استفتاء اسكتلندا يحبس أنفاس الأسواق العالمية

19 سبتمبر 2014
حلم استقلال اسكتلندا في محطته الأخيرة (أرشيف/getty)
+ الخط -

مع الساعات الاولى من فجر أمس الخميس، بدأ الاسكتلنديون بالتوافد الى مراكز الاقتراع، للاستفتاء على الانفصال عن التاج البريطاني، وتكوين دولة مستقلة، ذات سيادة.
وعشية الاستفتاء، تباينت الآراء بين الفريقين المؤيد والرافض، حيث صدرت 3 استطلاعات للرأي أشارت الى تقدم المعارضين للاستقلال بأربع نقاط.
وجاءت نتائج استطلاعات الرأي الثلاثة متشابهة، مسجلة تقدماً للطرف الرافض للاستقلال في جميع الاحتمالات بحصوله على 52% من الاصوات في مقابل 48% للطرف المؤيد للاستقلال، ولكن بعد استثناء الناخبين المترددين الذين ما زالوا يمثلون شريحة كبيرة.
نتائج الاستفتاء المرتقبة، سترسم خارطة طريق جديدة داخل المملكة المتحدة، اذ إن تداعيات الانفصال ستترك آثاراً على الاقتصاد البريطاني عموماً، بحسب العديد من التقارير الدولية، بالاضافة الى ذلك، فإن مجرد انفصال اسكتلندا عن بريطانيا، يعني أن الاخيرة فقدت جزءاً هاماً من اراضيها استولت عليه لاكثر من 300 عام، الامر الذي من شأنه ان يترك آثاراً اقتصادية بالغة الخطورة على كلا الجانبين.

تأثيرات اقتصادية

قال الخبير الاقتصادي في لندن قاسم الهاشمي إن استقلال اسكتلندا، وتقريرها الانفصال عن التاج البريطاني سيكون له تأثيرات سلبيه على كلا البلدين، اذ إن فكرة الاستقلال بحد ذاتها، تربك اقتصاد المملكة المتحدة، الذي يعاني اصلاً منذ فترة.
أضاف هاشمي لـ "العربي الجديد" إن قرار الاستفتاء الذي سيصدر صباح يوم الجمعة، سيرسم آفاقاً جديدة ليس فقط داخل التاج البريطاني، بل ايضاً في داخل الاتحاد الاوروبي.
ويشرح الهاشمي أن اقتصاد اسكتلندا سيتعرض لنكسة قوية، عكس ما يشاع، وستخسر هذه المقاطعة دعماً مالياً وثقلاً اقتصادياً اكتسبته خلال السنوات الماضية من قبل الحكومة البريطانية، اذ لن تتمكن هذه المقاطعة من ادارة امورها بالشكل المطلوب.
ويشير الى أن قرار الانفصال سيؤثر ايضاً على اقتصاد بريطانيا المتعثر نسبياً، ويرى أنه مهما كانت النتائج التي ستصدر عن الاستفتاء، فإن الحكومة البريطانية ستلجأ الى الدبلوماسية السياسية والاقتصادية، لجعل المقاطعة تدور في فلكها.
من جهة اخرى، يقول الهاشمي: "لا شك أن قرار الانفصال، وإن كانت له تأثيرات واضحة اقتصادياً، الا أن تأثيراته السياسية ستكون شديدة على القرار البريطاني في المجتمع الدولي، اذ سيضعف نفوذ المملكة في المجتمع الدولي، كما أنها ستفقد مكانتها بعد الولايات المتحدة الاميركية، الامر الذي لن تقبل به المملكة".
وفي معرض رده حول تأثيرات نتائج الاستفتاء على أداء الاقتصاد العالمي، قال الهاشمي: "لا شك أن قرار الانفصال سيترك تأثيرات واضحة داخل بريطانيا بالدرجة الاولى، اذ إن كلا الطرفين سيتعرض الى خسائر اقتصادية ومالية، كما ان سعر الجنيه الاسترليني سيتعرض هو الآخر الى ضغط شديد، الأمر الذي يمكن ان يؤدي الى هبوطه لمستويات منخفضة، اضف الى ذلك أن اليورو بدوره، سينخفض جراء قرار الاستقلال، فالاسواق العالمية تعيش حالة من الترقب بانتظار نتائج الاستطلاع".
اما بالنسبة الى الاسواق العربية، فيرى الهاشمي أن قرار الاستفتاء سيعلن قبل البدء بالتداولات، كما ان معظم الاسواق العربية تكون مقفلة يوم الجمعة، ما يعني أن التأثيرات لن تكون حساسة تجاه الاسواق العربية، اما بالنسبة الى الاسواق الاوروبية، فإن قرار الاستفتاء سيحدد حجم التداولات.
ومن ناحية اسعار النفط، لا يتوقع الهاشمي ان تكون هناك اي خضّات في الاسعار، ومن المرجّح أن ترتفع الاسعار قليلاً إذا جاءت النتائج ايجابية لصالح اسكتلندا.
الى ذلك، يشير المحللون الى أنه في حال جاءت نتائج الاستفتاء مؤاتيه للانفصال، يجب على اسكتلندا أن تنتظر سنة ونصف السنة على الأقل لكي يصبح الاستقلال حقيقة واقعة، فعلى هذا البلد أن يخوض نقاشات شاقة وطويلة بخصوص العملة التي يريد استخدامها، وحول مشاكل الديون والقواعد العسكرية البريطانية المتواجدة فوق أراضيه، إضافة إلى ملفات أخرى لا تقل أهمية، مثل انضمامه إلى الاتحاد الأوروبي وإلى الحلف الأطلسي والمؤسسات السياسية والتجارية العالمية الأخرى.
بالاضافة الى ذلك، هناك مجموعة من الامور التي يجب حلها بين بريطانيا واسكتلندا، ابرزها، تتنازع إدنبرة ولندن على تقاسم ممتلكات التاج البريطاني بدءاً بالجنيه الاسترليني والديون وحتى الثروة النفطية الهائلة، وهذا ما تخشاه الاحزاب البريطانية.

