لكنه نفى ذلك، مضيفاً أنه لا يستطيع أن يتذكر متى وأين تحادث مع بانون.
وكان إيريك برنس قد قابل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لجنة الاستخبارات النيابية، التي تدير تحقيقها الخاص بالتدخل الروسي، والتي يُثقل عملها الخلافُ بين الحزبين الدمقراطي والجمهوري.
ويتهم الديمقراطيون برنس بخداعهم، لأنه لم يذكر أمامهم وجود جورج نادر في لقاء سيشل، وذلك لدى إجابته بـ"كلا"، رداً على سؤال ما إذا كان حاضراً هناك، أحد من شركته أو مساعدين آخرين، علماً أن الرجلين عملا مع بعضهما في السابق، لاسيما حين وظف برنس جورج نادر كمستشار، للمساعدة في تأمين فرص لمشاريع له في العراق.
حليفٌ وصديق روسيا في الكونغرس
ومن المعروف أن إيريك برنس عمل مع شركاء وحكومات في الشرق الأوسط، لمدة طويلة خلال حياته المهنية. لكنه كان له بعض التداخل مع شخصيات ووجوه صديقة لروسيا، خلال هذه السنوات.
وكان إيريك برنس، بحسب "سي أن أن"، متدرباً في التسعينيات من القرن الماضي، لدى النائب الجمهوري دانا روهراباتشر، من كاليفورنيا، والمعروفة بأنها أكثر أعضاء الكونغرس صداقةً للروس. أما مواقفها حيال تسريبات "ويكيليكس" والعقوبات على روسيا فمنسجمة مع موقف الكرملين، أكثر منها مع التوافق السائد في واشنطن.
وظلّ برنس وروهراباتشر حلفاء، كما يقول "سي أن أن"، مضيفاً أن مؤسس "بلاكووتر" أقام حملة تبرعات دعماً لإعادة انتخاب النائب عن كاليفورنيا خلال الشهر الحالي.
وكان برنس قد حل ضيفاً دائماً، خلال الأشهر التي سبقت موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2017، على برنامج ستيف بانون الإذاعي، للترويج لترشح دونالد ترامب، وإلقاء "نظريات المؤامرة" أحياناً حول المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. مرةّ أكد إيريك برنس، كما يُذكر موقع "سي أن أن "، أن الرسائل الإلكترونية لجون بودستا (رئيس حملة كلينتون الذي سرب ويكيليكس بريده)، "لم تأت من الروس". لكن لجنة الاستخبارات الأميركية خلصت لاحقاً إلى أن مسؤولية التسريب تقع على روسيا، بهدف التدخل بالانتخابات. وهذا الاعتقاد تمّ تأكيده منذ ذلك الوقت من قبل من عينهم ترامب على رأس كلٍّ من الـ"أف بي آي" والـ"سي أي آي".