ما أن أعلنت اللجنة المكلفة بالتحقيق في أسباب سقوط مدينة الموصل العراقية بيد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) عن نتائجها، حتى ظهرت بوادر الخلاف والانشقاق داخل "ائتلاف دولة القانون" الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق، نائب رئيس الجمهورية المقال، نوري المالكي، الذي ورد اسمه على رأس قائمة تقرير لجنة التحقيق.
وكشف عضو في الائتلاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "الخلاف تجسد بشكل واضح بعد الاتهام المباشر لرئيس الوزراء السابق بالتورط في سقوط الموصل بصفته القائد العام للقوات المسلحة" في حينه. وأوضح المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أنّ بعض أعضاء الائتلاف "دولة القانون" قاطعوا اجتماعات الكتلة واتجهوا لكتل أخرى بغية الانضمام إليها، في حين لوّح آخرون باتخاذ إجراءات أبعد من الانشقاق، كالتوجه إلى بعض المحافظات والعمل على جمع أصوات لتشكيل أقاليم مستقلة عن الحكومة الاتحادية في تلك المحافظات.
اقرأ أيضاً: القضاء العراقي أمام سيناريوهات محاكمة المسؤولين عن سقوط الموصل
وأشار المصدر الى أنّ "الاضطراب والتوتر سادا أوساط ائتلاف دولة القانون منذ كشف رئيس الحكومة حيدر العبادي عن إصلاحاته، التي شملت إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية التي يتولى المالكي أحدها".
وأضاف عضو "ائتلاف دولة القانون" أنّ "اتصالات يجريها الآن مسؤولون إيرانيون كبار بالعبادي ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لاحتواء الأزمة التي تهدد العملية السياسية في البلاد"، مرجحاً أن "تشهد الأيّام القليلة المقبلة تدخلاً إيرانياً قد يؤدي إلى انفراج للأزمة".
وفي السياق، لفت المصدر إلى أن كتل التحالف الوطني، الحليف لإيران، قررت عدم قبول أي عضو يأتي إليها من كتلة المالكي تجنباً للتصعيد مع نائب رئيس الجمهورية المقال من منصبه والمتواجد حالياً في إيران.
في موازاة ذلك، هدّد عدد من نواب "دولة القانون" بـ"الانسحاب من البرلمان في حال بقي التقرير الذي رفعته لجنة التحقيق بسقوط الموصل على ما هو عليه من اتهامات لبعض قياديي دولة القانون، وفي مقدمتهم المالكي".
ودعا النائب عن الائتلاف، حسن السنيد، في بيان صحافي، كتلة دولة القانون إلى "اتخاذ موقف واضح من تقرير اللجنة المسيّس بامتياز، حتى لو أدى الأمر الى تقديم استقالة جماعية من البرلمان"، مشيراً إلى أنّ "اللجنة لم تصوّت على أيّة توصيات، وما ينشر في هذا الإطار هو مجرد افتراضات مبنية على مواقف سياسية معروفة". وأضاف أنّ "التقرير ليس له أيّة قيمة قانونية، وخضع لتأثيرات وضغوط سياسية واضحة، ويحمل بصمة تعصب فئوي مقيت"، بحسب رأيه.
من جهته، حذّر عضو التحالف الوطني حسين الخفاجي، من "خطورة الخلافات التي يشهدها التحالف الوطني عموماً، وائتلاف دولة القانون بشكل خاص". واعتبر الخفاجي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "التنظيمات الإرهابية قد تستغل هذه الخلافات لتحقيق تقدم أمني في بعض المناطق، وهذا ما شاهدناه في بعض مدن الأنبار وصلاح الدين"، على حد قوله.
وأوضح الخفاجي أنّ "الجميع يريد الإصلاح شريطة ألا يضر بمصالح الشعب الذي خرج مطالباً بحقوقه"، داعياً إلى "ضرورة طرح حلول عقلانية ترضي جميع الأطراف وتقدم الفاسدين والمقصرين ومرتكبي الجرائم بحق العراقيين إلى العدالة من دون الاكتراث بأسمائهم أو مناصبهم".
من جهته، اتهم القيادي في ائتلاف المواطن، صلاح العرباوي، ائتلاف دولة القانون بـ"عدم الجدية في تحويل التحالف الوطني إلى مؤسسة". وقال العرباوي إنّ "ائتلاف المواطن، الذي يتزعمه رجل الدين عمار الحكيم، رفع شعار المأسسة، لكنّ بعض الأطراف أخّرت ذلك"، مشيراً إلى أنّ "إصلاحات العبادي تتطلب أشخاصاً أكفاء لتنفيذها". ودعا العرباوي العبادي إلى "ضرورة العمل على وجود تمثيل مناسب للمتظاهرين في لجنة حل الإصلاحات".
يشار إلى أنّ تقرير اللجنة البرلمانية العراقية المكلفة بالتحقيق في أسباب سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، أدان شخصيات سياسية وعسكرية بارزة بالتورط بشكل مباشر أو غير مباشر بسقوط المدينة، وفي مقدمتهم المالكي.
اقرأ أيضاً: إصلاحات العبادي تواجه اعتراضات سياسيّة