تواصل قوات الشرطة والأمن الإسرائيلية لليوم السابع على التوالي عمليات البحث عن الشاب الفلسطيني، نشأت محلم، الذي قام بعد ظهر الجمعة الماضي، بإطلاق النار باتجاه رواد مقهى في تل أبيب، ما أسفر عن مصرع إسرائيليين اثنين وقتل سائق تكسي عربي من مدينة اللد.
وتثير عمليات البحث والتمشيط المستمرة تساؤلات عدة حول دوافع تنفيذ العملية، خاصة وأن الشرطة الإسرائيلية تكتمت على شكوكها في كون ملحم هو من قتل السائق العربي من مدينة اللد، أمين شعبان، بعد ساعات قليلة من إطلاقه النار على رواد المقهى في تل أبيب.
وحاولت الشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية حتى يوم أمس الأربعاء، التكتم على شكوكها تلك، مما يثير أسئلة حول انعدام رغبتها بإعلان الأمر، كي لا يضعف محاولات الترويج لكون العملية لم تتم على خلفية قومية، في حال عرف أن القتيل الثالث مواطن فلسطيني.
اقرأ أيضاً: قلق في تل أبيب ونتنياهو يحرّض على العرب
وساهم هذا التكتم في الترويج لحملات التحريض ضد الفلسطينيين في الداخل، التي كان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو أول من أطلقها بعد العملية بساعات.
وقال نتنياهو، إنه لن يقبل بعد الآن "بواقع وجود دولة داخل دولة واحدة تحترم القانون والثانية لا يتم فرض القانون فيها"، معلناً أن "حكومته ستدخل القرى والبلدات العربية لفرض القانون وجمع السلاح غير المرخص".
لكن تصريحات نتنياهو التحريضية اصطدمت بما كشفته التحقيقات بعد ساعات، من أن منفذ العملية استعمل بندقية أوتوماتيكية من طراز "كارل غوستاف"، التي يملكها والده بشكل مرخص وقانوني كونه متطوعاً منذ أكثر من عقدين في صفوف الشرطة الإسرائيلية.
ولم يحل هذا الأمر دون إصرار نتنياهو على تحريضه، وتبعه في ذلك وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، الذي زعم أن عشرات آلاف القطع غير المرخصة من الأسلحة منتشرة في الداخل الفلسطيني، متجاهلاً مطالب أعضاء الكنيست العرب على مر العقد الأخير، السلطات الإسرائيلية بجمع السلاح غير المرخص من البلدات الفلسطينية في الداخل، خاصة وأن أكثر من 1000 فلسطيني قُتلوا في جرائم على خلفية جنائية بمثل هذه الأسلحة دون أن تحرك السلطات الإسرائيلية ساكناً.
اقرأ أيضاً: مقتل إسرائيليين بعملية إطلاق نار نفذها فلسطيني بتل أبيب
وساهمت أجواء التحريض هذه في مساعدة الشرطة الإسرائيلية على اقتحام شقق يسكنها عرب من الداخل في تل أبيب بحجة البحث عن نشأت ملحم، كما اقتحمت الشرطة مساكن الطلبة العرب في جامعة تل أبيب وأجرت عمليات تفتيش دقيقة لم تخل من مضايقة الطلاب والطالبات العربيات في مساكن الطلبة وفي الطرقات المحيطة بالحرم الجامعي، في رمات أفيف، حيث كانت السلطات الإسرائيلية تعتقد أن ملحم يختبئ فيها.
في غضون ذلك، ومع التكتم الذي يفرضه مفتش الشرطة الإسرائيلية، الجديد، روني الشيخ، الذي جاء من جهاز الشاباك الإسرائيلي إلى منصبه الحالي، فقد أقرت مصادر في الشرطة الإسرائيلية وأجهزة الأمن، بوجود تقديرات تفيد باحتمال تمكن نشأت ملحم من الوصول إلى أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية ذكرت، أن حكومة إسرائيل طلبت مساعدة السلطة الفلسطينية في البحث عن ملحم منذ مطلع الأسبوع.
اقرأ أيضاً إسرائيل وانهيار السلطة الفلسطينية: قلق العسكر ولا مبالاة السياسيين
في المقابل، طالب أهالي القتيل الفلسطيني أمين شعبان، الشرطة الإسرائيلية، بأن تسلمهم أشرطة التصوير التي كانت مركبة في الكاميرات الموضوعة بسيارة التكسي التي يملكها القتيل، لكن الشرطة رفضت ذلك.
ويثير هذا الرفض شكوكاً لدى العائلة من أن تكون الشرطة الإسرائيلية تخفي معلومات عن الحادث، وما يتوافق مع إعلان المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، أول أمس، أن الشرطة لن تقدم معلومات عن القضية وأن الأولوية الأولى هي للقبض على نشأت ملحم.
وتواصل الشرطة الإسرائيلية اعتقال والد ملحم، بادعاء أنه يشتبه فيه بالمشاركة في التخطيط للعملية ومساعدة ابنه، علماً بأن المحكمة أفرجت أمس عن شقيق ملحم وأحد أقاربه، كما حققت مع والدته.
وأكدت الوالدة أنها تعرضت خلال التحقيق لتهديد بهدم المنزل واعتقال أفراد الأسرة، فيما أعلن أقرباء لنشأت أن الهدف الرئيسي من هذه الاعتقالات هو الضغط عليه لتسليم نفسه.
اقرأ أيضاً: استشهاد شاب فلسطيني شمال الخليل..ومقتل إسرائيليين بعمليتين