ضغوط مالية

الى ذلك، حذرت العديد من الشركات المالية والمصرفية من عواقب انفصال اسكتلندا، حيث هدد العملاق المصرفي البنك الملكي الاسكتلندي بنقل مقره الى انجلترا اذا استقلّت اسكتلندا، وذلك في تصعيد للمؤسسات الكبرى في عالم الاعمال البريطاني ضد هذه الخطوة المحتملة، في حين حذر صندوق النقد من مغبة فوز المعسكر الذي يدعو الى الاستقلال.

كما حذرت شركات كبرى بشدة من مخاطر قطع هذا التحالف الذي يعود الى اكثر من 300 عام، فقد ضاعفت هذه المجموعات الجهود لتحذير الناخبين الاسكتلنديين من العواقب الاقتصادية غير الواضحة لانفصالهم عن بريطانيا، وذلك منذ نشر نتائج استطلاع للرأي تظهر تقارباً في نوايا التصويت لصالح دعاة الاستقلال.
واعتبر صندوق النقد الدولي أن التصويت بـ "نعم" في استفتاء استقلال اسكتلندا سيسبب حالة من الارتباك. وقد يثير خصوصاً ردود فعل "سلبية" في الاسواق، ولاسيما الاسواق المالية في المملكة المتحدة، حيث يتوقع أن ترتفع علاوة المخاطر على ديون بريطانيا المقدرة بنحو 1.2 تريليون جنيه إسترليني (1.9 تريليون دولار) في حال نقل بعض الديون إذا قامت دولة وليدة في اسكتلندا، كما سبق لوزارة الخزانة البريطانية أن حذرت العام الماضي من أن استقلال أسكتلندا سيخلف لها قطاعاً مالياً متضخماً، مما يعرضها لخطر أزمة بنكية شبيهة بما وقع في قبرص.
يذكر أن الجنيه الإسترليني هوى الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياته في عشرة اشهر، عندما تم تداوله عند مستوى 1.6052 دولار، وذلك مع تصاعد وتيرة المخاوف بسبب الاستفتاء التاريخي، وخسر 2.5% أمام الدولار منذ بداية الشهر وسط ارتفاع المخاوف.
ولن تصبح اسكتلندا دولة مستقلة إلا في العام 2016، وستجري عندها الانتخابات البرلمانية الأولى في البلاد يوم 5 مايو/أيار.
المساهمون